من أكثر الأشياء التى كانت تلفت انتباهى خلال زيارتى لأى دولة أوروبية أو فى الولايات المتحدة الأمريكية الاهتمام بالقراءة والمعرفة، وهذا ليس قاصراً على النخبة أو المثقفين فقط وإنما المواطن البسيط تراه مهتما بالقراءة والاطلاع طوال الوقت، لدرجة أن سائق الأتوبيس أو السيارة التى كانت تقلنا فى زيارتنا من مكان لآخر كان ينتهز فرصة أى توقف وتجده ممسكاً بكتاب ويقرأ فيه حتى لو كان التوقف فى إشارة المرور لدقائق، بل ثوان معدودات!!
هذا الأمر شاهدته أيضا فى الصين واليابان، وكذلك الهند وماليزيا وغيرها من الدول التى زرتها شرقاً وغرباً وهو ما انعكس بشكل كبير على تقدم ورقى تلك الدول وتميز مواطنيها عن بقية شعوب العالم، فالقراءة والاطلاع أساس أى تقدم، ولذلك كنت ولا أزال أحلم بأن أرى شبابنا وتلاميذنا مهتمين بالقراءة والاطلاع، لاسيما الكتاب الذى أراه قيمة صعب الاستغناء عنها مهما تقدمت وسائل المعرفة والاطلاع الإلكترونى أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
حسنا فعلت وزارة الثقافة بقيادة الوزيرة المجتهدة والصديقة العزيزة دكتورة نيفين الكيلانى هذا العام باطلاق العديد من المبادرات خلال معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى انطلقت فعالياته الاسبوع الماضى وتستمر حتى منتصف فبراير الحالى بهدف جذب القراء من شتى الأعمار والفئات مع توفير وسائل مواصلات لنقل الرواد من وإلى المعرض وبأسعار مخفضة وهو ما انعكس على زيادة أعداد الزوار حيث تجاوزوا المليون زائر خلال أول ٥ أيام فقط، وهو رقم يدعو للتفاؤل ويؤكد مدى اهتمام المواطن المصرى بالقراءة والاطلاع، علاوة على استغلال المعرض كفرصة لتبادل الرؤى والأفكار داخل الندوات والفعاليات الكثيرة التي يتضمنها المعرض فى دورته الرابعة والخمسين بمشاركة أكثر من ٠٥٠١ ناشراً من مختلف بلدان العالم.
نعم كنت ومازلت أتمنى أن أرى أولادنا يهتمون بالقراءة والاطلاع طوال العام وليس فى معرض الكتاب فقط وهذا هو التحدى الذى يجب علينا جميعا التعاون من أجل تحقيقه خاصة فيما يتعلق بالأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام بشتى أنواعها، وأخص هنا بالذكر المدارس التى يجب أن تعود إلى سابق عهدها من حيث توافر المكتبات المدرسية وتزويدها بالكتب القيمة فى مختلف المجالات وتيسير تقديمها للتلاميذ للاطلاع سواء داخل المدرسة أو فى المنازل، مع الاخذ فى الاعتبار ضرورة تخفيف المقررات المدرسية اليومية حتى نترك الفرصة أمام أبنائنا للقراءة والاطلاع من أجل التثقيف والمعرفة وليس جمع المعلومات وحفظ المقررات المدرسية بهدف الحصول على أعلى الدرجات ويذهب كل ذلك بعد الانتهاء من الامتحانات، وليكن شعارنا جميعا على الأقل خلال الأسبوعين الحاليين.. هيا بنا نقرأ.