أختتم هذه السلسلة من الكتابات حول السيدات الأولى فى المجتمع المصرى بسيدتين كانتا مغمورتين ولم تنالا حظا من الشهرة والأضواء ، رغم المكانه التى وصل إليها زوج كل منهن ، كونه رئيسا لجمهورية مصر العربية
الأولى : هى السيدة تحية محمد كاظم أو تحية عبد الناصر ، زوجة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر . أما الثانية : هى السيدة عائشة لبيب أو عائشة نجيب ، وهي زوجة اللواء محمد نجيب أول رئيس لـجمهورية مصر العربية ووالدة ابنائه ( فاروق ، علي ، يوسف ) .
ولدت السيدة تحية كاظم فى القاهرة عام 1920 م لأب كان يعمل تاجرا ويقيم فى مدينة الأسكندرية ويعود لـ أصول إيرانية ، ووالده مصرية الأصل من مدينة طنطا ، توفى والدها وهى إبنة الـ 11 عاما من عمرها ، ولحقت به أمها بعد عامين من وفاته ، عاشت السيدة تحية كاظم في بيت شقيقها الأكبر عبد الحميد ، وشقيقتها منيرة ، بعد وفاة والدهم ، حيث تابعت تربيه شقيقتها الكبرى .
فى عام 1944 م تزوجت السيدة تحية كاظم من جمال عبد الناصر زواجا تقليديا ، بدأت قصته من خلال تردد جمال عبدالناصر على أخيها ” عبدالحميد ” الذى كانت تربطه به صداقة قوية ، وكانت تحية شابه رقيقة الملامح وهادئه الطباع ، ويقال أن السيدة تحية كاظم كانت تجهل تحركات زوجها السياسية فترة قبل الثورة ، وبعد نجاح ثورة يوليو 1952 م ونزول الجيش إلى الشوارع ، تأكدت من حقيقة الأمر ، وخاصة بعد سماعها بيان الثورة الذى قرأه السادات .
فرحت تحية كاظم كثيرًا بالنجاح الذى حققه زوجها الزعيم جمال عبد الناصر ، ورفاقه من الضباط الأحرار ، على الرغم من شعورها بالقلق الشديد عليه . وظلت تحية كاظم زوجة للرئيس جمال عبدالناصر الذى كان أحد القاده البارزين لـ ثورة يوليو 1952 م ، والذى تولى حكم مصر فى الفترة 25 يونيه 1956 : 28 سبتمبر 1970م . وأما لـ أولاده الذكور ” خالد ، عبد الحميد ، عبد الحكيم ــ والإناث : هدى ، منى ” ، وطوال تلك الفترة كانت تحية كاظم سيدة تتمتع بأناقة بسيطة ، وظلت طوال فتره حكم زوجها ، زوجة مغمورة على الرغم من نشر مذكراتها مع الرئيس جمال عبدالناصر بعد رحيله .
وتحية عبدالناصر كأى زوجة مصرية أصيلة وقفت إلى جوار زوجها الزعيم الراحل فى كل إنتصاراته وإنكساراته ، ودعمت زوجها الراحل حتى النهايه ، ووقفت إلى جانبه تمنحه القوة ودفء المشاعر التى أعانته على مواجهة الصعاب وتخطيها ، خاصة وأن عصر زوجها كان مليئا بالتحديات والإنتكاسات ، ولذلك إستحقت وبجداره أن يقال عنها أن ” وراء كل عظيم إمرأة ” .
عاشت تحية كاظم ، الكثير من الصحاب مع زوجها الراحل عبدالناصر ، وتحملت توتره وعصبتيه الشديدة في
الأوقات العصيبة التي كان يمر بها ، خاصة في الفترة ما بعد نكسة 1967 . أسس جمال عبدالناصر المولود فى
الأسكندرية عام 1918 م لـ أسرة تنحدر من قرية ” بنى مر ” بمحافظة أسيوط بصعيد مصر لـ تنظيم الضباط الأحرار
عام ١٩٤٩ ، وقاد ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢ ، ثم تولى رئاسة مجلس الوزراء عام ١٩٥٤ ، وأصبح رئيسًا للجمهورية
في ٢٤ يونيو عام ١٩٥٦ . تبنى فكرة إنشاء السد العالي ، وفى عام 1956 م أصدر قرارًا بتأميم الشركة العالمية
لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية . وفى عام 1958 أعلن عن قيام ” الجمهورية العربية المتحدة “
بين مصر وسورية
وفى الـ 28 من سبتمبر عام 1970 أعلن عن نبأ الوفاه المفاجأه للزعيم جمال عبدالناصر ، حيث عمَّت مصرَ والوطنَ
العربي حالةٌ من الحزن والصدمة الشديده ، وإعتبرت جنازته أعظم الجنازات في القرن العشرين . أما زوجته
السيدة تحية عبدالناصر فكانت نعم الزوجة ، وكانت لا تسعى لأن تصبح سيدة مصر الأولى ، فقط كانت تسعى
لأن تكون زوجة داعمة لزوجها فى كل المواقف ، وكانت قليلة الخروج في المناسبات العامة ، واستقبال الوفود
معه . وفي الـ 25 مارس عام 1992م ، رحلت السيدة تحية كاظم قرينة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، ودفنت
إلى جوار زوجها الراحل ، تنفيذًا لوصيتها ،
أما السيدة عائشة لبيب أو عائشة نجيب ، فكانت إبنه قائد عسكرى فى سلاح الفرسان وأخت صديق نجيب
المهندس محمود لبيب تزوجها عام 1934 بعد وفاه زوجته الأولى زينب أحمد ، وعاشت معه فترة توليه رئاسة
الجمهورية ، على مدار 19 شهرًا من 18 يونيو 1953، حتى تاريخ إقالته في 14 نوفمبر 1954، وهى والدة أبنائه
الثلاثة ” فاروق ، علي ، يوسف ” . استقبلت عائشة لبيب الرؤوساء والملوك والحكام ، حيث عُرفت بعد تولي
نجيب الحكم باسم “عائشة هانم” ، ولم تكن عائشة هانم هى الزوجة الأخيرة لنجيب ، الذى عُرفَ عنه زيجاته
المتعددة وراثًة عن والده ، فقد تزوج عليها ” عزيزه ” إحدى قريباته التى لم تنقطع صلته بها حتى وهو معتقل فى
المرج .
واللواء محمد نجيب هو أول رئيس لـجمهورية مصر العربية بعد إنهاء الملكية وإعلان الجمهورية ، وهو القائد الفعلى
لـ ثورة 23 يوليو 1952 التي انتهت بعزل الملك فاروق ورحيله عن مصر ، كان محمد نجيب يوسف قطب القشلان
لوءا فى الجيش المصرى ، وهو مولود فى السودان من أب مصرى وأم سودانيه المنشأ مصريه الأصل ، اشترك
فى حرب 48 وأصيب فيها ، وعند عودته من الحرب وبسبب آداءه المتميز حصل على لقب ” بيك ” ولقب من وقتها
“محمد بك نجيب ” .
تولى محمد بك نجيب منصب رئيس الوزراء ، كما تولى منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية ، ثم وزيرا
للحربية عام 1952 . وفى نوفمبر عام 1954 تم إقالته من منصبه ، وظل تحت الاقامة الجبرية فى المرج طيله 29
عاما وسط كتبه القديمة وقططه وكلابه التى ذكر أنها الأكثر وفاءا من كثير من البشر . وفي الـ 28 أغسطس
1984 توفى اللواء نجيب وحيدا .
وبعد عناء إمتد لـ نحو 60 عامًا من الجحود والنكران ، رُد للواء محمد نجيب إعتباره بمنحه قلادة النيل العظمى
وتخليد إسمه على إحدى محطات مترو الأنفاق وعلى أحد المحاور المرورية .. سلاما على محمد نجيب شاهدًا