أنا هنا لست بصدد الحديث عن ” المرأة المصرية ” التى سطرت صفحات خالدة فى تاريخ الحضارة المصرية والإنسانية ، والتى كانت على مر التاريخ شريكة للرجل فى كل ماحققه من إنجازات ، وربما لم تشهد أى من الحضارات القديمة مكانة متميزة للمرأة مثلما شهدت الحضارة المصرية القديمة ، ولما للمرأة المصرية من مكانة متميزة فى قلب وعقل وفكر ووجدان الشعب المصرى .
وإنما هذه سلسلة من الكتابات أتناول فيها سير للقب ” سيدة مصر الأولى ” وتحديدا فى الفترة 1952 : 2013 وهى الفترة الواقعة بين ثورتى ” يوليو 1952 ــ يناير 2011 ” مع الوضع فى الإعتبار أن لقب ” السيدة الأولى ” هو لقب شرفى يطلق على زوجة الرئيس وهو لقب موجود فى عدة دول منها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما ، ولقب السيدة الاولى هو ليس لقبا شرفيا فقط ، وإنما غالبا ماتنخرط السيدة الاولى فى العديد من الأنشطة الإجتماعية والثقافية وغيرها حسب دراستها واهتماماتها .
الحقيقة أنه شئنا أم أبينا أن تقوم ثورة يناير 2011 حتى وإن إختلف أو إتفق البعض على كونها ثورة أم مؤامرة ، لكن التاريخ فى النهاية هو الذى يمكن أن يقول كلمته ، وعلى أيه حال شاء القدر أن يكون محمد مرسى العياط وهو أحد الكوادر البارزة فى جماعة الإخوان المسلمين ، والبرلمانى السابق ، رئيس حزب الحرية والعدالة والعضو السابق فى مكتب إرشاد الجماعة ، أن يكون رئيسا لـ جمهورية مصر العربية عقب ثورة كان وقودها خيرة شباب مصر .
ولعلنا نتذكر تلك الأيام السوداء عندما أسفرت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية عام 2012 عن فوز مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي العياط بنسبة 51.73 % على منافسه السياسي المستقل أحمد شفيق الحاصل على نسبة 48.27 % . بعد أن خرجت جماعة الإخوان لتعلن على الملأ فوز مرشحها فى الإنتخابات الرئاسية قبل الإنتهاء من فرز الأصوات ، عقب تهديدها علنيا بحرق مصر لو سقط محمد مرسى العياط فى الانتخابات الرئاسية ، والتأكيد أن لدى الجماعه 100 ألف مقاتل ، رهن إشارتها ، وأنهم سوف يتحركون فورا لإشعال النار لـ تقضى على الأخضر واليابس فى هذا الوطن !!
محمد مرسى العياط الذى أعًلن عن فوزه رئيسا لـ مصر فى الانتخابات الرئاسية كأول رئيس مدنى منتخب فى مصر ، كان من مواليد 1951 فى محافظة الشرقية ، وهو خريج كلية الهندسة ـ جامعة القاهرة عام 1972 وحاصل على درجة الماجستير من نفس الجامعة العام 1974 ويقال أنه أكمل دراسته العليا فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث حصل على درجة الدكتوراه في هندسة الفلزات من جامعة جنوب كاليفورنيا ، رغم مستواه المتدنى فى اللغة الإنجليزية الذى لايخفى على أحد .
قد لا أكون منصفا إن تناولت شخصية الرجل من الناحية السيكولوجية ، لكن أعتقد انه خليط من البساطه الممزوجة بالسذاجة والإنصياع لـ أوامر المرشد ، لم يلتزم محمد مرسى العياط بقواعد الـ إيتكيت أو مايقتضيه المنصب من بروتوكول أعتقد أنه يدرس فى علم السياسة الخارجية ، وكانت تصرفاته يشوبها بعض الفوضوية إلى حد كبير على المستويين الداخلى والخارجى ، إنعكس ذلك فى تصرفاته وطريقة تعامله مع الناس ، وهى النقطة التى أرادت جماعة الإخوان الترويج لها بأنه راجل ” بتاع ربنا ” ، مع أن العبادات هى شأن بين العبد وربه ولادخل للناس فيها كونه يصوم أو يصلى .. إلخ . فتلك علاقة خاصة جدا لايجوز لـ أحد التباهى بها !!
على أية حال وبقدرة قادر أصبحت السيدة نجلاء علي محمود ، الحاصلة على الثانوية العامة والمولودة فى القاهرة عام 1962 ، والتى كانت كما تقول المصادر إحدى الأعضاء الفاعلين في تنظيم الإخوان المسلمين عندما كانت في الولايات المتحدة ، والتى عملت سابقا كمترجمة فى المركز الإسلامى الأمريكى بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية ، وهي إبنه خال وزوجة الرئيس المصري السابق محمد مرسي العياط منذ عام 1979 . السيدة التى تحظى بلقب ” سيدة مصر الأولى ” حتى وإن صرحت بأنها لاتفضل هذا اللقب !!
وكما يقول المثل العامى ” الكعكة فى يد اليتيم عجبه ” أثارت تنقلات السيدة الأولى بسيارات الرئاسة الفارهة الـ BMW X 6 وغيرها من سيارات الحراسة التى ترافقها أثناء تنقلاتها ، الجدل فى الشارع المصرى أثناء زيارتها المتكررة لـ إبنتها فى محافظة الشرقية ، وزيارة زوجة رئيس الوزراء هشام قنديل فى حى الدقى .. وغيرها .
لم يمهل القدر السيدة نجلاء علي محمود التى كانت تفضل لقب الحاجة أم أحمد للتواجد كثيرا على الساحة المصرية ، سواءا فى الاجتماعات أو المؤتمرات وغيرها ، رغم حضورها للقليل منها خلال فتره حكم الإخوان لـ مصر ، ولسوء حظ هذه السيدة أنه حال وجودها فى أية مناسبة تقفز إلى الذهن مباشرة مقارنة غير عادلة بينها وبين ” الهانم ” وهو اللقب الذى أطلق على سوزان صالح ثابت زوجة الرئيس محمد حسنى مبارك ، التى قدمت نفسها للمجتمع من خلال العمل الاجتماعى فى مجال حقوق المرأة والطفل، ومجال القراءة ومحو الأمية .. إلخ ، كما سيأتى ذكرها لاحقا .
على أرض الواقع فإن ” الحاجة ” نجلاء أو ” أم أحمد ” وهو اللقب الذى كان زوجها يصر عليه ، لم تملأ مركزها أو تقدم دورا ما يذكر فى العمل الخيرى أو الإجتماعى الذى يقتضى العرف أن تلعبه السيدة الأولى ، أو أن ترافق زوجها فى بعض الزيارات الدولية كما تقتضى البروتوكولات الرئاسية ، ذلك على الرغم من أنها لعبت دورًا بارزًا فى الفترة التالية لفض اعتصامى رابعة والنهضة ، أو ماسمى بثورة “الأخوات” ، فضلا عن توليها قيادة نساء الجماعة وتحركاتهن التى شهدتها فترة مابعد الـ إطاحة بحكم الإخوان .
ولذلك يبقى اللغز حليف هذه السيدة الأولى ” أم أحمد ” التى لم يعرف سوى القليل عنها ، حتى أن أغلب ماكتب عنها قد حذف من على YouTube ووسائل التواصل الإجتماعى ، ودائما وأبدا يقال ” أن الرياح دائمًا تأتى بما لا تشتهيه السفن ” وهكذا الدنيا سرعان ما صارت الأحلام سرابًا وتبدلت الـ أحوال ويبقى دوما وأبدا للحديث بقيه .. !!