مرت مصر خلال السنوات العشر الأخيرة بالعديد من المحن والظروف الصعبة، بل والمؤامرات والمخططات التى كانت تستهدف إسقاطها وتدمير مؤسساتها الوطنية، وتحديدا منذ اندلاع أحداث 25 يناير 2011، ولكن الله سلم وذهب الخائنون والمتآمرون إلى مزبلة التاريخ وبقيت مصر قوية وشامخة بفضل الله ثم اخلاص ابنائها من أبطال الجيش والشرطة الذين انحازوا إلى الملايين العريضة فى ثورتنا العظيمة فى الثلاثين من يونيو 2013 والتى أفشلت مخططات أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج.
تذكرت ذلك وأنا اتابع كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاح المؤتمر الاقتصادى الذى أقامته الحكومة بتوجيه رئاسى لوضع خارطة طريق للاقتصاد المصرى بمشاركة أكثر من 500 خبير ومتخصص من مصر والعالم، حيث تحدث الرئيس كعادته بصراحة ومكاشفة حول التحديات والصعاب التى واجهتها الدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة، علاوة على التداعيات الاقتصادية التى خلفتها جائحة »كورونا« والحرب الروسية الأوكرانية على مصر، بل وعلى العالم اجمع، وقدم الرئيس تقييما واقعيا للوضع الاقتصادى والسياسى والاجتماعى للدولة المصرية وفقًا للمنظورين التاريخى والجغرافى وهو ما يتطلب منا جميعا التوقف أمامه لنعى حقيقة الواقع الذى نعيشه حاليا مقارنة بظروف وأوضاع سابقة كانت ولا تزال تعانى منها الدولة المصرية خلال العصر الحديث، كان يتطلب اجراءات واضحة وحاسمة للتعامل معها، وأن مواجهة تلك التحديات كانت دائمًا تصطدم بمحاذير الحفاظ على استقرار الدولة »الهش« بدلًا من اتخاذ الاجراءات اللازمة والحازمة رغم خطورتها النسبية، وأن محصلة الضغوط الداخلية والخارجية كانت تتطلب دعمًا شعبيا لم يكن الرأى العام مستعدًا أو مهيئًا لتقبله فى ظل حالة العوز التى يعيشها، موضحًا أن حجم الثقة فى قدرة الدولة على ايجاد مسار ناجح للحل وسط الخيارات الصعبة كان يستدعى عملًا شاقًا ومستمرًا وهو ما لم يكن متوافرًا فى ظل سعى ما يطلق عليه الإسلام السياسى إلى التشكيك والتشويه، رغم انهم لا يملكون مشروعًا حقيقيا لإعادة بناء الدولة علاوة على غياب الرؤية بحجم التحديات التى تواجه البلاد.
الرئيس تطرق أيضًا فى كلمته المهمة إلى عدم جاهزية الجهات الإدارية للدولة بالكفاءات اللازمة لتنفيذ خطط الإصلاح، بل هو نفسه كان فى أشد الحاجة للإصلاح وعلاج الترهل الذى ألم به، ناهيك عما كانت تشكله الضغوط وردود الأفعال الشعبية لتحمل تكلفة الإصلاح من هاجس ضخم وعنيف لدى صناع القرار والأجهزة الأمنية، وأن رصيد القيادة السياسية والحكومة لم يكن بالقوة اللازمة ليشكل قاعدة لانطلاق خارطة طريق صعبة ومريرة تحتاج لسنوات عمل شاقة وطويلة، وأن قدرات الدولة المصرىة لم تكن أبدًا كافية لتلقى ضربات هائلة مثل الصراعات والحروب التى مرت بها، وعانت مصر على مدار عقود من غياب الوعى والفهم لدى النخب المسئولة لتشخيص ما نحن فيه وادراك متطلبات العبور من الفجوة التى كانت تعانى منها البلاد، وهو ما جعل تكفة الإصلاح تزداد يومًا بعد يوم وأصبح تعاظم الأزمات وتشابكها يمثل حالة احباط لدى أغلبية المواطنين مع تصدير الطرح بأنه ليس فى الامكان أحسن مما كان، ولم تستطع الدولة بناء سياق فكرى إصلاحى للوضع القائم، ولم تكن مؤسساتها عملية وقادرة على تنفيذه لو تم طرحه والتأكد من جدواه وسلامته!!
الرئيس أشار فى كلمته إلى أن أخطر شىء هو قياس الرضا الشعبى وفقًا لما يتحصل عليه المواطن مباشرة، مع
حرص الحاكم على تحقيق هذا الأمر، ولو كان على حساب مستقبل الوطن وحاضره أيضًا، ومع اندلاع أحداث 2011 و2013 التى كادت ان تقضى على ما تبقى من قدرات الدولة وزادت من تحديات الأزمة وتفاقمها، بل وكادت
ان تقضى تمامًا على حاضر ومستقبل هذه الأمة، وان الحلول فى ظل تلك المعطيات باتت مستحيلة فى ظل
تداخل الأولويات، ولكن الله سلم وقدر ويسر أمرًا آخر، والاشقاء والاصدقاء هموا بالالتفاف حول الدولة المصرىة
لإنقاذها من السقوط وهو ما استدعى أيضًا ضرورة الالتفات للاعتماد على انفسنا ومن خلال اتباع مسارات خلاقة
لتجاوز محدودية القدرات.
وأنهى الرئيس كلمته المهمة بأن التجربة أثبتت خلال السنوات السبع الماضية المفاجأة بأننا لم نقدر حقيقة
المصريين الفعلية، فالشعب قبل التحدى والتضحية والحكومة تبذل ما فى وسعها والقيادة السياسية مستعدة
لاستنزاف رصيدها لدى الشعب من أجل العبور والنجاح، ونؤكد أن الدولة مستمرة فى الطريق الذى بدأته من أجل
انجاح المسار الإصلاحى اعتمادًا على العلم والعمل وبمشاركة الجمىع.
إلى هنا انتهت الكلمة المهمة التى القاها الرئيس السيسى خلال افتتاح المؤتمر الاقتصادى، ونحن بدورنا نقول
وتأكيدًا لما جاء على لسان الرئيس بأن فضل الله كان علينا عظيمًا بأن وهبنا حقل »ظهر« للغاز الطبيعى وهو ما
أنقذ مصر من الظلام ووفر قرابة 120 مليار دولار سنويا كانت ستنفقها الدولة لاستيراد الغاز اللازم لتشغيل
محطات الكهرباء، بل إن فضل الله كان أعظم علينا حينما منحنا قائدًا مخلصًا وشجاعًا قاد مسيرة البلاد والعباد فى
أخطر مراحل الوطن وخاض معركة شرسة ضد حجافل الإرهاب وأهل الشر، ومعركة أكثر شراسة للبناء والتعمير
والسعى لإعادة مصر لمكانها ومكانتها اللائقة بها بين الامم، وسخر لنا جيشًا قويا وشرطة أبية انحازوا جميعًا لنداء
الملايين وأنقذوا البلاد والعباد من مخططات شياطين الداخل والخارج وأفشلوا مؤامرة الشرق الاوسط الكبير أو ما
كانوا يطلقون عليه الربيع العربى.. ودائمًا وأبدًا تحيا مصر وشعبها العظيم وقائدها المخلص.