شعور طبيعى أن تنسحب من الواقع وتلجأ للذكريات عندما تشعر بالتعب ، المرض يحول ألإنسان إلى كائن عاجز يرى الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء ولا يلمسه ،
يعجب أن شاهد إنساناً أخر يقف على قدمين ويسير إلى الأمام والخلف ،ويجلس ويقف ويركض أحياناً اخزي ، الاندهاش مصدره عدم قدرته على فعل ذلك المرض اقعده ،
ومع تقدم السن يصبح التفكير فى النهاية اكثر والندم على الفرص التى منحتها الحياة لنا اكبر وننظر إلى الوقت الذى ضاع على انه العمر الذى تبعثر هباءً دون جدوى ،
بعض الناس تجربتهم الزمنية فى الحياة قصيرة والبعض الآخر تجربتهم طويلة لكن الاثنان يتفقان على سرعة مضى قطار العمر ، الذى عاش عشر سنوات كالذى عاش مئة عام لا فرق فى الإحساس بسرعة مرور الوقت ، الحياة لم تتغير منذ جدنا ادم
لكن الذى يتغير كل يوم ويضيف للحياة وياخذ منها ويعطيها هو الانسان ، القيم المطلقة على الأرض والصراع بين الخير والشر واحد الفرق فى وسائل التعريف ووسائل الاختلاف ، العراك الصغير بالايدى فى بداية الحياة على الكوكب هو نفس العراك
لكنه اصبح الان بالصواريخ والطائرات والقنابل الذرية المهلكة ، والعدل قديماً كان يتحقق بجلسة عند شيخ القبيلة الان العدل لا يتحقق لاعند شيخ القبيلة ولا حتى فى محكمة العدل الدولية ، الكذب والغش والتدليس اصبح لهم الف وجه والف ذراع ملتفون حول عنق العدل ،
انسان هذا العصر مخادع ومحتال كل قضاياه الكبرى حسمها على ارض المعارك التى زينت تاريخ البشرية على الارض طولاً وعرضاً ، ولونت التاريخ بلون احمر قانى ، تاريخ البشر على الارض ماهو الا مجموعة حروب متصلة حتى الاكتشافات العلمية اكتشفت اثناء استعداده للمعارك والحروب ،
لم يعرف الانسان الابحاث العلمية المتخصصة الا اخر مائتى عام من تاريخه ولم يتوسع فيها سوى اخر مئة عام ، همه الاعظم كان البحث عن وسائل حديثة لقتل اخيه الانسان ونجح فى ذلك بالطبع ، لو وفرت الدول ميزانيات الدفاع ووجهتها نحو الزراعة والصناعة وبناء الحضارة مابقى إنسانًا على وجه البسيطة محتاجاً ،
أنظر إلى كوكب الكرة الأرضية من الفضاء ستشاهد نيران المدافع وطلقات النيران تضئ الكوكب بأنوار كانها الألعاب النارية ، السباق نحو مزيد من القضاء على الكوكب وتدميره تسير بانتظام ، البشر يسيرون كالفئران النروجية نحو حافة الجبل للسقوط من اعلي إلى الهاوية ،
سيأتي الموت حتماً يوماً ما يحمل معه كلمة النهاية ليزين بها اخر هذا الفيلم الذى اسمه العمر ، سأقول للموت بعد الترحيب باننى كنت اتمنى ان اعيش فى زمناً اخر واذا امتد بيننا الحوار ساصارحه باجمل ماشاهدت فى هذا الفيلم القصير المسمى بالعمر ،
واذا طلب منى ان اصحب احداً معى فى رحلتى الاخيرة ساطلب مصاحبة نجيب محفوظ ، واذا اخترت بيتاً للشعر لشاعر معاصر ساختار بيتاً للشاعر صلاح عبد الصبور يقول فيه ( سنعيش رغم الحزن نقهرة ، ونصنع فى الصباح افراحنا البيضاء ، افراح الذين لهم صباح )
واذا سمح لى باختيار مشهد من فيلم احببته ساختار المشهد الاخير من فيلم الاختيار عندما يقف بطل الفيلم محمود يسال سيد ( عارف الواحد هيقابل مين فى الاخر يامحمود ) فيقول له مين ياسيد فيرد هيقابل نفسه يامحمود ، واذا اخترت اغنية ساختار موعود لعبد الحليم ، واذا سالنى عن اجمل ما سمعت ساقول عندما شدت ام كلثوم ( من كتر شوقى سبأت عمرى )
وساصحب مع ايضاً الاعمال الكاملة لامل دنقل وساحمل معى اللون الازرق وبعض السحب وقليلاً من ماء البحر وساطلب الصمت فى اللحظات الاخيرة للاستماع الى سوناتا ضوء القمر لبيتهوفن
ثم يصمت الكوكب واردد ماقاله توفيق الحكيم وهو على فراش الموت ( هل تستحق هذه الدنيا كل هذة المعاناة ؟