الدكتور نصر محمد غباشي يكتب : عندما زلزلت الدكتورة هالة زايد العالم بزيارتها للصين وكان أسمها في السماء
لم يكن اليوم الأول من مارس عام ٢٠٢٠م يوماً عادياً فى حياة الوزيرة الدكتورة هالة زايد، بل بزغ صعود نجمها سريعاً
كالشهاب اللامع وانشغال العالم لها، بعد أن تم تكليفها من قبل القيادة السياسية بزيارتها التاريخية للصين، من
أجل تقديم يد العون والدعم للشعب الصيني في تغلبه على وباء فيروس “كورونا”، وفي نفس الوقت الوقوف على
آخر المستجدات في تبادل الخبرات بين البلدين في مكافحة هذا الفيروس المستجد، فى ظل ظروف إنسانية تجتاح
العالم جراء هذه الجائحة التى تهدد بفناء الإنسان من على وجه الأرض، وقد تحملت الوزيرة المسئولية بكل شجاعة
دون أن تهاب المرض أو الموت، وهى تعلم مدى الخطورة البالغة التى كاد أن تتعرض لها نتيجة زيارتها لمعقل هذا
الوباء الذى خرج من الأراضي الصينية لكى يغزو العالم بهلاكه للبشرية، ولم تبالى بنت الشرق لجسامة الخطر فى
سبيل إنقاذ الإنسان من هذا الوحش المخيف الذى يهدده بفنائه حتى لو كان فى غرفة نومه، وتعتبر هذه الزيارة
كان لها أعظم الأثر ليس في مصر فحسب ولكن في جميع بلدان العالم والتاريخ الإنسانى.
وإذا نظرنا إلى زيارة الوزيرة الدكتورة هالة زايد، مقارنة بزيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى
تايوان فى بداية شهر أغسطس الجاري، نجد أن زيارة الأولى تستحق عظيم التقدير والاحترام لأنها من أخطر
الزيارات التى تهدف إلى المحافظة على أمن وسلامة البشر واستقرار وسلامة أموال واقتصاد الدول، وهذا هو قول
الصدق والعقل والمنطق، أما زيارة الثانية نجد أن هناك تنافر كبير بينها وبين زيارة زايد، لأن رحلة بيلوسي كانت على
متن طائرة عسكرية يحرسها سرب من الطائرات الحربية الأمريكية فى عملية استفزازية للحكومة الصينية
باستعراض قوى وهيمنة أمريكية، بالوقوف إلى جانب تايوان ودعمها سياسياً وعسكرياً ضد المشروع والحلم الصينى
لضم تايوان إلى الصين الأم، وهذا الصراع الكارثى بين واشنطن وبكين يهدد بقيام حرب عالمية نووية ثالثة ونسأل الله
تعالى أن لا يقع حدوثها، لأن حصيلة الخلافات والصراعات الأيديولوجية والمعتقدات بين قوى الدول النووية تهدد بفناء
الكون، لأنهم يستعبدون العالم بالقوة والعنف.
وتعد الرحلة الخالدة للوزيرة هالة زايد هى تعبير وجدانى عن الجوهر الإنساني في قيم وأخلاق شخصية قيادية
نسائية وطنية تمجد الإنسانية بتمثيلها الأمة المصرية، دون أن تخشى أن يصيبها الوباء بسوء، لأن جسامة الخطر
من انتشار الوباء لا يستطيع أحد أو يدرك على وجه التحديد حجم قوته وهلاكه للبشرية،أو توابعه بعد أن يصيب
الإنسان إذا تعرض له،فمن يستطيع مواجهة ويتحدى ويجازف بحياته ضد خطورة هذا الوباء الكارثي، فهو حقاً وصدقاً
إنسان عظيم وفى قمة عطائه الإنسانى، إذ أراد بإرادته أن يكون فدائى خالد يزيح هموم البشرية من وحش مفترس
يريد الفتك بالإنسانية جمعاء، وهذا ما قدمته امرأة مصرية ممثلة الحضارة الإسلامية والمصرية القديمة، التى هى
تعد أعظم وأرقى حضارة فى العالم تصدر للعالم شتى العلوم الإنسانية في مجال الطب والآداب والفنون والعلوم
والتجارة والصناعة والزراعة،
إن حب الدكتورة هالة زايد لوطنها ووفائها لشعب مصر العظيم جعلتها أن تكون رمز الإخلاص والفداء والتضحية،
بسيرتها العظيمة وجهادها فى سبيل إزاحة الكوارث التى يعيش العالم فى انهيار كبير
لها نتيجة تفشى هذا الوباء، والذى يتجلى في عظمة المجد الفريد لبطلة من مصر أراد القدر لها أن تكشف زيف
التهم والافتراءات التى وجهها البروفيسور صموئيل هنتجون، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد أعرق الجامعات
الأمريكية، فى مقاله له تم نشرها في إحدى الدوريات الخاصة بالشئون الخارجية من شهر يونيو عام 1993م،
مهاجماً الدين الإسلامي الحنيف بأنه السبب فى الصراع الدولى بين الشرق والغرب وهو الخطر القادم الذى يهدد
المجتمع الغربي بالفناء بعد انهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991م،
لو يعلم صموئيل أن الدين الإسلامي أخرج الناس من الظلمات إلى النور وأن حضارات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
هى التى خلقت العلوم والمعرفة الإنسانية قبل مجيء الإغريق إلى مصر بآلاف السنين، هل يعلم هنتجون مكانة
الإسلام فى تاريخ المعرفة الإنسانية حيث أن الحضارة الإسلامية كانت هى الطريق بين الحضارة الإغريقية وعصر
النهضة الأوروبية، والتى امتزجت بها المعرفة بين حضارة الصين والهند لأن الحضارة الإسلامية هي الوريثة لحضارات
العالم القديم، وكان أولهم الحضارة المصرية القديمة والحضارة الصينية والهندية والإغريقية، والتاريخ يعيد أمجاده من
جديد منذ اللحظة الأولى من إعلان الوزيرة هالة زايد عن زيارتها للصين،
من هنا تلتقى أمجاد الثلاث حضارات على أرض الجنس الأصفر وهى الحضارة الإسلامية والمصرية القديمة،
والحضارة الصينية وتنقسم إلى الحضارة الأصلية فى بلاد الصين والجزء اليابانى من هذه الحضارة، من ثم هنا تخضع
إرادة الإنسان لكل جراء عمل إنسانى يقوم به من أعمال يعتبر صحيحا منتجاً لأثره، فى سبيل إنقاذ الإنسانية من
جائحة كارثية تريد اقتحامها واغتيالها، وستبقى زيارة الدكتورة هالة زايد إلى الصين علامة مضيئة في سجل التاريخ
الإنساني الأعمق أثرا وطيبة، في سبيل التحرر من القيود التي يفرضها فيروس كورونا للقضاء على العالم، وختاماً
يقول الله تعالي في الآية الكريمة {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17]