لو أن هناك دولة فيها طفلة عمرها 10 سنوات فازت بميداليتين ذهبيتين لعامين متتاليين في مسابقة قارية .. بطولة أفريقيا .. لكان المسئولون عن الرياضة في هذه الدولة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها !
ولو عرفت أن هذه المسابقة ليست في لعبة الجمباز أو السباحة أو الجودو أو الكونغ فو أو أي رياضة بدنية .. لكنها لعبة من ألعاب الرياضة العقلية والذهنية .. رياضة الذكاء والعبقرية والتفكير ، وحسابات التوقع ، وحساب الخطوة التالية .. لعبة الشطرنج
بطلة هذه الحكاية هي الطفلة ” رغد علاء الدين حرزالله ” تتبع نادي مركز ومدينة ههيا الرياضي .. محافظة الشرقية ، ومسجلة في الاتحاد المصري للشطرنج وبطلة أفريقيا هذا العام ، والعام الذي قبله ، وكان قد كرمها وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي في مكتبه ووعدها بالسفر لبطولة العالم الفردي في الشطرنج للمراحل السنية من 8 سنوات إلي 12 سنة والمقامة في دولة ” جورجيا ” هذا العام في الفترة من 15 سبتمر إلي 28 سبتمبر 2022
ورغم أن هناك توجيهات رئاسية مباشر وصريحة لرعاية الموهوبين والمتميزين في كافة المجالات والبحث عنهم في أي مكان إلا أن ” رغد ” بكل من تحمله من موهبة في لعبة الشطرنج وبما حققته من ميداليات ذهبية علي مستوي القارة الإفريقية لم يشفع لها لكي تسافر وتحقق – رغم صغرها – حلمها الكبير في تحقيق ميدالية لمصر .. ذلك الحلم الذي تحطم علي صخور الروتين واللوائح وربما أشياء أخري لا نعلمها .. الله يعلمها
حكاية ” رغد ” تكشف العجب في منهج الوزارة والاتحاد المصري للشطرنج في رعاية الموهوبين والأبطال خصوصا أصحاب الرياضات الفردية في الوقت الذي تسعي فيه دول كثيرة لاختطاف مثل هؤلاء لتشجيعهم ورعايتهم والإنفاق عليهم !
في قرار الوزارة الخاص بمشاركة البعثة المصرية في المشاركة – الذي اطلعت عليه – عجب العجاب الذي يصل إلي حد قتل المواهب عمدا ومع سبق الإصرار .. والذي جاء حرفيا
– في المادة الثانية : ( تتكون البعثة من 7 أفراد + رئيس البعثة والمدرب + 5 لاعب ولاعبة ويرافق البعثة عدد 3 أولياء أمور علي نفقتهم الخاصة ) !
– في المادة الثالثة : ( يتحمل الاتحاد الجورجي للشطرنج بالتكاليف المالية الخاصة بالإقامة والإعاشة لجميع أفراد البعثة المكونة من ” 7 ” أفراد ، ويتحمل أولياء أمور اللاعبين ببقية التكاليف المترتبة علي سفر ومشاركة البعثة ، وأن يتعهدوا بعودة جميع اللاعبين إلي مصر مع عدم المطالبة بأية دعم مالي من الوزارة حاليا أو بعد العودة ، وذلك دون أن يتحمل الاتحاد المصري للشطرنج أو وزارة الشباب والرياضة لأية أعباء مالية حاليا أو مستقبلا وطبقا لما ورد بكتاب الاتحاد المرفق )
باقي القرار تطلب فيه الوزارة من رئيس البعثة تقريرا يوميا عن المهمة ….. إلي باقي تفاصيل روتين دهاليز القرارات التي من هذا النوع
الحقيقة أننا أمام حكاية أو قل ” مأساة ” تؤكد أن الوزارة والاتحاد لا يؤمنون بما يصرحون ويقولون عن تشجيع الأبطال والمواهب ، وأن توجيهات الرئيس محل التنفيذ
ياسيادة الوزير الدكتور أشرف صبحي قرار الوزارة الذي أمهرته بتوقيعك يقتل عمدا المواهب ، ويطفيء نور الأمل في عيون هذا الجيل لأن البطلة الصغيرة ” رغد ” لا تملك السفر ومعها مرافق علي نفقتها الخاصة لضيق ذات اليد!
يا سيدة الوزير ما جاء في القرار غير طبيعي وغير معقول ، ويقلل من قدر وقيمة مصر الكبيرة في عيون الغير .. ثم أين هو الدعم الذي يقدم لبطلاتنا وأبطالنا من الوزارة أو اتحاد أي لعبة غير كرة القدم التي يهدر الملايين عليها ولا تحقق شيئا ؟
ليس من المعقول أن يتحمل الاتحاد الجورجي للشطرنج نفقات إقامة وإعاشة البعثة .. والوزارة والاتحاد لا يتحملون شيئا فتحرم ” رغد ” من السفر ! هل الوزارة أو الاتحاد فقراء ؟ لا أظن !
هل معقول في مثل هذه المشاركات الدولية أن يقال للمشاركين سافروا علي نفقتكم الخاصة .. وكأن الوزارة والاتحاد تقول ( وإذا كان عاجبكم )
في كل الأحوال ما حدث هو تقصير في حق ” رغد ” الذي ضاع .. وإهدار لموهبتها ، ورسالة سلبية لمثل من هم علي شاكلتها .. ولا يبقي غير مناشدة الرئيس لإصلاح هذا الخلل وإزالة لوائح عفا عليها الزمن .. ولكي الله يا ” رغد ” ولينعم من في الوزارة ومن في اتحاد الشطرنج بالشو والمكافآت عندما يفوز هؤلاء الأبطال !
( مصر جميلة .. خليك فاكر مصر جميلة..) وزير الشباب ورئيس اتحاد الشطرنج أفرغوا هذه الكلمات من مضمونها !