حكاية الشهيد أبانوب كما نشرت بكتاب “حكايات الولاد والأرض”

أهالى أسيوط يزفون الشهيد أبانوب صباح عيد الفطر بكنيسة العذراء

كتب ـ محمد نبيل :

هى الأرض التى نحكى عنها وهم أولادها أبطال الحكايات، تحتضن هذه الأرض أولادها متى شاءت، هى الأم

التى تكحل عيناها بفرحة أولادها، وهؤلاء الأولاد يروحون ويجيئون بين ذراعيها، تتوه البطولة تحت عنوان من يحمى من؟!

هل هى الأرض الأم التى تحمى أولادها ؟ أم هم الأولاد اللذين يحمون أرضهم .. أمهم؟

نهاية تتشابك الصفات بين الأرض الأم وأولادها، فكما هى منذ بدء الوجود كانت مصر، هكذا كانت صفات أولادها

المستمدة من الأخلاق والقيم والمبادىء وجميعهم كطبقات الأرض المتراكبة المتتالية عبر الأزمنة, تتشابك صفات الأولاد

وتتشابه حتى تشبه جميع الفروع شجرتها, ولم لا وقد قال سيمون نايوفتس أن “مصر أصل الشجرة “، لن تجد هذا الزفاف لعريس

فى هذا اليوم إلا فى مصر, والحكاية على ربابة صعيد مصر, أن أهالى أسيوط خرجوا عن بكرة أبيهم يحتفلون فى عيد الفطر

بزفاف عريس السماء الشهيد البطل المجند المقاتل أبانوب ناجح مرزق عطية ابن قرية بنى قرة بمركز القوصية محافظة أسيوط,

وفى مشهد حضارى وتلقائى وعفوى يعطى المصريون للإنسانية درساً فى التحضر والرقى البشرى الذى لم يصل لدرجته

من السمو الإنسانى سوى المصريين, فلا كاميرا يتجمل أمام وميضها أحد, ولا ميكروفون يتشدق عبر أثيره آخر,

إنما هى حقيقة المصريين يصلون عيد الفطر فى كنيسة العذراء والأنبا كراس فى بنى قرة مسقط رأس البطل,

بل قل إن شئت مصعد رأس الشهيد , وينتهى الجدل المفتعل عند صاحبه وحده , فمن يقول إن بين المصريين فتنة , هو وحده من يصنعها

وهو فقط من يراها لأنها بداخله وحده وليست لها بيننا ماصدق وما دل على وجودها الزائف.

الشجعان عندما يذهبون دفاعا عن الأرض تهون الروح

الحكاية تشبه فى تفاصيلها كل حكايات الأولاد الشجعان عندما يذهبون دفاعا عن الأرض تهون الروح فى سبيل تلك الأم وهذه الأرض,

وعلى لسان أحد البسطاء العظماء ممن أدوا واجبهم تجاه الوطن وهو الأب الصابر المحتسب شنودة مرزق عطية والد الشهيد أبانوب ,

الشاب المحب لأهله والخدوم لجيرانه حتى أنه عندما احترف صنعة الكهربائى ليقتات يومه ويعين والده على حياة لا يحلوا فيها إلا الكد والاجتهاد

والعمل , فكان كثيرا ما يتنازل عن مقابل إصلاح الأجهزة الكهربائية أو تركيب اللمبات للأسر التى يرى أنها يكفيها من موازين الكد صاعا

ولا ينبغى أن يزيد ميزانهم صاعا من النفقة , فيتنازل ابن القرية عن أجرته التى يحتاجها , والتى هى حقه أمام مايراه من حق الجار عليه ,

من هنا يبدأ المساعد شرطة ناجح البطل والد البطل حكاية شهيده: “أبانوب اتولد فى 5 سبتمبر 1995 بقريتنا قرية بنى قرة بمركز القوصية

فى محافظة أسيوط , بين أخيه الأكبر شنودة واخته الوحيدة مريم و أخيه الكبير جرجس حتى يأتى الأصغر أبانوب رابع أخوته ,

وأبانوب من صغره وهو شديد التعلق بالكنيسة ويتمسك بالتعاليم الدينية حتى يكون رجل صالح”.

ويبكى الوالد المكلوم فى صغيره , ويقول: “الموت بيختار أحسن من فينا , أبانوب كان صغير لكن كلامه وأفعاله تمام كأنه كبير ,

وهو فعلا اتولد كبير فى كل تصرفاته , كان يحب أخواته ويفضلهم على نفسه وكان يساعد جيرانه وكأنهم أهله”

ويسأل الرجل نفسه متمتما: “وكيف مش أهله ؟ يا ناجح ! ما كلنا أهل فى بعضينا, والله يا خوى اللى يدور ع السلسال يلاجينا اخوات”.

ويعود عم ناجح للحكاية من جديد : “أبانوب كان يحب التعليم والدراسة وحصل الشهيد على شهادة دبلوم الثانوى الصناعى ٢٠١٤,

والتحق بمعهد التمريض ٢٠١٥ وتخرج ٢٠١٧, ورمح ع الخدمة بالجيش رميح , ولما سألته جالى:

يابوى الجيش للرجالة وولدك راجل من ضهر راجل”.

زفرات تكاد تزيح جبل أسيوط

ويصمت الرجل البطل لثوان يطلق بعدها زفرات تكاد تزيح جبل أسيوط وتبرق عيناه بالغالى ودموع الرجال ما أغلاها ,

ويستكمل حكيه عن شهيده: “راح ولدى الخدمة العسكرية بتاريخ ٧/ ١٠/ ٢٠١٧ , وتجريبا عدى حولين كاملين وشهر يونية بعد السنتين

كان ميعاد البطل يكون عريس, أبانوب ولدى استشهد فى ٥ / ٦ / ٢٠١٩ الموافق يوم الأربعاء يوم عيد الفطر وعلى أرض سينا ”

ويوجه والد الشهيد سؤاله: “بالذمة فى أجمل من إكدة , ولدى حب سينا والجيش فكان شهيد الجيش فى سيناء , وحب أهل بلده كلهم ,

جلبه ما فرجش بين مسيحى ومسلم كيه ما بيجولوا الجماعة الأباعد , وربنا جمع لفرحه كل حبايبه مسيحيين ومسلمين ما فيش فرج بناتهم ,

وكمان ربنا إدى ولدى تكريم عشان صدجه وإخلاصه، ولدى حب ربه فربه كرمه فى عيد الفطر وفى الكنيسة اللى عبده فيها ”

يرفع والد الشهيد يده إلى ربه يناجيه: “نحمد الله .. نحمد الله ونشكر ربنا “.

ويستكمل الوالد عم ناجح حكاية البطل أبانوب: ” ولدى كان طيب مع اخواته ويحب أمه جدا وكلنا نحبه , كمان كان زكى ولماح ,

وسريع الرد كيف الطلقات إنما رد عاجل رزين كأنك تتحدث مع راجل فوج الأربعين سنة ,,, آاااه يا ولدى ما يغلاش على بلده”.

ويكمل: “تعرف ولدى أبانوب كان يجرا فى الإنجيل ويزور الأديرة والكنائس وكان فى البيت يحب يسمع ترانيم المرنم ماهر فايز,

وله فى كل بلد اصحاب , مش فى الجوصية بس , لا , فى ديروط والبدارى وغيرهم وكمان فى ملوى فى المنيا وساجولته فى سوهاج ,

وفى كل مكان كان له أحباب , وكان يعيد على المسيحيين والمسلمين كله فى عيده, كان اجتماعى يحب الناس والناس تحبه”.

كل زمايله تحبه وجونى فى عزاه

ويحكى عن فترة التجنيد: ” سنتين ولدى جضاهم بالجيش ما خدش يوم جزا , وكل زمايله تحبه وجونى فى عزاه جالوا: يا عمنا

ولدك راجل استجبل الموت وهو عم بيضحك ماخيفش , ويوم عيد الفطر حصل ضرب نار على كمين قبل الكمين بتاع ولدى الساعة ٥ الصبح ,

وتم استدعاء الرجالة ومنهم ولدى أبانوب, كيف دعم يعنى لكمين بطل ١٤ وكان ولدى أبانوب كان سواج دبابة, وعرفت من زملاته

إن الضابط ما كانش راضى ياخد أبانوب بالدعم لأنه كان نازل اجازة لكن ولدى أبانوب صر على انه يرمح مع زملاته

لنجدتة رجالة كمين 14 وطلع على الدبابة وجال هيه ديه ساعتى وجال الله معنا احنا منخفش من حد وهو رايح بالدبابة كان بيقول لزاميلو:

متخفوش احنا ربنا معنا, وحكى لى الولد فى العزاء إنه وهو رايح كان فى ضرب نار شديد عليهم من كل حتة كان بيرتل وهو سايج الإنجيل

وكان يقول ربنا معنا” ويقتخر الرجل بولده ويرفع رأسه تناطح السحاب: “ولدى انقذ اتنين من زملاته كانت خلصت الذخيرة تبعهم ,

وضرب واحد تكفيرى وشالوه وحطوه فوج الدبابة وكان فرحان لما جتل التكفيرى وهو ماشى بالدبابة انفجرت عبوة ناسفة شظية أصابته

فى الرأس قبل وفاتة زملاته شافوه فرحان ومبتسم ونال الشهادة يوم ٥ / ٦ /٢٠١٩ الساعة ١٢”.

ولدى أبانوب بطل راجل ما خافش من الموت

ويتوقف ليتنهد ويقول :” ولدى أبانوب بطل راجل ما خافش من الموت اتلجاه وهو فرحان , عريس , هو كان عارف انه حا يبجى عريس ,

وعرفت خبر استشهاد ولدى متأخر من واحد زميله كان جريب منه, يوم استشهاده ماحدش كان قادر يستحمل الخبر كانت صدمة شديدة جدا

كان بكاء شديد من مسيحى ومسلم كان محبوب من كل الناس، والجيش عمل له الجنازة كانت جنازة عسكرية وكان الناس كلتهم من جميع

القرى والمراكز المجاورة , كانت جنازة تليق للشهيد البطل أبانوب ناجح مرزق عطية, وكانت الصلاة على الشهيد فى كنيسة العذراء

والأنبا كراس فى بنى قرة مسقط راسه وسط حضور كبير من جميع الناس, كانت حالة انهيار وبكاء من أمه واخواته والجيران,

البلد كرمت ولدى الشهيد أبانوب ناجح مرزق عطية برفع اسمه على الكوبرى فى بلد الشهيد كوبرى على خط القوصية – أسيوط ,

وكنيسة العذراء والأنبا كراس خصصت الدور الثالث باسم الشهيد أبانوب ناجح مرزق عطية, وكمان تم تسمية النادى الرياضى

فى كنيسة بنى قرة الإنجيلية النادى الرياضى باسم الشهيد البطل أبانوب ناجح مرزق عطية , ولدى استشهد أول يوم العيد الأربعاء

واندفن الخميس ٦ / ٦ / ٢٠١٩ يعنى كلها أيام عيد, والعيد الكبير لما تخلص مصر من التكفيريين إن شاء الله عن جريب”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.