عصام عمران يكتب : “التعديل ” أمنيات وطموحات
”أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل من السيدات والسادة الوزراء الذين أنهوا مهمتهم فى وزاراتهم وشملهم التعديل الأخير، كما أتمنى التوفيق للسيدات والسادة الوزراء الذين وقع عليهم الاختيار فيما هو قادم من أجل خدمة وطننا مصر” كلمات بسيطة وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تدوينة عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك، ولكنها تحمل معان عظيمة وكبيرة تؤكد أن مصر وقائدها لم ولن ينسوا أبدًا من بذل الجهد والعرق من أجل رفعة هذا الوطن مهما كان موقعه أو منصبه وهذا ما تعودناه من القائد والإنسان عبدالفتاح السيسى منذ توليه مسئولية قيادة البلاد قبل ٨ سنوات.
وإذا عدنا إلى التعديل الوزارى الذى تم للمرة الرابعة فى حكومة د.مصطفى مدبولى وبقراءة سريعة لمن شملهم التعديل سواء الذين غادروا مناصبهم الوزارية أو الذين وقع عليهم الاختيار لنيل شرف خدمة الوطن خلال الفترة المقبلة، فلابد من وقفة صادقة وتقييم عادل وشفاف خاصة بالنسبة للوزراء الذين أنهوا مهمة خدمة بلدهم ولو لسنوات أو شهور معدودة، فالكل بذل الجهد وحاول قدر المستطاع أن يقدم شيئًا لوطنه وهناك من وفق فى ذلك وهناك من لم يحالفه الحظ فى تنفيذ المطلوب منه أو بمعنى أدق لم يستطع بلورة رؤية القيادة السياسية على أرض الواقع، ولعل فى مقدمة هؤلاء د. طارق شوقى وزير التربية والتعليم الذى أراه تعرض لظلم بيّن منا جميعًا، فالرجل قيمة وقامة علمية دولية حيث كان أستاذًا بجامعة »إلينوى« بأمريكا لأكثر من ٠١ سنوات والتى تضم ١٢ عالمًا وأستاذًا حصلوا على جوائز نوبل فى شتى المجالات وكان »شوقى« يدرس مادة الميكانيكا التطبيقية والرياضيات المتقدمة للعديد من العباقرة التى خرجتهم تلك الجامعة الدولية قبل أن ينتقل إلى منظمة اليونسكو ويسهم بشكل كبير فى تطوير برمجيات التعلم والاتصال فى كثير من دول العالم.
وعندما طلب منه أن يقوم بتأسيس »بنك المعرفة« بمصر لم يتوان وبالفعل أنجز المهمة فى أسرع وقت وعلى أكمل وجه، حتى تم تكليفه بمهمة وزارة التربية والتعليم قبل ٤ سنوات تقريبًا ليقوم بوضع إستراتيجية ومشروع متكامل لتطوير التعليم قبل الجامعى بمصر وقطع الرجل شوطًا كبيرًا فى ذلك، ولكن الظروف كانت أقوى منه سواء فيما يتعلق بالإمكانيات التكنولوجية والبنية الإلكترونية للمدارس أو عدم التأهيل اللازم للمدرسين والمعلمين، علاوة على أباطرة الدروس الخصوصية، إضافة لكونه أخطأ فى تطبيق المشروع من أعلى إلى أسفل أى من الثانوية العامة ولم يبدأه من القاعدة حيث الحضانة والمراحل الابتدائىة والإعدادية.
نعم غادر شوقى الوزارة ولكن مشروع تطوير التعليم لا يزال باقيًا وأتمنى أن يقوم خليفته د. رضا حجازى الوزير الجديد والخبير التربوى والتعليمى المتميز باستكمال هذا المشروع مع التخلص من السلبيات ومحاولة إنجاز هذا الحلم الذى أراه أساسًا لتقدم الدولة المصرية وركيزة أساسية لبناء وتقوية »الجمهورية الجديدة« التى أرساها الرئيس عبدالفتاح السيسى وباتت واقعًا ملموسًا لنا جميعًا.
نفس الحال بالنسبة للوزيرة الفنانة د. إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة السابقة التى واجهت الفاشية الإخوانية ووزيرهم الفاشل خلال رئاستها لدار الأوبرا وبعد تكليفها بمهام الثقافة المصرية قدمت العديد من المشروعات والإنجازات التى أعادت الثقافة المصرية إلى دورها المؤثر داخليًا وخارجيًا ويكفى أنها جاءت وهى صديقة لكل المثقفين والمبدعين وغادرت منصبها وهى على نفس القدر من المحبة والصداقة لهم جميعًا، ومن هذا المنطلق أتمنى أن تكمل الوزيرة الشابة والصديقة العزيزة د. نيفين الكيلانى المسيرة فى تفعيل دور الثقافة كأحد أهم ركائز القوة الناعمة المصرية لمواجهة الفكر الظلامى والتطرف فى الداخل قبل الخارج وأراها قادرة على ذلك لما لها من خبرات فى شتى ميادين العمل الثقافى والإبداعى سواء بأكاديمية الفنون أو قطاع التنمية الثقافية.
ونأتى للسؤال الأهم الذى طرحه الكثيرون ممن تابعوا التعديل الوزارى الأخير سواء فى وسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعى وهو ما علاقة القطاع المصرفى بالسياحة والآثار؟! فى إشارة إلى اختيار د. أحمد عيسى أحمد أهم مسئولى البنك التجارى الدولى لتولى مسئولية وزارة السياحة والآثار خلفًا للدكتور خالد العنانى الذى أثبت خلال توليه مسئولية وزارة الآثار ثم فى قطاع السياحة نجاحًا ملحوظًا وكان مثار إعجاب وإشادة من الجميع داخل مصر وخارجها ولا سيما فى احتفاليتى موكب المومياوات وطريق الكباش، ولكن يبدو أن المرحلة المقبلة تتطلب عقلية اقتصادية لإدارة هذا الملف المهم وتحقيق العائد والمردود المادى والمعنوى المناسب خاصة فيما يتعلق بالسياحة ونحن على بُعد أشهر أو أيام قليلة من حدثين مهمين للسياحة المصرية العالمية وأعنى بهما الاحتفال بمئوية العثور على مقبرة الفرعون الصغير أو الملك الذهبى »توت عنخ آمون« ٤ نوفمبر القادم، وكذلك الاستعداد لافتتاح أكبر متحف للآثار فى العالم الذى يقام على مساحة ٧١ فدانًا بطريق الفيوم ويستوعب مائة ألف قطعة أثرية تحكى تطور الحضارة الفرعونية.
ورغم تحفظ البعض على أسماء قد رحلت من مناصبها وأخرى أتت، فإن هناك شبه إجماع على اختيار شخصية متميزة دوليًا وعالميًا لتولى مسئولية ملف المياه ووزارة الرى فى هذه المرحلة المهمة والصعبة باعتباره أمنًا قوميًا وأعنى به الدكتور والعالم د. هانى سويلم الذى كان يعمل أستاذًا للموارد المائية بجامعة »آخن« الألمانية وشارك فى الإعداد لإستراتيجية مصر لإدارة المياه والطاقة من أجل إنتاج الغذاء واعتمادًا على الموارد المائية المحدودة، وهو بالفعل إضافة مهمة وقوية للحكومة المصرية ومع ذلك فهذا لا يعنى التقليل من الدور الذى لعبه سلفه د. محمد عبدالعاطى الذى بذل جهدًا كبيرًا طوال السنوات الماضية خاصة فيما يتعلق بترشيد استهلاك مياه الرى وتبطين وتغطية الترع والمصارف، علاوة على جهوده الكبيرة فى ملف سد النهضة.
على نفس المنوال كان الترحيب باختيار النائب الشاب أحمد سمير صالح رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان لتولى مهمة وزارة التجارة والصناعة باعتبارها قاطرة التنمية والإنتاج خلال الفترة المقبلة، وكذلك فيما يتعلق بتولى د. خالد عبدالغفار مهمة وزارة الصحة والسكان باعتبارها أيضًا ركيزة مهمة لبناء الإنسان المصرى القادر على مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات فكما يقولون »العقل السليم فى الجسم السليم« والأمل معقود على نجاح »عبدالغفار« فى تلك المهمة الصعبة خاصة لما حققه من نجاحات فى قطاع التعليم العالى.
والتاريخ لن ينسى ونحن أيضا ما قدمته الإنسانة النبيلة والوزيرة المميزة نبيلة مكرم خلال توليها مهام وزارة الهجرة للمصريين بالخارج وربط الطيور المهاجرة بالوطن الأم وحسنا فعلت خليفتها السفيرة سهى ناشد حينما استقبلتها بالورود خلال لقائهما بالوزارة.
وأخيرًا وليس آخرًا أتمنى أن يكون التغيير ليس قاصرًا على الأشخاص بل فى السياسات والأفكار أيضًا حتى يمكن النهوض بهذا البلد فى شتى المجالات وأقولها بصراحة لمن حالفهم الحظ لتولى المسئولية، اعملوا واجتهدوا فمصر تستحق منا الكثير والكثير ولا وقت للتخاذل أو التقصير.
Omran666@hotmail.com