عبد الناصر البنا يكتب : سوق الدراما جبر .. حدوتة كل عام !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
فى غضون شهر أو أقل يهل علينا شهر رمضان الكريم ، ذلك الشهر الذى أفرغناه عن عمد أو جهل من محتواه ، الدولة تحاول جاهدة أن توفر السلع لمواطنيها بأسعار مناسبة فى ظل موجة غلاء طاحن يقضى على الأخضر واليابس ، والمواطن فى هم وكرب خشية عدم توفير إحتياجات بيته فى رمضان ، وكأنما رمضان قد جاء للأكل والشراب بعيدا عن الغاية التى أرادها الله له ، ومابين هذا وذاك يهل علينا شهر رمضان هذا العام ب 25 عمل درامى منها عمل واحد فقط تاريخى هو الإمام الشافعى للفنان خالد النبوى !!
كم تكلفت هذه الأعمال ؟ الله وحده أعلم لأنه لم يصل بعد الرقم الحقيقى لـ سوق دراما رمضان هذا العام ، وعلى أية حال لن تقل التكلفة عن ستة وربما سبعة مليارات ، قياسا على دراما العام الماضى ونتيجة لحالة التضخم ، وإلى أن تصلنا هذه التكلفة ، دعونى أذكركم بأيام عشناها كان يأتى علينا رمضان بإثنين من الأعمال الدرامية أحدهما إجتماعى والثانى تاريخى أو دينى إلى جانب فوازير عمو فؤاد وفوازير نيللى أو شريهان ، وحديث الشيخ محمد متولى الشعراوى ، والجميل أنها كانت أعمالا هادفة ، بدليل أنها مازالت باقية حتى اليوم ولانمل من مشاهدتها وتكرارها ، والأجمل أنها صدرت قوتنا الناعمة إلى العالم العربى من المحيط إلى الخليج ، حتى جاء الوقت الذى سيطرت فيه الثقافة واللهجة المصرية ، وتسيدت العديد من الدول العربية ، وأصبح أى فنان عربى لابد وأن يأخذ شهادة مروره من القاهرة !!
ولكى لانبكى على اللبن المسكوب فقط أود أن أذكر الشركات التى تسيطر بل وتحتكر سوق الإنتاج الدرامى اليوم بالأعمال التى قدمها قطاع الإنتاج بإتحاد الإذاعة والتليفزيون فترة الثمانينات والتسعينات وحتى الألفية الثانية ، عندما كان العالم العربى كله من المحيط إلى الخليج ينتظر الدراما الرمضانية المصرية الهادفة ، والأعمال الفنية على مختلف مستويانها سواء كانت دراما ” دينية ، تاريخيه ، سياسية ، اجتماعية ، ثقافية كانت أو علمية مثل : محمد رسول الله فى أجزاءه الخمسة ، موسى بن نصير ، إبن تيمية ، والوطنيه منها مثل : رأفت الهجان ـ دموع فى عيون وقحة .. إلخ ، والفوزاير بما فيها من إبهار يصنعه الراحل فهمى عبدالحميد رغم قلة الإمكانيات وقتها ، وبالقطع كانت هناك أعمالا كوميدية ودراما إجتماعية مثل : ليالى الحلمية ، هوانم جاردن سيتى ، أوراق مصرية .. وغيرها من الأعمال التى إستحقت أن يطلق عليها القوة الناعمة المصرية .
والسؤال : من منكم يتذكر مسلسل واحد فقط هادف طوال السنوات العشر الأخيرة على الرغم مما أنفق عليها من أموال ؟ ولعل المتابع لـ ” غالبية ” هذه الأعمال سوف يتأكد أنها لم تحمل أية رسالة ، أو فنا ، فهى لا تحض على فضيلة ، ولا تنهى عن رذيلة ، وإنما تلهث وراء المتعة والإثارة ، وتخترق القيم وتنتهك الأخلاق بكل مافيها من ألفاظ سوقية تخدش الحياء العام ، وماخفى يعف اللسان عن ذكره ، بخلاف العرى والجنس والمخدرات .. إلخ .
نعم قد نكون قد إفتقدنا لـ جيل من الكتاب والمبدعين كانوا يحملون أمانة الكلمة ومسئوليتها أمثال ” محفوظ عبدالرحمن ـ أسامه أنور عكاشة ـ محمد صفاء عامر ـ وحيد حامد .. وغيرهم من المبدعين فى زمن الفن الجميل ” عندما كانت الدراما تتناول قضايا حقيقية يتم معالجتها بدراسة وحكمة . قد نكون قد إفتقدنا دور الدولة فى دعم الأنتاج الفنى ، وخاصه بعد إلغاء قطاع الإنتاج فى إتحاد الإذاعة والتليفزيون ، وتلك ” كارثة ” قد لايسع المقام لـ شرحها ، والنتيجة لاتخفى على أحد اليوم .
فى حديث أسرى تحدثت معى زوجتى بصوت لايخلو من الحزن والأسى عن الأعمال الدرامية التى تبث عبر قنواتنا الفضائية ومنها مسلسل ” أزمة منتصف العمر ” أما سبب إنزعاجها أنه عمل يتنافى مع قيم وأخلاق المجتمع ، فالعمل لايخلو من من الخيانة والعلاقات الشاذة والمحرمة والخروج على عادات المجتمع وتقاليده كان تذهب البنت لتقيم مع صديقتها المتزوجة وهى ترتدى ثياب غير لائقه ، والام التى تقيم علاقة مع زوج إبنتها تماما كما شاهدنا فى مسلسل ” دنيا تانية ” الذى أوقف عرضه العام الماضى لما حواه من زنا المحارم .. إلخ
إن من يزعم أنها حرية تعبير أو أن الدراما هى فن تجسيد الواقع ، وأن تلك النماذج موجودة فى المجتمع ، فلماذا
التركيز على تلك النماذج الشاذة ؟ ولماذا نختار تلك النماذج تحديدا من الواقع إن كان ذلك بالفعل موجود ؟ وهل
المجتمعات التى تجاورنا فى المشرق أو المغرب تخلو من الشذوذ والرزيله ، هل شاهدنا عمل واحد ألقى الضوء على
المثلية أو الشذوذ فى تلك المجتمعات .. مجرد سؤال ؟!!
وأود أن أقول أن الإفراط فى تناول الأعمال الوطنية هو سلاح ذو حدين نعم قد ينمى قيم الولاء والإنتماء لكن المبالغة
فيه قد تنقلب إلى ضدها ، تماما مثل كثرة الحديث عن جماعه الإخوان وخيانتها لوطنها وجعلها شماعه لـ أغلب
مشاكلنا (قد) يثير التعاطف معها ، خاصة من الأجيال الحالية التى لاتقرأ ، والتى من السهل اللعب فى عقولها بأفكار
مغلوطة ، وهو ماتجيد الجماعة اللعب عليه من مداخل عده منها الدين وأيضا من باب تصيد الـ أخطاء للدولة ، خاصة
وأنهم يجيدوا اللعب فى هذه المنطقة بإتقان شديد ، فى وقت نعلم جميعا حال إعلامنا الذى لاحول له ولاقوة .
ويبقى السؤال : ماذا لو جاء رمضان لا أقول هذا العام وإنما أقول فى الأعوام القادمة بدون مسلسلات أو أعمال دراميه
وبرامج تافهه وعذرا ” هلس ” لاطائل منه ولا عائد غير إنفاق غير مبرر للمال وهدم للقيم والأخلاق ؟ ماذا لو جاء بدون
طوفان الاعلانات لشركات المحمول التى يقدر حجم الـ إنفاق عليها بالملايين فى الوقت الذى تسوء فيه خدمتها يوما
بعد يوم ؟ وماذا لو أنفقت تلم الملايين فى بناء المدارس أو المستشفيات !!
والله لو تحقق ذلك فلن يحدث شيئا ، لأنه والله لـ سفه غير مبرر فى بلد وبكل أسف يئن فيه المواطن من شظف
العيش ، بلد تعانى من التضخم الذى بلغ مداه ، ومن وإرتفاع الأسعار ، وحتى لانندم فى وقت لاينفع فيه الندم وبدلا
من أن نقول : أهلا شهر الصوم والعبادة والعودة إلى الله نقول : أهلا شهر العرى والجنس والخيانة والمخدرات ،
والدراما الخادشة للحياء العام .. يرحمكم الله .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.