تناقلت وسائل الإعلام، حول العالم، في الأيام الماضية، اتهام موسكو لأوكرانيا، باحتمال قيام الأخيرة باستخدام “القنبلة القذرة”، بل وصل الأمر، أن ادعت موسكو بأن أوكرانيا دخلت المرحلة الأخيرة من تصنع قنبلتها القذرة، وذلك حسبما أعلنه وزير دفاع روسيا، سيرغي شوغيو، خلال محادثة تليفونية أجراها مع نظراءه، الأمريكي والفرنسي والبريطاني والتركي، والتي أعرب خلالها عن “مخاوفه المتعلقة بالاستفزازات المحتملة من جانب أوكرانيا باستعمال قنبلة قذرة”، وهو اتهامٌ قوبل برفض قاطع من قبل كييف وكذلك حلفاؤها الغربيون.
وهنا يبرز عدد من الأسئلة البديهية … ما هي “القنبلة القذرة”؟ وهل تصنّف ضمن الأسلحة النووية أم ضمن أسلحة الدمار الشامل؟ ولماذا هذا التخوّف الروسي من امتلاك أوكرانيا لمثل تلك القنبلة؟ وللإجابة عن تلك الأسئلة، دعونا نبدأ بتعريف “القنبلة القذرة”، بأنها عبارة عن قنبلة تحتوي على مزيج من المواد المتفجرة المزوّدة بمواد مشعّة تنتشر في الهواء بعد التفجير، مما يجعلها خطراً على المدنيين، إلا أنها تعتبر سلاحاً تقليدياً، إذ لا ينتج عن تفجيرها انشطار نووي، أو اندماج، ولا تتسبّب بدمار شامل على نطاق واسع.
“فالقنبلة القذرة” لا تمتلك التأثير المدمر للانفجار النووي، كذلك الذي نجم عن القنبلة النووية التي ألقيت في ناكازاكي، أو تلك التي ألقيت في هيروشيما باليابان، قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، حين أسفر تفجير القنبلتين عن سقوط مئات الآلاف من الضحايا، فضلاً عن تدمير مساحات شاسعة من الأراضي، جراء التلوث الإشعاعي. وبالتالي لا يمكن مقارنة “القنبلة القذرة” بالقنبلة النووية التي تحدث انفجاراً أقوى بملايين المرات، وتنشر سحابة إشعاع على مدى آلاف الكيلو مترات المربعة، في حين يقتصر مدى الإشعاعات الناجمة عن “القنبلة القذرة” على بضعة كيلومترات مربعة.
يكمن الخطر الأكبر “للقنبلة القذرة”، في مصدر الانفجار، وليس الإشعاع، إذ إن الأشخاص القريبون جداً من موقع الانفجار، يتعرضون لكّم من الإشعاع كفيل بإصابتهم بأمراض خطيرة، وفقاً لما أفادت به اللجنة التنظيمية النووية الأميركية، التي أضافت أن الغبار والدخان المشع قادر على الانتقال لمسافات أبعد، مشكلاً خطراً صحياً جسيماً في حال استنشاقه، أو تناول أطعمة ومشروبات لوُثت به. ويعتمد مستوى التلوث الذي تحدثه “القنبلة القذرة” على حجم المتفجرات، وكمية ونوعية المادة المشعة المستخدمة فيها، من ناحية، وعلى الظروف الجوية، من ناحية أخرى. وهكذا نكون قد عرفنا “القنبلة القذرة”، وخصائصها، ومخاطرها.