اللواء دكتور سمير فرج يكتب : حروب الجيل الرابع

اللواء دكتور سمير فرج
يُصّنف تاريخ الحروب العسكرية بأن جيلها الأول استخدم الرمح والسيف والدرع والعجلات الحربية، فكان الجيش المصري، في عهد المصريين القدماء، أول جيش نظامي عرفه التاريخ، ويشهد على ذلك جدران المعابد الفرعونية. ثم اخترع الصينيون البارود، لاستخدامه في الاحتفالات، فاستغله العالم لاختراع البندقية والمدفع، التي ظهرت في حروب نابليون، لتؤرخ للجيل الثاني من الحروب. أما الجيل الثالث، فبدأ مع الحرب العالمية الأولى، باختراع بريطانيا للدبابة، واستخدامها في “معركة السوم”، وما تلاها من استخدام الطائرات الحربية والمدمرات والغواصات والصواريخ.
ولما كان الهدف من الحروب في الماضي هو إسقاط الدولة المعادية، وفرض شروط المنتصر، مثلما حدث في
الحروب العالمية الأولى والثانية، فرغم هزيمة الجيش المصري في حرب يونيو 67، إلا أن إسرائيل فشلت في
فرض إرادتها على مصر، بسبب صلابة وقوة الشعب المصري، الذي رفض تنحي الرئيس عبد الناصر، وساند قواته
المسلحة، حتى حقق النصر في حرب أكتوبر 73، فظهرت، حينئذ، فكرة حروب الجيل الرابع، والتي لا تعتمد على
دبابة ضد دبابة، أو طائرة ضد طائرة، ولكن أصبحت حرب موجهة ضد المجتمع والشعب بتشويش العقل البشري،
لأنه بإسقاط الشعوب تسقط الدول، وتم تطويع التكنولوجيا الحديثة، والإنترنت تحديداً، كأداة لحروب الجيل الرابع،
وحروب الجيل الخامس.
ورغم اختلاف الأدوات، إلا أن إسقاط الدول ظل الهدف من حروب الجيلين الرابع والخامس ولكن، في هذه المرة،
من خلال تفكيك مفاصل الدولة، وهدم أركانها، بتدمير عقول الشعوب، بزعزعة إيمان المواطنين بدولهم وقواتهم
المسلحة، والتشكيك في قدرة الدولة على توفير احتياجات مواطنيها، فيحدث التفكك داخل الدولة، وتحقق حروب
الجيل الرابع والخامس أهدافها، بأقل الخسائر البشرية والمادية، مقارنة بالدخول في حرب تقليدية، التي تكلفها
أرواح جنودها، وتكلفة معداتها الحربية.
يعد من ضمن أدوات ووسائل حروب الجيلين الرابع والخامس، لتحقيق أهدافها، زرع أو تصدير الإرهاب للدولة،
ليشعر المواطن بعدم الأمان، ويفقد الثقة في قدرة دولته على حمايته، وبالتالي في دولته نفسها. يضاف إلى
ذلك الوسيلة الأكثر شيوعاً، وهي الحرب النفسية، التي تُشن ضد الدولة، باستغلال الأوضاع الاقتصادية العالمية،
لنشر الشائعات والأكاذيب، الموجهة ضد دولة بعينها، للنيل من ثقة المواطن في دولته ونظام الحكم بها. كما
يعتبر نشر المخدرات أحد هذه الأساليب المعمول بها في حروب الجيل الرابع والخامس، لإضعاف شباب الدول،
لضمان القضاء على الحاضر والمستقبل، وهو ما يستلزم التصدي له بالتوعية المستمرة لشبابنا، لوقف نشر
الشائعات الكاذبة والهدامة للدولة المصرية.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.