لا حديث يعلو فى بر المحروسة طوال الأسبوع الماضى وما سبقه على صوت ” الدولار ” والحالة الإقتصادية الصعبة التى يعيشها الشعب المصرى ، والإرتفاع الغير عادى فى أسعار السلع والخدمات ، وسط حاله من السخرية على تلك الأوضاع فى الـ Social Media ووسائل التواصل الإجتماعى كعادة الشعب المصرى فى تلك الظروف .
الجمعة الماضية إستقبلت جموع المصريين بأكف مرفوعة إلى السماء وأيدى على القلوب إجتماع المجلس التنفيذى لـ ” صندوق النقد الدولى ” الذى ناقش فيه طلب مصر إتمام الإتفاق على تمويل بقيمة 3 مليار دولار ضمن برنامج إصلاح إقتصادى يمتد لـ 4 سنوات .
ولكن دعونا نتفق فى البداية على أن موافقة ” صندوق النقد الدولى ” على التمويل الجديد وصرف القسط الأول منه وفقا لـ متخصصين لم يكن لـ يتم إلا إذا كان هناك تعهدا من جانب مصر بسعر صوف مرن حقيقى ، والموافقة على إلغاء مبادرات التمويل ذات الفائدة المنخفضة ، ونقل بعضها إلى وزارة المالية ، بالإضافة إلى تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة ، وهى الشروط التى سبق لـ الصندوق طلبها من مصر ، هذا مع الوضع فى الإعتبار أن حجم الدين الخارجى لمصر كما هو معلن يمثل نحو 34.2 % من الناتج المحلى الإجمالى ، ووفقا لـ متخصصين أننا مازلنا فى ” الحدود الآمنه ” .
على الجانب الآخر البنك المركزى أعلن فى الأسبوع الماضى أن الجهاز المصرفى نجح فى تدبير سيولة دولارية تزيد عن 4.5 مليار دولار لفتح إعتمادات مستنديه ، ووفقا ” لوكاله أ.ش.أ ” أن مصر سددت الشهر الماضى 1.5 مليار دولار مدفوعات مرتبطة بالديون الخارجية للدولة . فى الوقت الذى تقدر فيه وكالة ” بلومبرج ” فى المقابل أن قيمة السلع المحتجزة فى الموانى المصرية بسبب عدم توفر الدولار بما يصل إلى 6 مليارات دولار ، حيث تواجه قطاعات صناعية عديدة إضطرابا شديدا بسبب نقص مدخلات الإنتاج بخلاف مشاكل قطاعات ” الدواجن والتسمين والحديد والأسمنت والسيارات .. وغيرها ” .
والحقيقة أن هناك حالة ترقب شديدة وقلق لـ قرارات قد يصدرها البنك المركزى برقع سعر الفائدة ، ومزيدا من خفض لقيمة الجنيه أو مايسمى ” تعويم ” الجنيه للمرة الثالثة على التوالى هذا العام ، والمأزق هو أنه لو تم تحريك سعر الصرف الرسمى ، فإنه سوف يؤدى إلى إتساع الفجوة فى السعر بين السوق الرسمية وغير الرسمية لعدم وجود سيولة دولارية ، وهذا يعنى كأنما ندور فى حلقة مفرغة .
وأصل الحكاية يعود إلى إتساع الفجوة بين السعر الرسمى للدولار فى البنوك المصرية الذى يتأرجح حول الـ 24.70 ج ، ونظيره فى السوق الموازية الذى تخطى حاجز الـ 30 جنيه . إلى 36 جنيه . ومن أبرز هذه الأشياء أن مصر لديها مشكلة كبيرة وهى عدم وجود سيولة دولارية ، ويمكننا أن نقول أن هناك ” شح ” كبير فى الدولارات ، على الرغم من إرتفاع إحتياطى مصر من النقد الأجنبى خلال شهر نوفمبر بنحو 121 مليون دولار ليسجل 33.352 مليار دولار ، منها ودائع مالية خليجية لدى البنك المركزى المصرى تقدر بنحو 28 مليار دولار وحسنا فعلت بعض الدول ” السعودية والإمارات ” عندما قررت تجديد ودائعها المالية دى البنك المركزى ,
بقى أن أشير إلى أن إيرادات مصر من النقد الأجنبى تشهد والحمد لله تحسنا ملحوظا فى الفترة
الأخيرة سواء من خلال زيادة فى ” الصادرات المصرية ” أو إيرادات ” السياحة ” التى نأمل أن تحقق
المأمول منها خاصة فى ظل التحسن الشديد الذى تشهده مصر فى الطرق والبنى التحتية ،
وما يتم إنفاقه على هذا القطاع تحديا ، هذا بالإضافة إلى نمو عائدات ” قناة السويس ” التى أثير
مؤخرا اللغط والجدل الشديد حولها بسبب مشروع قانون قناة السويس الجديد المتضمن إنشاء
صندوق تابع لهيئة قناة السويس لـ تمكين الهيئة من مواجهة الأزمات ، وهو المشروع الذى أرعب
المصريين خشية بيع الدولة لـ قناة السويس ، وزيادة الإيرادات ، أيضا لـ إرتفاع قيمة الذهب المدرج
بإحتياطى النقد الأجنبى ، إضافة إلى جذب الـ إستثمارات ، ويذكر أن مصر جذبت فى الفترة الأخيرة
إستثمارات خليجية تجاوزت الـ 4 مليار دولار ،
هناك مثل يقول ” إذا عطست أمريكا .. أصيب العالم كله بالزكام ” الأسبوع الماضى أعلن المجلس
الفيدرالي الأمريكي عن رفع سعر الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس ، وذكر وقتها أن السبب فى ذلك
هو من أجل ضمان الحفاظ على التضخم الأمريكي . وبسبب ارتفاع البطالة وتوقف النمو الاقتصادي
.. إلخ ، لكن السؤال : ماهو مردود رفع الفيدرالى الأمريكى لـ سعر الفائدة على الإقتصاد المصرى
والجنيه ؟
فى هذا الشأن يشير البعض إلى أن ذلك قد يكون له تأثير مباشر على زيادة نسبة التضخم ، يذكر
أن التضخم السنوي سجل فى نوفمبر الماضى 19.2% ، ومن المتوقع أن يرتفع معدل التضخم في
الربع الأول من العام القادم 2023 ، إلى نطاق يتراوح بين 25% و 27% إذا استمرت أزمة العملة
الأجنبية .
وبعيد عن الجدل الدائر حول الدولار ووجود أكثر من سعر له فى السوق الموازى أو ” السوداء “
أهيب بالدولة المصرية أن يكون هناك مرونة أكثر فيما يخص مسألة السحب والإيداع بالنسبة للدولار
فى البنوك ، وأن يكون هناك سيطرة أكثر على سعر الدولار فى السوق السوداء ، وأن تضرب الدولة
بقوة ، وبيد من حديد على المفسدين فى الأرض ، سواء كانوا تجارا لـ العملة فى السوق الموازية ،
أو محتكرين للسلع ، أو مايلحق بها من أفعال تشكل فسادا فى الأرض ، تصديقا للآية الكريمة {