كتبت فى هذا المكان من قبل سلسلة مقالات بعنوان ” المصريون وفقه الأولويات” تحدثت فيها حول التحديات والصعوبات التي واجهت الدولة المصرية في أعقاب ٢٥ يناير ٢٠١١ وما تلاها من أحداث وتقلبات ، بل ومؤامرات كادت أن تعصف بالبلاد وتهدم مؤسساتها الوطنية ، ولكن الله سلم وسخر لمصر شعبا وفيا وجيشا قوياً وشرطة أبية وقائدا مخلصاً فكانت ثورتنا العظيمة في الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ التى أزاحت الجماعة الإرهابية ورئيسها الفاشل واحبطت مخطط أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج وكانت مصر من الناجين بفضل الله وستره على المصريين ، ولن ابالغ اذا قلت على العرب ، بل والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
تذكرت ذلك بعدما استمعت إلى الكلمة القوية التي ألقاها الرئيس السيسى خلال الجلسة الرئيسية للقمة العالمية للحكومات التى استضافتها مدينة دبي مؤخراً ، حيث استعرض الرئيس السيسى التجربة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة والتي تعد بكل المقاييس إعجازا وكان فضل الله علينا عظيماً في نجاة هذا البلد مما كان يحاك ضده في السر والعلن.
وفى هذه السياق أكد الرئيس أنه عندما تولى مسؤولية قيادة البلاد منتصف ٢٠١٤ لم تكن هناك رفاهية الاختيار أو حتى تحديد أولويات للعمل ، بل على العكس تماما كان عليه التحرك بأقصى سرعة وفي عدة اتجاهات وخوض العديد من التحديات المتوازية بهدف إنقاذ البلاد والعباد وإفشال مخططات أهل الشر ، وكانت البداية عبر المواجهة الشرسة ضد جماعات الإرهاب التى كانت كما ذكرت في البداية تستهدف اسقاط الدولة المصرية وتفتيت مؤسساتها الوطنية ، فى نفس الوقت كان لزاما علينا خوض معركة أخرى لا تقل شراسة عن معركة البقاء ودحر الإرهاب لإنقاذ وحماية الوطن ، وهي معركة البناء والتنمية ، وفى مقدمة ذلك إنهاء أزمة الطاقة بشقيها الكهربائية والبترولية ، وبالفعل استطعنا خلال فترة قصيرة حل مشكلة الطاقة الكهربائية وتحويلها من عجز وصل الى ٤ آلاف ميجاوات عام ٢٠١٤ إلى فائض تجاوز ١٢ ألف ميجاوات حالياً ، وهو ما تم في المواد البترولية حيث تم القضاء على أزمات البوتاجاز والبنزين والأهم من ذلك إنهاء أزمة الشركاء الأجانب في البحث والتنقيب عن البترول ، وكانت النتيجة اكتشاف حقل ظهر الذي يعد واحدا من أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم وباتت مصر مركزا إقليميا للطاقة وبدأت منذ عام ٢٠١٩ تصدير الغاز الطبيعي بعدما حققت الاكتفاء الذاتي.
فى نفس الوقت خاضت مصر تحديا كبيرا من أجل توفير المسكن الملائم للمواطنين ، لا سيما محدودى الدخل وشرعت فى توفير مليون وحدة سكنية من خلال إقامة ٢٥ مدينة جديدة بمختلف أنحاء الجمهورية ، علاوة على إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة التي تقام على مساحة ١٢ ضعفا لما عليه القاهرة وذلك وفقا لأحدث النظم والتقنيات العالمية أو ما يعرف بالمدن الذكية.
التحدى الآخر الذي خاضته الدولة المصرية خلال تلك الفترة هو حماية صحة المصريين عبر إطلاق عدة مبادرات لعل
أهمها مبادرة القضاء على “بعبع فيروس سي” الذى كان يهدد حياة ١٧ مليون مصري وتم في اقل من ٥ سنوات
الاحتفال بمصر خالية من
هذا المرض اللعين، وكذلك مبادرة ١٠٠ مليون صحة التى استهدفت علاج امراض السكر والسمنة والتقزم وغيرها من
الأمراض التي كانت تهدد حياة المصريين.
وعلى نفس المنوال واجهت الدولة المصرية بقية التحديات فى إطار معركتى البقاء والبناء حيث تم مد وإحلال وتجديد
أكثر من ١٥ ألف كيلومتر طرقا ومحاور مرورية بشتى المحافظات بهدف تحقيق السيولة المرورية وكذلك خدمة حركة
الاستثمار الوطني و الأجنبى ، وكذلك فيما يتعلق بتحدى زيادة الرقعة الزراعية التي ظلت لعقود طويلة ثابتة عند ٥
ملايين فدان تم خلال الفترة القليلة الماضية زيادتها إلى ٧ ملايين فدان والمستهدف وصولها إلى ١٠ ملايين فدان
خلال العامين القادمين ، وهو ما يسهم بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية لا سيما القمح
والذرة والأرز والقطن وقصب السكر والبنجر وغيرها من المحاصيل الاستراتيجية.
ويبقى التحدى الأهم ومشروع القرن من وجهة نظري الذي شرعت في تنفيذه الدولة المصرية قبل ٣ سنوات هو
مشروع حياة كريمة الذى يستهدف توفير حياة كريمة لأكثر من ٦٠ مليون مصري فى القرى والنجوع والتوابع بالوجهين
القبلى والبحرى بتكلفة تصل إلى تريليون جنيه .
ورغم الأزمات التى ضربت العالم أجمع خلال السنوات الثلاث الماضية وفي مقدمتها جائحة كورونا والحرب الروسية
الأوكرانية وتأثيرها الكبير على اقتصاديات دول العالم المتقدم منها قبل النامى إلا أن مصر مازالت تواصل جهودها في
معركتى البقاء والبناء بنجاح كبير بفضل من الله ثم بصبر وتحمل شعبها العظيم لتداعيات تلك الأزمات ووقوفه سندا