الدكتور إسلام قناوي يكتب : مولد سيد الخلق
في يوم الاثنين الموافق الثّاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل ، أشرقت الدنيا بميلاد سيّد الخلق أجمعين ، سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وقد ولد عليه السلام في مكة المكرمة ، حيث يحتفل العالم الإسلامي من كل عامٍ بهذا اليوم ، ويقيمون فيه الموالد والمدائح النبوية ، ومن المعروف أنّ الرسول عليه السلام ولد يتيم الأب ، فقد توفّي والده وهو في بطن أمه ، ووالده هو عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم ، حيث يعود نسب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إلى قبيلة قريش ، أمّا أمه فهي آمنة بنت وهب ، وهي من بني زهرة ، والتي يعود نسبها أيضاً إلى قبيلة قريش العربية ، وقد توفّيت والدة النبي عليه السلام وعمره ستة أعوام ، فكفله جدّه عبد المطلب ، ومن ثم عمه أبو طالب . ويُعتبر يوم المولد النبوي الشريف يوماً لاستذكار صفات ومناقب أشرف الخلق والمرسلين ، فهو النبي الهادي للأمة ، الذي جاء برسالة الإسلام السمحة ليمحو التخلف والجهل والطائفية ، فقد أرسل للبشرية جمعاء ، كما يتصف شخصه بعديد من المميزات والسمات التي لا تتواجد عند أحد ، فكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ذا فصاحة بليغة مع أنه كان أميّاً لا يكتب ولا يقرأ ، واتسم بالبسالة والشجاعة، وتميّز بإخلاصه وأمانته ، وامتلك صفة الود ومراعاته للآخرين ، وكان حسن الخلق والسلام ، واشتهر بعدله وصبره ورحمته وهدوئه . وكان الرسول صلوات الله عليه وسلم يعمل في رعي الأغنام والتجارة ، وعندما أصبح في سن الخامس والعشرين تزوّج من السيدة عائشة بنت خويلد ، وأنجب منها اثنان من الذكور ، وهما : القاسم ، وعبد الله ، وأربعة من الإناث وهن : أم كلثوم ، وزينب ، ورقية ، وفاطمة الزهراء ، كما تزوج الرسول محمد بعد وفاة زوجته خديجة بإحدى عشرة امرأة ، وهنّ : سودة بنت زمعة ، وميمونة بنت الحارث ، وجويرية بنت الحارث ، وصفية بنت حيي ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأم حبيبة ، وزينب بنت جحش ، وزينب بنت خزيمة ، وعائشة بنت أبي بكر ، وأم سلمة، وماريا القبطية التي ولدت ابنه إبراهيم ، وعندما بلغ الرسول الكريم من العمر الأربعين عاماً ، أنزل الله عزّ وجل الوحي جبريل عليه وهو جالس في غار حراء ، ومن هنا بدأت مسيرته في الدعوة الإسلامية ، وكانت سراً لمدة ثلاثة سنوات ، ومن ثمّ أعلنت الدعوة جهراً ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو شفيع المسلمين يوم الحساب ، فهو الذي أخرج الناس إلى النور من جهلهم ، لذلك حظي بمحبة الناس وتقديرهم منذ نزول الإسلام ، فنادوه بكثير من الأسماء ، ومنها : حبيب الله ، الأمين ، الصادق ، الكامل ، المنصور ، السراج المنير ، الكريم ، الأمير ، أبو القاسم ، الشافع ، سيد الكون ، الهاشمي المختار ، الفاتح، الخليل، الشافي، الناجي ، البشير ، الداعي ، الهادي ، المصطفي . ويعتبر مولد النبي أيضاً إيذاناً ببدء عهدٍ جديد ، وتمهيداً لنزول الرسالة السماوية الخالدة إلى كافة الناس ، وهي رسالة الإسلام ، حيث ختم الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل جميعاً بنبيّه الكريم وبرسالة الإسلام التي جاءت بالدعوة الخالدة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى ، وعدم الشرك به ، وأداء العبادات جميعها ، والالتزام بأركان الإسلام الخمسة ، ومن صور الاحتفال بهذا اليوم العظيم أن يُحيي المسلمون سنة النبي عليه السلام والإكثار من الصلاة عليه ، فالصلاة على رسول الله من الأعمال المحببة إلى الله تعالى والتي ترفع درجة العبد يوم القيامة وتوجب شفاعة النبيّ له يوم القيامة وأثناء مروره على الصراط ، كما تنتشر بعض العادات الاحتفالية لدى المسلمين في مختلف أنحاء العالم بإعداد أصنافٍ مُعيّنةٍ من الطعام وتقديمها للفقراء والمحتاجين ، وتقديم الصدقات وعمل حلقات الذكر والأدعية في المساجد . سيظلّ يوم المولد النبوي الشريف، يوماً شاهداً على أعظم ذكرى في تاريخ الأمة الإسلامية