عبد الناصر البنا يكتب : قمة المناخ .. أنقذوا كوكب الأرض قبل فوات الأوان !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
ساعات قليلة تفصلنا بين إنطلاق الحدث الأبرز على مستوى العالم على الأقل خلال الأسبوعين القادمين حيث تتجه أنظار العالم إلى مدينة السلام ” شرم الشيخ التى تشهد إنطلاق فعاليات قمة المناخ أو الـ Cop 27 والتى تستمر حتى الـ 18 من شهر نوفمبر الجارى والتى من المتوقع أن يحضرها أكثر من 30 ألف مشارك من 197 دولة من أجل مناقشة قضية تغير المناخ .
قمة المناخ أو Cop 27 ليست كأية واحدة من القمم والمؤتمرات السابقة الخاصة بالمناخ سواء فى” إستكهولم أو البرازيل ــ وكوبنهاجن ـ وباريس ـ وجلاسكو .. وغيرها ” لكونها تأتى فى ظروف بالغة الدقة والتعقيد ، وأعتقد أن من أكبر التحديات التى تواجهها هذه القمة هى أن توصيات مؤتمر المناخ فى ” جلاسكو ” جاءت غير كافية بل ” ومخيبة للآمال” كما يرى البعض ، وهناك من يرى أنها كانت مجرد ” حبرا على ورق” لـ كونها لم ترق إلى مستوى التحديات التى تواجهها البشرية جراء تغير المناخ ، وأن الـ Cop 27 عليها عبء الإجابة عن سؤال محدد هو : كيف يمكن الحفاظ على كوكب الأرض ؟ هذا إلى جانب كونها قمة ” تنفيذية ” يقع عليها عبء كيفية إلزام الدول ” بالتطبيق” وفقًا للتواريخ والمدد الزمنية المحددة” ، إذا علمنا أن هذه الدول نفسها هى الـ أكثر تلوثا للبيئة ، بل والـ أكثر تنصلا من إلتزاماتها ” المالية ” !!
الوضع شائك جدا ومعقد بالقدر الذى جعل أصحاب النظرة التشاؤمية يروا أن هذه القمة قد تكون مهددة بالفشل فى تحقيق أهدافها ، خاصة فى ظل إنعدام الأمن الغذائى والمائى والكوارث الطبيعية التى تعصف بالعالم جراء التدهور المتسارع فى المناخ ، العجيب فى الأمر بل ومن المفارقات الخاصة بقضية التغير المناخى و ” الإحترار ” أو إرتفاع درجة حراره الأرض ، أن الدول الفقيرة والنامية هى الدول الأقل تسبباً في الظاهرة ، وفى ذات الوقت هي الأكثر تأثراً بعواقبها .
ولذلك لاعجب فى أن يشهد العالم اليوم زيادة فى وتيرة الكوارث الطبيعية وفى شدتها ، ولعلنا لاحظنا كم الكوارث التى إجتاحت العالم مؤخرا من فيضانات وأعاصير وموجات من الجفاف والحرائق مثل ماحدث في الغرب الأميركي وفى تركيا واليونان ، إلى جانب الفيضانات التى غمرت مناطق في ألمانيا والصين والباكستان ، ودرجات الحرارة التى سجلت أرقاما قياسية لها إقتربت من 50 درجة مئوية في كندا على سبيل المثال .
تحد آخر يواجه القمة لايقل خطورة عن أزمة ” التمويل ” وهو الخاص ” بالطاقة ” ، فالقمة تنعقد كما ذكرت فى ظروف بالغة الدقة والتعقيد وفى أجواء إستثنائية تخيم عليها أزمة الطاقة العالمية جراء الحرب ” الروسية الاوكرانية ” التى دخلت شهرها التاسع ، وقد يكون من الصعب جدا إقناع الدول الكبرى ” الـ أكثر تلوثا للبيئة ” جراء نشاطها الصناعى أن تلتزم بتعهداتها المناخية ، سواء بخفض استخدام الوقود الأحفوري أو تمويل الدول النامية . وخاصة فى ظل شتاء قادم متوقع أن يكون قارسا ، مع نيه بعض الدول مثل ألمانيا وغيرها إلى العودة مره أخرى إلى إستخدام ” الفحم ” كبديل لـ أزمة الوقود والطاقة ونقص إمدادات الغاز من روسيا ، وهو ماينذر بكوارث بيئية أشد !!
هذا مع الوضع فى الـ إعتبار أن العالم يمر الآن بفتره ” كساد ” أو ركود إقتصادى كبير أدى إلى إننخفاض قيمة العملة المحلية فى عدد من الدول ، إنعكاسا للتضخم الذى تمر به الولايات المتحدة الأمريكية على رأى المثل القائل ” إذا عطست أمريكا .. أصيب العالم كله بالزكام ” ، هناك أزمات فى سلاسل الإمداد والتوريد ، إلى جانب المشكلات في شبه الجزيرة الكورية ، وبين الصين وتايون ، وتبعات أزمة كورونا ، وماتبع ذلك من إرتفاع فى أسعار السلع ، وكلها عوامل قد تؤثر على التزام الدول المشاركة بتعهداتها المناخية .
وعلى الرغم من هذه التحديات هناك العديد من المكتسبات التى يمكن أن تحققها مصر من هذه القمة لعل أبرزها هو الترويج للسياحة المصرية التى تعرضت للكثير من الأزمات جراء الاحداث التى مرت بها مصر بعد 2011 وماتبعها من أزمات عالمية مثل كورونا وغيرها ، إلا أن الأمل مازال معقودا فى التعافى ، خاصه ماتشهده أوربا من نقص فى الطاقة ، مما جعل الشركات السياحي هناك تروج لقضاء شتاء دافىء فى مصر ، خاصة وأن مصر أصبحت من أهم الوجهات السياحية العالمية ــ القمه ايضا فرصة للترويج للصناعة والمنتجات المصرية والحرف والصناعة التقليدية التى سوف تعرض أثناء القمة ــ أما على المستوى السياسى فهناك العديد من المكتسبات لعل أبرزها أنها تساهم فى دعم الثقل الرئاسي والتواجد المصرى في المحافل الدولية الرئيسية ــ كما أنها تأكيد على ثقل مصر وقدرتها على استضافة وإدارة المؤتمرات الدولية .
وأهميتها أيضا فى إتاحة الفرصة لإبرام شراكات ، ولتوفير مصادر تمويل إضافية من المنظمات الدولية ، وأيضا للدفع بأولويات القضايا المصرية وعلى رأسها الأمن المائي والغذائى . وعلى المستوى البيئى فالقمة تعزز جهود مصر فى تنفيذ إستراتيجية التنمية المستدامة ” مصر 2030 ” وتسليط الضوء بشكل واسع ومكثف على مصر ودورها وسياساتها ومشروعاتها القومية ،
الحقيقة أن إستضافه مصر رسميا للدورة الـ 27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ COP27 ، بعد الإعلان عن إختيارها فى المؤتمر خلال مؤتمر جلاسكو الذي عقد في نوفمبر 2021 ،
جاء تتويجا لـ جهود مصر على مدى السنوات الماضية على الانخراط بقوة ولعب دور مؤثر في توجيه أجندة العمل الجماعي الدولي بشأن تغير المناخ ، وأيضا على نجاحها فى قيادة العمل لصالح قارتها الأفريقية .
وأخيرا : نأمل أن تنجح القمة فى إحراز تقدم ملحوظ ومتوازن حول كافة جوانب قضية التغيرات المناخية سواء تلك المتعلقة بخفض الإنبعاثات ( التخفيف) ، أو ( التكيف ) ، أو فى توفير وسائل ( الدعم المالى) وأيضا فى الحصول على ( تعهدات) مستقبلية بخفض الإنبعاثات ، وتحقيق هدف وقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية
حفظ الله مصر ، ودائما وأبدا ” تحيا .. مصر “
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.