الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : قانون لبناء الإنسان .. لا السناتر !

الكاتب محمود عبد السلام
اقتحم حياتنا فى الآونة الأخيرة مصطلحات عدة ، اكثرها ارتباطاً بحياة الأسرة المصرية المسكينة مصطلح ( سنتر ) ، وسنتر باللغة الانجليزية معنها ( المركز )
وفى العقل الجمعى المصرى كلمة سنتر تعنى البديل الدراسى الذى لابد منه لفشل العملية التعليمية التى يتلاقها اولادهم فى المدارس الحكومية او حتى الخاصة ، شبح الدروس الخصوصية الذى بدأ فى الظهور فى ظلام التخلف خلف خطوط وزارة التربية والتعليم أصبح ديناصور بعد اكتمال نضوجه واكتمال ملامحه فتشكل فى هيئة سنتر يجمع المدرسين والطلبة بمكان واحد لتدريس العلم ، الحلقة المفقودة فى التعليم الذى يفتقدها الطالب فى مدرسته يجدها متوفرة بعناية فى المراكز التعليمية ، يجتهد المدرس لايصال العلم مقابل اجر مجزى يدفعه طالب العلم كما ان الطالب يجد كرسياً يجلس عليه احياناً لا يجده فى مدرسته، واصبح هذا الوضع التعليمى عرفاً اجتماعياً ارتضاه الطرفان ، وغضت الحكومات الرشيدة الطرف عنه حكومة ورا حكومة ورئيس خلف رئيس ، حتى استتب الامر فى النهاية للعرف الذى اطاح بالقانون امام نظر الدولة ،
تستنزف الدروس الخصوصية ميزانية الاسرة المصرية ، مليارات الجنيهات تذهب الى جيوب مافيا الدروس الخصوصية ، دكاترة الجامعة تركوا التدريس بالكليات وتوجهوا الى اعطاء الدروس للثانوية العامة ، فهى اسرع وسيلة للثراء وامتلاك السيارات الفارهة وشاليهات الساحل وسكن الكمبوندات ،
عند مواجهة الحقيقة نجد ان الجميع فشل امام هذا السرطان ، الاب والام كل احلامهم تتلخص فى تفوق اولادهم ، والمدرسة لا تؤدى دورها والمدرس لا يشرح ومرتبه ضعيف والتلميذ فقد الصلة التى تربطة بالمدرسة ولا يجد له مكاناً حتى فى الفصول ،
المدرسة التى كانت تحمل قيماً اخلاقية وفكرية وثقافية والتى كانت تلقن التربية قبل التعليم ضاعت بين ركام انهيار الوضع الاخلاقى ، حالة الفوضى الضاربة جذورها فى الشارع المصرى امتدت حتى دخلت الفصول ،
السيد وزير التربية والتعليم يريد ان يقنن اوضاع السناتر الدراسية التى فرضت نفسها على الواقع الاجتماعى للوطن المتألم بسبب كثرة الازمات ، الواقع يفرض على وزير التعليم ان يواجه الحقيقة ، فهل سيدمج بشكل قانونى العملية التعليمية فى المدرسة بالعملية التعليمية فى السناتر فيجعل من العمليتين وحدة واحدة مكملتان لبعضهم البعض ؟ ، ام سيقنن السناتر ليفرض عليها ضرائب ويستفيد من دخل مالى جديد يضخ فى ميزانية الوزارة ليطور بها التعليم ؟، ام سيكون هذا الدخل موجه لميزانية الدولة فى صورة ضرائب على تلك السناتر ؟ ،
المواطن متوجس خيفة لان الصراع بين الافيال سيكون هو ضحيته ، خبراته السابقة تؤكد ( ان الحداية مبترميش كتاكيت ) ، وان خلف هذا الطرح هدف ليس فى صالحه بالتاكيد ! ،
اذا تركنا للخيال العنان ترى ماذا لو اعتمدت الدولة نظام التعليم بالسناتر نظاماً تعليمياً تحت اشراف الدولة ؟
خاصة بعد ان اقر كل اوائل الثانوية العامة انهم تفوقوا بسبب الدروس الخصوصية ولم يذهبوا الى المدارس !
ثم يعقب ذلك الغاء المدارس او تحويلها الى مركز تعليمى وتعتمد الدولة الشهادات التعليمية الصادرة من تلك السناتر ، اليس ذلك اوقع واصلح وممكن ان تضيف الوزارة بعض المواد الثقافية والفنية والدينية حتى تكتمل العملية التعليمية ، كيف وصلنا الى هذى المرحلة ؟ ومتى تسرب الوقت من بين ايدينا حتى نما هذا التنين المسمى بالدروس الخصوصية حتى اصبح واقعاً نريد ان نقننه فى حياتنا ونعطية شرعية قانونية ؟
الظواهر السلبية فى حياتنا كثيرة وبفعل الوقت والتغاضى وعدم القدرة على المواجهة اصبحت واقعاً فى حياتنا ارتضينا ان نعايشه ،
الاجيال القادمةسوف تلعن هذا الواقع التى سيؤدى الى تاخرها ، مهما كان الاستثمار فى شتى مناحى الحياة ايجابياً ، لكن يظل الاستثمار فى بناء الانسان الاكثر ايجابية فهو الشئ الذى يصلح كل شئ ، قننو بناء الانسان تجنو كل ثمار النجاح فى المستقبل
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.