محمد نبيل محمد يكتب :هكذا تبنى الاوطان.. (ثقافة القوة وقوة الثقافة)

 

محمد نبيل محمد

الاساس الذى بنى عليه انتوني جرامتشى اداور المثقف العضوى ورسالته تجاه وطنه ومواطنيه تعتمد اولا على ان ينزل من برجه العاج الى نواة وطنه وثانيا ان يرتقى بمن حوله ثقافيا وربما الثقافة هنا ليست فقط الاداب والفنون بل هى السلوك اليومى المتحضر النابع من انماط تفكير متطورة ممنهجه تتأسس على العلم والمعرفة وثالثا الاهتمام فعلا عمليا وليس قولا شفاهيا بقضايا الوطن وهمومه لا بالتجمل الزائف شكلا وانما بالجوهر الباطن وفى هذا السياق اشتباك ضرورى لابد منه مع واقع الوطن والا لما سميت الثقافة (ثقافة) حيث انها تعنى تثقيف اسنة الرماح وفى هذا ربما قصد لاعتبار الثقافة قوة لمن يتزين بها وبمسك باسبابها وهى هنا درعا يصون الوعى ويبنى الفكر .
ما اجمل ان تذوب الثقافة ( كقوة ناعمة) فى خلايا الوطن ، فيتغنى الشباب القادم ببطولات اباء الامس ويرسمون لوحات زاهية لغد مشرق عوضا عن ازمنة العبوس وينيرون دروب الواقع باضاءات العقل المستنير ويبددون ظلاميات الجهل والرجعية بومضات القبس الالهى (العقل) .
ولان مقتضى الحال يستوجب نهضة ابداعية فى مجالات عدة تقودها قاطرة الثقافة التى اتفقت ادبيات السياسة ونظريات الامن الاجتماعى والمسكوت عنه من نصوص اجهزة الجاسوسية العابرة للقارات وخفايا متون المؤمرات الحاقدة وجميع تلك الانهار التى تصب فى بحر واحد يموج باضطرابات عاصفة للانسانية ومهددة لبقائها ولم يعد سرا على احد ان العالم على شفا اقدار قد تعيد صياغة خارطته من جديد ، ولذا كانت للثقافة الان ادوار متوازية ومتتالية اهمها هو بناء وعى جمعى يدرك ماهية الاخطار المحدقة بالوطن ويكشف بجلاء عن ضرورة التماسك والتخندق صفا واحد لمواجهة مايقال عنها ( معارك الوجود) .
ولان اهالى مصر من ناحيتها الشرقية هم اول من اعتادوا واعتدنا عنهم انهم من يبادرون بتسديد فاتورة الدم والتضحية بالروح فى سبيل الوطن اجمع ومن اجل كل المصريين والتاريخ والحاضر يشهدان على ذلك فسيناء والقناة هم خط الدفاع الاول فى الدفاع عن الوجود المصرى وربما اورث هذا السلوك الاعتيادي فى وجدان شباب سيناء والقناة فعلا تلقائيا فى الاندماج السريع والتعبئة الفطرية فى مواجهة الوافد المعتدى بشرا كان ام فكرا ولهذا كانت الصورة ذات الحقيقة الخالدة التى تجسدت على مسرح قصر ثقافة الاسماعيلية بعد انتهاء عرض ( جيش الشمس) ان انهمر شباب دون العشرين عاما لالتقاط صورة مع البطل الشهيد الحى ابن القناة وسيناء ابن الاسماعيلية البطل ( عبدالجواد سويلم) الذى كرمه رؤساء مصر من ناصر الى السادات وبالطبع ( جابر الخواطر) الرئيس السيسى وهذا البطل هو من فقد عينه وساقيه وذراعه من اجل الوطن وربما كان من ضمن جملة اسرار بقاء حياته بيننا ان يكون رسولا عن اكتوبر واهلها الى شباب اليوم يقول لسان حاله انا من تبقى من جسد مازال يقاتل من اجل مصر فاكملوا انتم المشوار وصوتوا ارث النصر ، تهافت الشباب ولا ابالغ وسبقهم الاطفال ليلتقطوا صورة مع البطل تزدان بها زوايا نفوسهم قبل اركان صالونات المنازل وربما كان حالهم يشى بفكرة عبقرية ( اننا نريد ان نتشارك النصر مع من صنعوا النصر) وهذه الفكرة صاغها الرئيس السيسى فى احتفال القوات المسلحة ومصر بذكرى نصر اكتوبر هذا العام التاسع والاربعين من عمر النصر عندما ارسل رسالة للمصريين ان يحتذوا به وطالب من رجال المجموعة ٣٩ قتال ان يقف بجوارهم ومعه قادة الجيش المصرى وقال ( حتى نشارك جيل اكتوبر نصر مصر)
هى الرسالة من وطن على قلب رجل واحد كبيره وشبابه واطفاله ، هى رسالة للعالم البعيد والقريب الحاقد تعلن ان مصر تجيد صنع النصر وتحفظه جيلا يليه آخر.
وانطلق شباب سيناء والقناة من الشعراء والكتاب والمخرجين والممثلين والموسيقيين وغيرهم ليقدموا احتفالا ممتدا باكتوبر فكانت (جيوش الشمس) الاحتفال الرئيس لوزارة الثقافة فكرة واخراج هشام عطوة تأليف والحان محمد مصطفى
اداء احمد الشافعى وهانى كمال ومصرية ومحمد العمروسى
وغناء وليد حيدر ومصطفى النجدى واميرة احمد ونهاد فتحى
وديكور محمد هاشم ومصمم استعراضات مصطفى حجاج
مخرج منفذ احمد ابوعميرة
ويقدم الاوبريت خمس ابطال من اكتوبر وهم الشهيد سيد زكريا بطل الصاعقة والبطل احمد ادريس صاحب فكرة الشفرة النوبية والبطل زكى باقى صاحب فكرة هدم الساتر الترابى بمدافع المياة وصائد الدبابات الرقيب اول محمد عبد العاطى والشهيد الحى البطل عبد الجواد سويلم
ومن خلال مزج للفنون السينوغرافيا المسرحية الذى يعرض عدة زوايا لمعارك اكتوبر من خلال حكى على لسان ابطال النصر وتستكمل الفقرات الغنائية عن كل بطل من خلال عروض فنية استعراضية لفرق الفنون الشعبية للشرقية وسوهاج واسوان والاسماعيلية ليشكل البيئة المكانية لابطال العرض المسرحى، من منصات عناصر منظرية وإضاءة وموسيقى ومؤثرات خاصة.
وبسلاسة فنية يقدم الاوبريت منجزات الوطن التنموية فى كل ربوع مصر وعلى لسان الرواة يحكى الاوبريت بطولة اخرى موازية وعبور جديد تجاه التنمية الشاملة والمستدامة للوطن.
وتلاها عناقيد الاحتفالات (انشودة اكتوبر والجمهورية الجيدة) من شباب الفنانين بالاسماعيلية .
الاوبريت بطولة محمود نوح، أحمد عادل، عبد السلام ابراهيم
الإلقاء الشعري، مريم مرسي، شيماء صالح، منه رجب، بمشاركة فرقة الإسماعيلية للفنون الشعبية وفرقة أطفال الإسماعيلية، اشعار واغاني عبد الله علي نظير، موسيقي واخراج ماهر كمال.
ويحكى بطولة اهالى الاسماعيلية فى بدايات شرارة ثورة يوليو والتاميم وحرب ٥٦ والالم ٦٧ وبطولات الاستنزاف ومشاركة نصر اكتوبر وبناء الجمهورية الجديدة.
وبعدها اوبريت ( على شط الكنال) لفناني بورسعيد تأليف الاديب أسامة المصرى واخراج الفنان إبراهيم فهمى و الحان المايسترو محمد نصر وأشعار الشاعر محمد رؤوف واستعراضات الكابتن محمد حسن صالح
اداء تمثيلى شادى حامد ، أسامة مسلم ، سارة هانى ، سليمان رضوان ، خالد جمعة ، محمد جمعة ، محمد سعيد ، محمد هشام ، عبد الرحمن وحيد ، رامى القطرجى، يوسف شكرى ، ملوك ، زياد
وديكور أسامة مسلم ، إضاءة حسين عز الدين

أداء استعراض : كريم مصطفى ، حسن زكريا ، محمد جمال ، أحمد صلاح ، محمد محسن ، يوسف مصطفى ، حمزة أشرف ، محمد سليمان ، عبدة بالوتلى ، أحمد العزازي، زياد عباس
ويدور الاوبريت حول معركة رأس العش التى دافعت عن بورفؤاد من الاحتلال الإسرائيلي رغم إحتلال سيناء بالكامل عدا بورفؤاد التى ظلت حرة الأمر الذى جعل موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يصرح بأنة على إستعداد للتنازل عن عينة الاخرى فى مقابل إحتلال بورفؤاد التى من خلالها يحتل بورسعيد ثم يحتل مصر ، وكان الفريق عبد المنعم رياض رئيس اركان الجيش المصري الذى أصدر أمر للكتيبة رقم 43 صاعقة للانتقال من بورسعيد إلى بورفؤاد عن طريق راس العش لمنع الدبابات الإسرائيلية من الدخول إليها وتنتصر الارادة المصرية بعد أقل من شهر على نكسة 1967 يوم 27 يونية 67 واستعان المخرج أبراهيم فهمى بالسينما التسجيلية التى تجسد الأحداث الحقيقية أثناء التشخيص وقد قام بتقسيم المسرح إلى قسمين قسم يجسد حالة العدو الصهيونى أثناء سماعهم خبر إنتصار المصريون عليهم فى معركة رأس العش ، والحالة الاخرى التى تجسد فرحة المصريين بالنصر المبين ، والانجازات التى تتحقق على أرض الواقع فى إطار التنمية الشاملة.
وبعدها فى السويس وجنوب سيناء وشمالها هؤلاء لا يحتفلون بالنصر بل يصنعونه من جديد عل المترقب ان يعى رسالة الثقافة من ايقاد شعلة النصر بالفنون والاداب. ولعله يفهم طبائع المصريين التى خلقها الله فينا : نحن من نسمى الارض (عرض) وامهاتنا هن من يطلقن الزغاريد مع بشارات شهادات الابناء، وعرائسنا هن من يتخضبن بطين النيل كان مخلوطا بماءه او بدماء العرسان الفرسان، نحن من لعبنا اطفالا بالاسلحة وتزينا فى الاعياد بالبدلة العسكرية ، بيوت المصريين فى اجمل زواياه صورة شهيد وشهادة من جيش مصر بنوط الشجاعة والواجب لابن او اب او اخ ، وفى خزانة الملابس اوفرول مخضب بدم الشهيد وعلى الابواب ذائبا تطرق ايادى رفقاء السلاح لتطمان على الام والابنة والاخت لبطل رحل الى الخلود ولم يمت.
علهم يعلمون اننا نعشق الفداء لنحيا الف حياة.
ومن خلال آليات الاستثمار الثقافى فى مدن ووديان وقرى سيناء والقناة تصيغ الثقافة المصرية الان فعاليات وحراك ينحتان اصطلاح ( ثقافة القوة وقوة الثقافة) لبناء مصرى جديد يحفظ ارث النصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.