الدكتور علاء رزق يكتب : ميراث الحياد والاستثمارات المحايدة والدور المصري المحتمل (٢)

الدكتور علاء رزق
تناولنا فى المقال السابق كيف صنعت بعض الدول من نفسها قبلة لجذب الشركات ، ورؤوس الأموال العالمية عبر قدرتها على التنبؤ منذ عقود بما سيحدث ، وعبر قراءة علمية ثنائية للتاريخ ،أى متى يتم تجاهل التاريخ،ومتى تتعلم منه الدروس؟ وأن العقود القادمة أصبحت تفرض فرضية التجاهل وفرضية التعلم المشروط وتستلزم من اليوم قبل الغد التعلم المخطط والتعرف المحسوب بدقة في ضوء معطيات التاريخ . وفي الحقبة الجديده فإن القيمة المضافة للإقتصاد سيتم خلقها بالمقدرة العقلية وليس بالقوة العضلية، وبالتالي كانت الحاجه ملحه نحو أهمية تبني إستراتيجيات منهجيه للإندماج في إقتصاد المعرفة لمواجهة التحديات من ناحية ،والتعاون في بناء بيئات حاضنة ومؤسسات داعمة للبحث العلمي والتطوير من ناحية أخرى. وذلك كله بهدف تحسين إستراتيجية التنمية المستدامة وتحقيق تكامل إقليمي إقتصادي لإنتاج المعرفة والإبتكار. العالم الآن يبحث عن ضروره العمل الدائم لتطوير الواقع وتغييره والتعامل بمرادفات إقتصاد المعرفة، مع الإصلاح التنظيمي وتطوير نماذج العمل وتوفير سياسات تسعيرية خاصة بالمنتجات الرقمية. ولا شك أن كل الإستراتيجيات المنهجية تقوم على أن التعليم هو أحد مصادر تعزيز التنافس الدولي لأنه مفتاح المرور لدخول عالم المعرفة والتطوير للمجتمعات من خلال تنمية حقيقيه لرأس المال البشري الذي هو بالفعل محور العملية التعليمية، وبالتالي يمكن القول أن مجتمع وإقتصاد المعرفة مرتبط بمفهوم ومجتمع التعليم ،وكما نحن أمام مجموعة من التحديات والصعوبات ، نحن أيضاً أمام مجموعة من التمنيات أهمها تمنى الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات سلعية غير بترولية، و100 مليار دولار صادرات سلعية بترولية، و30 مليار دولار عائدات سياحية، و70 مليار دولار عائدات تحويلات المصريين بالخارج ،هذا كله مرتبط بمدى مساهمة المعرفة في زيادة الإنتاجية، وتحسين الأداء وتقليل تكاليف الإنتاج، وتطوير نوعيته بإستخدام الأساليب المتقدمة، وكذلك تطوير الأنشطة الإقتصادية بما يدعم نموها ويحافظ على إستمرارتها كل هذا مرتبط بدعم الدخل القومي من خلال إنشاء مشاريع ومتابعة عوائدها المالية، والتسليم بأن المعرفة تساهم في توفير الأسس الضرورية لدعم توسع الإستثمار، والأهم هو القدرة على بناء راس مال معرفي لتوليد إنتاج المعرفة أي تقليل إستخدام الموارد الطبيعيه وتطوير الموجود منها وهو الضمانة الحقيقيه لإستمرار تطور النشاطات الإقتصادية ونموها دون التأثر بمحددات تحد منه مثل الندرة جوهر المشكلة الإقتصادية بما يساهم في تغيير هيكله الإقتصاد وتعزيز الإستثمار برأس المال المعرفى ودعم الصادرات الوطنية. السؤال الآخر الذي طرح نفسه ماذا ينقصنا كدولة مصريه عريقة سعت خلال الفترة الماضية عبر ثمانى سنوات من الجهود المضنية في بناء نموذج اقتصادي عبر تعظيم فكرة الدولة التنموية ،وتطوير البنية التحتية، وربط السياسة المالية بالسياسة النقدية عبر مجموعه من الإجراءات التي لم يجرؤ على إتخاذها أي رئيس سابق ، وسعت بكل قوه نحو إستغلال أمثل لأعظم ممر مائي ملاحى على وجه الأرض وهو قناة السويس عبر أكبر مشروع من المشروعات العالمية على ضفتيها وهو مشروع تنمية محور قناة السويس ، وهو ما ادركناه اليوم بتحقيق القناة لأعظم إيرادات لها وتحقيقها لأكثر من ٧ مليار دولار فى وقت إنخفضت فيه معدلات التجارة العالمية لأدنى مستوياتها وهو ١,٦٪ عام ٢٠٢٢ ، ولكن إصطدم هذا بعدم القدرة على تحديث التشريعات الإقتصادية القادرة على جذب هذه الشركات المهاجرة، ورؤوس الأموال الثائرة، فنحن يجب ان يكون لدينا نصيب عادل من هذه الأموال المهاجرة، بما نمتلكة من موقع جغرافي فريد وعبقري، وقرب أكبر من اي دولة بقارة أوروبا العجوز ، مع عدم تواني القيادة السياسية في تنفيذ اي مشروعات تكون داعمة لعملية تطوير البنيةالتحتيةوتطوير البنوك الوطنية . مطلوب الآن قبل أى وقت مضى السعي وبكل رؤية ثاقبة نحو تعديل قانون الضرائب خاصة على الدخل وفيما يختص تحديداً بأسعار الضريبة ، مع إقتراح مبدئي ألا تزيد عن 14% ،هذا الأمر سوف يؤدي الى تحفيز الشركات الدولية وروؤس الأموال العالمية الباحثة عن الملاذ الآمن على الهجرة إلى مصر ، مع ربط هذا الأمر بضرورة النظر مرة أخرى في قانون الإستثمار حتى يمكن تحفيز هذه الشركات أكثر على تاسيس شركات لها في مصر كي تتمكن من إدارة أنشطتها المترامية حول العالم . بهذا التوجة ، ومع إختيار أهل الجدارة وليس أهل الكفاءة فى تنفيذ هذا الفكر غير التقليدى، سيكون لمصر جزء من ميراث الحياد الذي تخلت عنه سويسرا ،ودعوة الإستثمارات المحايده الى أرض مصر المحايدة.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجي للتنمية والسلام
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.