عبد الناصر البنا يكتب : جهل الجهلاء !

فيديو متداول بشكل واسع على على موقع فيسبوك عقب موافقة مجلس النواب المصري في جلسته الطارئة التي
انعقدت في 13 أغسطس الجاري على إجراء تعديل وزاري شمل 13 حقيبة وزارية ، وعيّن خلالها الدكتور رضا
حجازي وزيراً للتربية والتعليم والتعليم الفني بدلاً من الدكتور طارق شوقي جلال ، وادعى متداولو الفيديو على غير
الحقيقة أنه لوزير التعليم المصري الجديد . الفيديو منشور على موقع يوتيوب Youtube منذ يناير 2016
عموما الفيديو لم يكن صدمة بالنسبة لى ، والمسئول هو السيد محمود الشريف وكيل مجلس النواب وقتها وهو
يتلجلج ويتلعثم فى قراءة الآية الكريمة ” لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ” خاصة
وأن هذه إحدى سمات العصر . والطريف فى الأمر أنك تجد أن أغلب المسئولين لديهم لديهم نفس المواهب
والقدرات !!
والسؤال هنا : كيف يتم إختيار المسئولين لدينا ؟
هل يتم الإختيار أو تكون الـ أولوية لمن لديه خطط للتطوير ، أو حاصل على دورات .. إلخ . أم يتم الإختيار بطريقة ”
حادى بادى ” وشالو ألدو حطو شاهين . أنا شابفها ” حادى بادى ” أو التغيير لـ أجل التغيير فقط . كم كنت أتمنى أن
يخرج علينا مسئول لكى يعطى لنا على سبيل المثال بمناسبة نسب الفيديو المتداول للدكتور رضا حجازى ، سبب
مقنع لـ تنحى الدكتور طارق شوقى جلال بنوع من المصارحة والمكاشفة عن أدائه فى الوزارة لـ أنه الوزير الوحيد
الذى أحدث إنقسام شديد فى مصر مابين مؤيد له ومعارض لقراراته وسياسته فى إدارة الوزارة .
قد يكون الدكتور طارق شوقى قد تعرض لـ “ضغوط ” شديدة من لوبى أصحاب المصالح من دروس خصوصيه وسناتر ،
مرورا بالكتب الخارجية وأصحاب المدارس الخاصه .. وهلم جر . لكن حتى اللحظة لانعلم إن كان نجح أم فشل فى
سياسته !! . وهل سوف يكمل الدكتور رضا ما بدأه الدكتور طارق أم اننا سوف نشهد ” حماده ” تانى خالص ؟ . وفى
ظل هذا الصمت الرهيب أقول الله تعالى أعلى وأعلم !!
أعتقد أن الصورة ” قاتمة ” بعض الشىء . ولكن حتى نكون منصفين السيد محمود الشريف ، لم يكن الوحيد الذى
أخطأ فى نطق الآية الكريمة ، فى السنوات الأخيرة شاهدنا العجب العجاب لـ مسئولين أطاحوا بقواعد اللغة العربية
الأرض ليس على مستوى مصر فقط ، وإنما على مستوى وطننا العربى ، وهذا ليس مبررا أو عملا بالمثل العامى ”
إحنا أحسن من غيرنا بكتير ” .
لعلنا نتذكر القمم العربية والمهازل التى كنا نسمعها من الملوك والرؤساء والزعماء والقاده العرب وكان الواحد يقول ”
يا أرض إنشقى وإبلعينى ” . ولعلنا نتذكر أيضا اللغة العربية وهى تنعى حظها العثر على لسان وزيرة الاستثمار فى
مصر ، ووصلت المأساة إلى ذروتها عندما أخطأت فى نطق كلمة ” لاسِيَّمَا ” . وقال النحاة أن كلمة ” لاسِيَّمَا ” فى
معجم اللغة العربية المعاصرة كلمة مركّبة من (لا) و (سيّ) و (ما) ، ومعناها بخاصّة ” كأن نقول هو مُحِبٌّ للأدب ولا
سيَّما الشِّعر” ، وعموما هذا ليس مجالنا الآن .
ممكن حد يبرر ويقول أصل الوزيرة كانت تدرس فى مدارس أجنبية ، حتى لو كانت خريجة مدارس دولية أو جامعات
أجنبية ففيها بيدرسوا اللغة العربية ، ونفترض أن سحر نصر مع حفظ الألفاب خريجة مدارس أجنبية .. هل بقيه
المسئولين لدينا من خريجى تلك المدارس والجامعات ؟ وهنا أقول لهم : تعالوا لى فى الواسع ، أنا أتذكر مدرس
اللغة العربية فى مدارسنا الحكومية زمان أيام التعليم ” أبو بلاش ” ياسادة ياكرام لما كان يدخل الفصل ويحط كومة
الكتب إللى شايلها تحت إبطه والمسطرة العريضة ” صـــفاء ” والطباشير والبشاورة على المكتب ، كان يوم إسود
لما يكتب على السبورة ” مراجعة ” أو ” تســـميع ” وببدأ بالنحو والصرف والنصوص والقراءة والـ إملاء وهلم جر .
والويل كل الويل لمن يخطىء كان يشرف جنب السبورة ويتمد أو يتعبط وأضعف الإيمان أنه يتلطش على ضهر إيده
بالمسطرة العريضة ، علشان كده خرًجوا أجيال تفهم وتعى قواعد اللغة ورصانة الخط ياسادة ياكرام . وعلشان
مانقولشى للزمان .. إرجع يازمان . لازم نعى أنها أمانه ومسئوليه ، وإللى يحس أن الكرسى أو التوب واسع عليه
يفسح لغيره ، لـ أنها أمانة ومسئوليه وليست وجاهة . زمان كان كان لى قريب ” الله يرحمه ” كان يقرأ وهو مش
فاهم ، مسك فى مره الجورنال وقرأ ” سموو ” الشيخ زايد فى مصر ، ضحكت وقلت له : ما تعرفش لسه عايش ولا
لا ؟ إسمها ” سِموُ ” ياجاهل . وكنا نضحك عليه وهو يقرأ باب ” أريد زوجه ” أو ” أريد عريس ” قرأ فى إحدى المرات
: هى 28 عاما من أسره ” محافظه ” قرأها هكذا ، قلنا له من أسره مُحافٍظه أى تحافظ على العادات والتقاليد .
هى لغة مثل الذى قرأ فيلم العزيمة ” العز .. يمة ” والله إن شر البلية ما يضحك ، لماذا لا يكون هناك مصحح لغة لـ أى
مسئول لأن الكلمة طلقة لو خرجت ليس لها صد أو رد . قد يكون المسئول صاحب قدرات ومواهب فى مجال
تخصصه ولكن لا يجيد أو لا يتقن اللغة ، فما المانع أنه يبتعد عن التصريحات أو اللقاءات الـ إعلامية التى تظهر جهله ،
أو يعين له مستشارا أو متحدثا للإعلام . ولماذا لا يلحق هؤلاء بدورات تدريبية فى فن الإلقاء وهذا ليس عيب أو
تقليل من شأن المسئول .
فى كتاب الله يا سادة العديد من آى الذكر الحكيم التى تحث على العلم ومنها قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم
” يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ” وقوله تعالى ” وَقَلْ رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ”
وقوله ” إنَّما يخشى اللهَ مِنْ عِبادِهِ العُلَماءُ ” وقال ” وما يَعقِلُها إِلاّ العالِمون ” . وأيضا ” وقالوا لو كنَّا نَسْمَعُ أو نَعقِلُ ما
كُنَّا في أصحابِ السَّعِير ” وقوله ” هَلْ يَسْتَوي الَّذينَ يَعْلَمونَ والَّذينَ لا يَعلَمون .. صدق الله العظيم .
وقد صحَّ عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال : من سلك طريقاً يطلب فيه علماً ، سلك الله له به طريقاً إلى
الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم .. إلخ الحديث الشريف . وقوله ” طلب العلم فريضة على كل
مسلم ” وأختتم بقول ابن المبارك – رحمه الله – ” لا يزال المرء عالما ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل”
. هل وصلت الرسالة .. ” إستقيموا يرحمكم الله !!