استطاع الشعب الأذربيجاني الانتصار على المحتل وتحرير أرضه بعد ٣٠ عاما من التخريب والتدمير لكل مظاهر الحياة الإنسانية والطبيعية بجرائم لا أخلاقية ولا إنسانية ارتكبها المحتل الأرمينى مع البشر والحجر والنبات، حتى دور العبادة المختلفة لم تكن بمنأى عن جرائمه، خاصة المساجد التي حولها إلى حظائر واسطبلات للمواشي، حتى المقابر انتهك حرمتها واعتدى على جثث الموتى والشهداء!
وغرس كل أذربيجاني فى عقيدته، وعلى رأسهم الرئيس إلهام علييف، أن حياته مرهونة باسترداد حقه وتحرير أرضه، فكانت كاراباخ “أيقونة الكفاح”، وكلمة السر فى تحقيق النصر، ومازالت، لاستكمال مسيرة التنمية المستدامة على كامل أرض أذربيجان.
يشير السيد فائق حاجييف، مسئول الديوان الرئاسى عن منطقة أغدام، إلى حرص جمهورية أذربيجان على إعادة الطابع الحضارى والثقافي لأذربيجان عامة، والمناطق المحررة خاصة، لما تتميز به من كنوز تراثية وحضارية ضاربة فى أعماق التاريخ، وأقرب مثال على ذلك قصر الملك على خان، الذى أقيم في القرن الثامن عشر وفيه ديوان لاستقبال الضيوف، بعد تأسيسه لمدينة أغدام التراثية بما تضمه من مشاهد وقلعة ومبان ومزارع، واستكمل ابنه أوغلو ابراهيم المسيرة، ثم حفيده مهدى أوغلو، فضلاً عن ابنته الشاعرة “نافاتان” والتى عرفت بأعمالها الخيرية والإنسانية، وتوجد لهم جميعاً مشاهد وقبور مازالت قائمة، بالإضافة إلى مسجد الجمعة الذي بنى بين عامى ١٨٦٨- ١٨٧٠م، بتصميم المعمارى صافى خان الذى أنشأ عددا كبيرا من المساجد بنفس الطراز، ولكن دمره المحتل الأرمينى وحوله إلى حظيرة مواشى، حملنا نجاساتها بعد التحرير في ٧ ناقلات شحن! وتقوم الحكومة الأذربيجانية حاليا بترميمه وإعادة تأهيله.
أوضح “حاجييف” أنه تم تخصيص مساحة كبيرة على أرض أغدام لتضم جثامين الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، خاصة وأن هناك ٦ آلاف شهيد من أغدام وحدها استشهدوا خلال الحرب الأولى، وقد تحولت أغدام إلى مدينة أشباح بعد تهجير أهلها قصرا وتدمير معالمها واستنزاف خيراتها.
من جانبه أوضح قربان رضاييف، نائب محافظ كانجا، أنه تم أعادة تأهيل وفتح حديقة النصر، باعتبارها تخدم السياحة والثقافة، ومتنفس لسكان المنطقة وتضم مسجدا وكنيسة أرمينية، بعد استهدافها بصواريخ من المحتل الأرمينى، ليلا ورغم أنها منطقة سكنية وبعيدة عن خطوط المواجهة.
مدينة خضراء
ويشير المسئول عن ادارة كاراباخ السيد اراز امانوف، إلى أن المساحة الكلية لمنطقة كاراباخ تبلغ ٢٠ ألف كم اى حوالى ثلث مساحة جمهورية أذربيجان البالغة ٨٦ ألف كم، وتضم ٨٠ مسجدا سيتم أعادة بنائها، فضلاً عن دور العبادة لأصحاب العقائد المختلفة. كما تقوم الحكومة والدولة الأذربيجانية بجهود كبيرة لإزالة الألغام وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها المحتل الأرمينى بأسرع ما يمكن،
كما تعهد بذلك الرئيس إلهام علييف، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتحويل كاراباخ إلى مدينة خضراء، ولذلك قام بوضع حجر الأساس لمدينة فضولى الجديدة مقابل المدينة القديمة المدمرة، والعمل يجرى فيها على قدم وساق للانتهاء منها فى أسرع وقت ممكن. خاصة وأن هناك خط تماس طوله ٢٠٠م وعرضه ٥ كم، ملئ بالألغام التى يقوم بكشفها وإزالتها خبراء لديهم تجارب دولية سابقة. خاصة وأن كل أراضي كاراباخ صالحة للزراعة بمحاصيل القمح و العنب والقطن ومزارع ومناحل لإنتاج عسل النحل الجيد.
بداية الإعمار
وصرح د. ايميل رحيموف، المستشار الإعلامي للسفارة الأذربيجانية بالقاهرة سابقا، بأن الدولة الأذربيجانية خصصت ٣ مليار دولار كبداية لإعادة تعمير وتنمية كاراباخ، مع تشجيع الشركات العالمية للمشاركة والاستثمار، فى إعادة البنية التحتية بأسرع وقت ممكن لاستقبال سكانها الأصليين وهم قرابة المليون مواطن، صاروا ما بين نازح ولاجئ جراء الاحتلال الأرمينى.
وقال: بدأ تشغيل المطار الدولي الذي بني في فضولي 5 سبتمبر 2021 ، حيث هبطت طائرة ركاب إيرباص A340-500 من طراز “كاراباخ” ، والتي أقلعت من باكو ، في أول مطار رائع تم بناؤه حديثًا في كاراباخ. هذا الحدث هو تأكيد على القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية. خلال ٨ أشهر فقط ، لكن هذه المنطقة أصبحت اليوم البوابة الجوية لكاراباخ للعالم. عندما وضع الرئيس إلهام علييف أسس ذلك المطار في 14 يناير ، قال إن أحد الأهداف الرئيسية لهذا المطار هو ضمان وصول الضيوف الأجانب إلى “شوشا” العاصمة الثقافية لأذربيجان ، والتي تعتبر لؤلؤة كاراباخ.
استراتيجية التعمير
من جانبه ألمح “احترام سيفيروف” مسئول وكالة إزالة الألغام، إلى وضع الرئيس إلهام علييف، خطة استراتيجية لإعادة تعمير وتنمية مدينة أغدام بعد إزالة كل الألغام التى نشرها المحتل الأرمينى طوال ٣٠ عاما، ومن خلال تعاون وتنسيق جميع الوزارات والمؤسسات المعنية تم إزالة ١٧ ألف و ٦٦٢ لغما، من مساحة المدينة البالغة قرابة ال ١٤ ألف هكتار، وكل هذه الجهود تمت بخبرات محلية وباستخدام أحدث الآليات.
القرية الذكية
وأكد مجاهدوف، مسئول القرية الذكية بمنطقة زنجلان، أنها بداية لاستقبال العائدين لوطنهم فى مكان معد ومجهز على أحدث التقنيات المتماشية مع استراتيجية صداقة البيئة والتنمية المستدامة من خلال استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، فالقرية تضم ١٠٠ منزل جاهز ومثلها تحت التجهيز،
وبالفعل تم تسكين ٦٦ أسرة تضم ٣٢٥ فرداً، تم نقلهم على ٣ مراحل و٩٠ بالمائة منهم تم توفير العمل لهم، وكل الخدمات والمساعدات متوفرة من حضانة ومدرسة ومستشفى وفروع لخدمات الانترنت والأخوال المدنية والشخصية والمالية، وتيسيرات لذوى الهمم، وحديقة ومتنزهات وكلها مؤمنة بسور عال.