عبد الناصر البنا يكتب : هموم وطن .. الصناعة !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
فى البداية .. لابد وأن أشيد بإفتتاح السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ أولى مشروعات المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية ” إبدأ ” وتدشين عدد كبير من مشروعات المبادرة ، وذلك خلال الملتقى والمعرض الدولى الأول للصناعة والذى شارك فيه عدد كبير من المستثمرين المصريين والعرب والأجانب إضافة إلى ممثلو المؤسسات الإقليمية والدولية ، والغرف الصناعية والتجارية ، والمجالس الإستثمارية ، وقطاع البنوك والكيانات الإقتصادية ، والبعثات الدبلوماسية ، وتم الإعلان عن إنطلاق شركة ” إبدأ ” لتنمية المشروعات ش.م.م بصفتها الذراع التنفيذى للمبادرة الوطنية ، والحقيقة أنها خطوة تأخرت كثيرا كثيرا ، ولكن فى كل الأحوال ” أن تأتى متأخرا خيرا من أن لاتأتى أبدا ” !!
وهنا يبقى السؤال لماذا الصناعة تحديدا ؟ وهل مايشهده العالم من أزمات متتاليه وكساد ونقص فى سلاسل الإمداد والتموين ، وإرتفاع أسعار الغذاء والطاقة جراء الأزمة الروسية الأوكرانيه ، حلحل هذا الملف وجعله على رأس أولويات الدولة ؟ الإجابه (نعم)
خاصة وأن الصناعة هى ركيزة أساسية لـ الإقتصاد أى دولة ، ودائما وأبدا فإن معيار تقدم الدول يقاس بتقدمها فى الصناعة ، والفرق بين صادراتها ووارداتها ، ومما لاشك فيه أن المجتمعات الصناعية هى دائما مجتمعات متقدمه ، ولعل خير مثال على ذلك الصروح الصناعية التى أقامتها مصر فى العصر الحديث حيث شهدت مصر نهضة صناعية كبرى في القرن الـ 19 على يد “محمد على” الذي شهد عصره إرساء قاعدة صناعية كبرى ، شملت صناعة المنسوجات وصناعة السكر ، وعّصر الزيوت والأسمده ومضارب الأرز وازدهرت الصناعات الحربية وتم إقامة ترسانة لصناعات السفن ومصانع لتحضير المواد الكيماوية .. إلخ
وبعد ثورة 23 يوليو عام 1952 تطورت حركه التصنيع فى مصر تطوراً ملحوظاً ، وكان حلم الثوره الصناعى تصنيع كل شىء من ” الابرة الى الصاروخ” وأقيمت المصانع الحربية لسد حاجة الجيش المصرى من الأسلحة والذخائر . إضافه إلى الصناعات الكيماويه ، وصناعة الغزل والنسيج ، والصناعات المعدنية خاصة الحديد و الصلب والأسمدة
والأسمنت وغيرها من الصناعات فى القاهره وحلوان والصعيد والدلتا والإسكندرية .. وغيرها .
وأقامت الثورة مصانع الحديد والصلب من أجل تطوير الصناعات الثقيلة ، ومجمع مصانع الألومنيوم فى نجع حمادى ، وشركة كيما للأسمدة ، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك ، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف ، ومصانع الكابلات الكهربائية ، وتوليد طاقة كهربائية من السد العالى تستخدم في إدارة المصانع وإنارة المدن والقري ، كما تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية . ولعلنا نتذكر أن مصر كان لديها مصتعا للمحركات بدأ فى تصميم وإنتاج محركات الطائرات النفاثة بدعم ألمانى منذ عام 1960 ، وتم ضمه فى عام 1975 إلى الهيئة العربية للتصنيع ( نعم ) ، وكانت نتيجة بناء تلك القلاع الصناعية فتح أبواب العمل والرزق أمام الملايين من أبناء مصر فى كل المجالات الصناعية والخدمية .. وغيرها .
وكما يقال ” دوام الحال من المحال ” تدهورت الصناعة فى مصر فى السنوات الأخيرة تدهورا كبيرا ، وللأسف أسباب تدهورها كان معلوما بدءا من عدم إتباع الإسلوب العلمى فى إقامة المشاريع التصنيعية ، ولسوء وفساد الإدارة ، وهروب رؤوس الأموال الكبيرة للخارج ، ومنها مايخص المواد الخام والعماله مثل تدنى المرتبات ، وضعف مهارة وتدريب العماله ، والمطالب الفئوية الإضرابات ، وإنهيار سمعة المنتج المحلى فى السوق ، وغزو المنتجات الأجنبية بسعر أرخص ، إضافة إلى غياب دور الدولة وحمايتها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات الناشئه ، ومشاكل خاصة بالصناعة والتغليف ، والأوضاع السياسية والإقتصادية وماتبعها من قرارات خاصة بالسياسة النقدية جعلت اصحاب رؤوس الأموال الصغيرة يفضلوا عدم المخاطرة الـ غير مضمونة العواقب برأس المال ، والاكتفاء بوضعه في البنك للحصول على عائد بنكى أعلى من عائد المشروع المتوسط أو الصغير إلى جانب الصراعات التنافسية فى الأسواق المحلية وكلها أسباب قد يطول شرحها .
وجاءت أحداث ثوره يناير 2011 وما أعقبها من تحولات سياسية كان لها إنعكاس مباشر على عدد من القطاعات فى مصر ومنها قطاع الصناعة وقضى على ماتبقى منها تعثر من تعثر ، وأغلقت المصانع وشردت العماله وأصبح واقع الصناعة المصرية يرثى له ، الحقيقة أن الدولة تأخرت كثيرا فى هذا الملف وكما ذكرت آنفا ” أن تأتى متأخرا خيرا من أن لاتاتى أبدا ” .
مصر والحمد لله تملك العديد من المقومات التى تمكنها خلال فترة وجيزة من تحقيق قفزه إقتصادية كبرى وأن يكون لديها نهضة صناعية ، خاصه وأن لديها وفرة فى الأيدى العاملة الشابة القادرة على إكتساب المهارات بسرعه ، لديها البنية التحتية الجيدة ووسائل النقل ، لديها الموقع والمناخ ، لديها المواد الخام اللازمة للتصنيع ومنها الخامات النباتية والحيوانية والمعادن المختلفة مثل الحديد والنحاس والزنك والرصاص والفوسفات والفحم والالومنيوم والكبريت والمنجنيز والقصدير والكوارتز وغيرها من الخامات المستخدمه في الصناعات المختلفة. الدوله بدورها تهيىء المناخ الملائم لفرص الإستثمار ومنح المستثمرين العديد من التيسيرات والتسهيلات ـ
مصر ليست أقل حظا من دول مثل ” كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ ” أو مايطلق عليهم ” النمور الآسيويه ” التى شهدت فى فتره الستينات والسبعينات قفزة إقتصادية وعمليه تصنيع واسعه حققت من خلالها معدلات نمو عاليه ، وأصبحت من المراكز المالية الرائدة فى العالم . وإلى جانب منطقة جنوب شرق آسيا صعدت أيضا دول أخرى مثل الصين وماليزيا والهند وغيرها .
ودائما وأبدا نقول ” إذا خلصت النوايا .. صلح العمل ” حفظ الله مصر حكومة وقيادة وشعبا ودائما وأبدا ” تحيا مصر “
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.