تابع رضاييف: نشهد هذا العام أيضا مرور ثلاثة عقود تجمع أذربيجان ومصر في تقارب مستمر وتعاون دائم، تعززهما المشتركات
التاريخية والروابط الشعبية، والتفاهمات السياسية حيال العديد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عما يربطهما من
قيم ثقافية مشتركة وعادات وتقاليد متقاربة، تضرب بجذورها في أعماق الماضى. ولذا، ليست مصادفة أن تكون مصر في مقدمة
الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية اذربيجان فى ديسمبر 1991، لتكتمل تلك الخطوة بتبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما في
أبريل عام 1992، وهو ما كان بمثابة الخطوة التمهيدية للزيارة التاريخية التي قام بها الزعيم حيدر علييف رئيس جمهورية أذربيجان،
إلى مصر عام 1994، والتي مثلت نقطة الانطلاق في مسيرة العلاقات بين البلدين، عبرت عنها حجم الاتفاقات الموقعة بينهما وتنوع
مجالاتها، إذ شهدت علاقاتهما منذ ذلك الحين تطورا ملفتا اتخذ منحى تصاعديا في مستواها، توج بالزيارة التاريخية التي قام بها
الرئيس الاذربيجانى إلهام علييف في مايو 2007، والتي استكملت خطوات المسيرة التعاونية بين البلدين، على النحو الذى تم
عقد اجتماع لأعمال اللجنة المصرية الاذربيجانية المشتركة الأخرى في 27 ديسمبر من العام ذاته، وذلك بهدف البحث في سبل
التعاون ودفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، وقد تم خلالها الاتفاق على إقامة عدد من المشروعات الاستثمارية
والصناعية المشتركة، ومع العمل على تفعيل أعمال اللجنة بشكل دورى وصولا إلى عقد الدورة الخامسة متزامنا مع الاحتفال
بالذكرى الثلاثين لقيام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إذ شهدت العاصمة باكو فعاليات هذه الدورة برئاسة د. رانيا المشاط، وزيرة
التعاون الدولي السابقة، عن الجانب المصري، ورشاد نبييف وزير النقل والتنمية الرقمية عن الجانب الأذربيجانى، كما تم في إطارها
انطلاق عمل منتدى الأعمال المشترك (المصرى الآذربيجاني). ويذكر أنه خلال فعاليات هذه الدورة الخامسة تم التوقيع على خمس
وثائق للتعاون في مجالات التنمية المختلفة، حتى وصلت عدد الوثائق إلى ما يزيد على خمسين اتفاقية خلال ثلاثين عاما.
استطرد رضاييف: وغنى عن القول إن ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين من تقارب واضح كان نتاجا للرؤية الثاقبة التي يحملها قادة
البلدين بشأن أهمية العمل على تعزيز التفاهم والتعاون بين بلديهما؛ تلك الرؤية التي انعكست على ما اتخذته حكومتا البلدين من
قرارات وما تبنته من سياسات وما انتهجته من خطوات، دفعت إلى توسيع مجالات التعاون، كان من أبرزها الموافقة من الجانبين
على الاتفاق الحكومى بشأن إلغاء تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية أو الخاصة أو المهمة، تلك الخطوة التي كانت بمثابة إجراء من شأنه تسهيل حركة المسئولين من ناحية، وإعطاء المرونة في التعامل بين الدولتين من ناحية أخرى.
كما أنه تم استئناف الرحلات المباشرة والمنتظمة بين البلدين بواقع رحلة واحدة أسبوعية من منتصف مارس الماضى (2022) بعد توقف بسبب تفشى جائحة كوفيد 19، إذ تعد هذه الخطوة مهمة في سبيل دفع حركة السياحة الوافدة من أذربيجان إلى المدن السياحية المصرية.
أضاف قائلا: كما أن الاحتفال بالثلاثين عاما على علاقات البلدين قد جاء متزامنا أيضا مع الاحتفال على النصر المبين الذى حققته جمهورية أذربيجان ونجحت في استعادة أراضيها المحتلة من قبل جمهورية أرمينيا في معركة لم تتجاوز الأربعة والأربعين يوما، كانت معركة اذهلت العالم، كيف نجحت القوات الآذربيجانية في الوصول إلى تلك المناطق الجبلية الوعرة لتستعيد حقها في أرض الأجداد… إذ يمكن القول إن هذه المعركة سوف تضاف إلى سجل المعارك التي تدرسها الاكاديميات العسكرية والأمنية للاستفادة من خططها وتكتيكاتها.
أوضح رضاييف، مؤكداً أن جوهر القول: إن العلاقات الأذربيجانية المصرية كما انها علاقات تاريخية تجمعها العديد من المشتركات، فإنها علاقات تعززها العديد من مجالات التعاون؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا ودينيا. إذ يكفى النظر إلى حجم الاتفاقات الموقعة بين البلدين، وحجم الزيارات المتبادلة على مستوى كبار المسئولين من جانب، ومستوى الباحثين والإعلاميين والخبراء والمتخصصين من جانب آخر.
وأردف موضحاً، نجدد تأكيدنا على أن قادم الأيام سيشهد مزيد من التعاون الأذربيجانى المصرى في ظل ما تحمله قيادات البلدين من رؤى دافعة للمستقبل، وما تحرص عليه حكومتا البلدين من توسيع مجالات التعاون وتنفيذ الاتفاقات الموقعة، وما يجمع الشعبين من تراث ثقافى مشترك.
تجربة رائدة
وأكد رضاييف، عودة الأذان إلى مدينة شوشا التاريخية بعد غياب دام 28 عاما فى ظل الاحتلال الأرمينى لها، واصفا أذربيجان ومصر بأنهما رائدتان فى تقديم التجربة الثرية التى جمعت بين إرث الحضارة الإسلامية من ناحية، والعصرنة من ناحية أخرى، لتؤكدان للجميع أن الإسلام لا يتعارض مع مقتضيات العصر ومتطلباته، وإنما الانغلاق الذى أصاب الأمة الإسلامية فى فترات تاريخها المظلم هو الذى يتعارض مع متطلبات العصر.