الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : انفض العُرس.. وبقى الدرس!!
أُسدل مساء الأحد الماضى الستار على منافسات كأس العالم الذى استضافته دولة قطر على مدى 28 يوماً من المتعة والجمال وهو ما جعله واحداً من أكثر المونديالات قوة وإثارة إن لم يكن أكثرها على الإطلاق، سواء من حيث المستوى الفنى والمهارى للفرق المتنافسة أو من حيث الأهداف التى سجلت خلال المباريات والتى وصلت إلى 175 هدفاً وتفوقت عن مونديال روسيا 2018، وكذلك عدد الجماهير التى شاهدت البطولة وتجاوز عددها ٤ ملايين شخص جاءوا من مختلف بلدان العالم لمتابعة مونديال قطر أو »مونديال ميسى« كما أطلق عليه البعض بعد فوز الأرجنتين بقيادة النجم ميسى بكأس البطولة عقب تغلبها على المنتخب الفرنسى بركلات الترجيح فى واحد من أجمل النهائيات على الإطلاق منذ انطلاق أول بطولة لكأس العالم فى الأرجواى عام 1930.
نعم انتهى المونديال الممتع فنياً والأفضل تنظيمياً، ولكن تبقى هناك العديد من الدروس التى يمكن الاستفادة منها والتوقف أمامها طويلاً خلال الفترة المقبلة، ولعل فى مقدمتها كما ذكرت حُسن التنظيم الذى تفوقت فيه دولة قطر على نفسها واستطاعت تغيير الصورة بشكل كبير عن الدول الصغيرة أو الدول بشكل عام خارج أوروبا والأمريكيتين، إذا ما توافرت الإرادة والإدارة الجيدة لأى عمل وهو ما ظهر أيضاً خلال تنظيم مصر واستضافتها لمؤتمر المناخ »COP27« بمدينة شرم الشيخ مطلع الشهر الماضى وحقق نجاحاً كبيراً وغير مسبوق تماماً كما حدث فى مونديال قطر وهما بمناسبة شهادة نجاح عربية يمكن البناء عليها لاستضافة وتنظيم أحداث عالمية مماثلة فى المستقبل سواء فى الرياضة أو غيرها من الأنشطة والمجالات.
الدرس الآخر المهم الذى أفرزه مونديال قطر، هو ظهور فرق قوية استطاعت منافسة منتخبات أوروبا وأمريكا اللاتينية بل والتفوق عليها، التى بدأت بفوز المنتخب السعودى على نظيره الأرجنتينى بطل النشخة القطرية فى افتتاح البطولة، ثم فوز تونس على فرنسا وفوز الكاميرون على البرازيل، وكانت المفاجأة الكبرى والحدث الأهم وغير المسبوق والإنجاز التاريخى الذى حققه المنتخب المغربى الشقيق، كأول فريق عربى وأفريقى يصل إلى المربع الذهبى فى كأس العالم بعد تفوقه على أسبانيا وبلجيكا والبرتغال، وهو ما رفع سقف الطموح لدى المنتخبات العربية، بل والأفريقية والآسيوية فى إمكانية الفوز بالكأس العالمية، ولما لا والمغرب كانت قاب قوسين أو أدنى للوصول للمباراة النهائية لولا بعض الأخطاء التحكيمية والفنية التى أثرت بشكل كبير على نتيجة المباراة التى فاز فيها المنتخب الفرنسى بهدفين دون رد.
هناك أيضاً درس مهم ظهر جلياً خلال منافسات كأس العالم، بل وقبل انطلاق المنافسات وكان له بالغ الأثر على نتائج بعض الفرق وهو اقحام السياسة فى الرياضة، خاصة فيما يتعلق بإصرار لاعبى المنتخب الألمانى على دعم »المثليين« والشذوذ الجنسى، بدأت بوضع لافتة على طائرة المنتخب مما دفع المسئولين القطريين إلى عدم السماح لها بالهبوط بالدوحة وتوجهها إلى سلطنة عمان وتم تغيير الطائرة، وواصل لاعبو المنتخب الألمانى انشغالهم بتلك القضية الشاذة خلال افتتاح مشوارهم أمام المنتخب اليابانى وكانت النتيجة خسارتهم المباراة ثم خروجهم المهين للمرة الثانية على التوالى من الأدوار الأولى للمونديال!!
نأتى للدرس الأهم من وجهة نظرى فى هذا المونديال الاستثنائى وهو تجلى الروح والعزيمة والإخلاص وبذل الجهد والعرق من أجل تقديم أفضل مستوى مهارى وفنى خلال البطولة وأخص هنا المنتخب المغربى الشقيق الذى ضرب مثالاً يحتذى فى الروح والعزيمة وتغليب مصلحة الفرق على الأفراد، وكذلك روح المحبة والبر بالوالدين الذى ظهر من جميع اللاعبين، بل والجهاز الفنى وهو ما أضفى أثراً طيباً لدى المشاركين فى البطولة، بل ومتابعيها حول العالم، وكذلك قوة وتصميم المنتخب الأرجنتينى لاعبين وإدارة فنية للفوز بالبطولة من أجل عيون »ميسى« ليختتم مسيرته الفريدة برفع »الأميرة العالمية« وهو ما تحقق فى النهاية، وتابعنا جميعاً حب لاعبى الأرجنتين وجهازهم الفنى للفتى الذهبى والتفافهم حوله طوال منافسات البطولة حتى حمل الكأس بعد الفوز على المنتخب الفرنسى، وللأسف كان على النقيض من ذلك تعامل منتخب البرتغال مع النجم العالمى »رونالدو« خاصة من جانب المدرب الذى وضعه على »كرسى الاحتياطى« خلال مباراتى الدور السادس وع ربعشر وربع النهائى وكانت النتيجة خسارة الفريق وتوديعه للمونديال وتحطيم حلم رونالدو فى حمل كأس العالم، وربما اعتزاله كرة القدم على الأقل دولياً.