الدكتور إسلام قناوي يكتب : كيف نتخذ من الهجرة النبوية منهجا ؟

 

الدكتور اسلام قناوي

يحتفل العالم الاسلامي ببداية العام الهجري الجديد ، فاليوم تمر ألف وأربعمائة وأربعة وأربعون سنة علي هجرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الي المدينة المنورة ، حيث دعا أهله وأقرب الناس إليه لدخول الإسلام وتوحيد الله وعبادته ، بعد بضع سنين أجهر الرّسول الكريم بدعوته ، فاستشاط الكفار غضباً ، فكذّبوه وردّوا عليه دعوته ، وناصبوه العداء ، فآذوه وآذوا صاحبه ومن آمن برسالته وأنزلوا بهم أشد العذاب ، ولمّا بلغ بالمؤمنين العذاب الشديد أذِن الله لرسوله بالهجرة من مكة إلى المدينة فاجتمعت قريش يوماً لتبحث بأمر النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين معه ، فانتهى بهم الأمر إلى قتله، واختاروا من كل قبيلة شاباً قويّاً ليتفرّق دمه بين القبائل وكي يصعب الثأر له ، فنزل جبريل – عليه السلام – على سيد المرسلين وأمره بعدم المبيت في بيته هذه الليلة ، فذهب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى بيت صاحبه أبي بكرٍ الصديق ، وأخبره بأنّ الله قد أذن له بالهجرة ، فقال له أبو بكرٍ : الصحبة يا رسول الله ، فجهّز أبو بكر راحلتين وأخذ كلّ ما يملك من المال ، وأمر رسول الله عليّاً بالمبيت في فراشه تلك الليلة ليتوهّم المشركون أنّ رسول الله نائمٌ في فراشه، وعند حلول الظّلام تجمّع الحاقدون عند بيت رسول الله ومعهم سيوفهم الحادة ، عندها خرج رسول الله من بيته وحثا التراب على رؤوس أعدائه واخترقهم دون أن يشعروا به ومضى في رعاية الله وحفظه . في الصباح استيقظ المجرمون من غفلتهم وعلموا أنّ علياً من كان نائماً في فراش الرسول ، فعلمت قريشٌ بالخبر فجنّ جنونها ، فراقبت الطرق ، وأعلنت عن جائزةٍ ثمينةٍ لمن يأتي بمحمدٍ وصاحبه ، وفي هذه الأثناء اتّجه رسول الله مع صاحبه إلى غار ثور ومكثا فيه بضع ليالٍ ، وخلال هذه الأيام كان عبد الله بن أبي بكرٍ يأتي لهما بالأخبار ، وكانت عائشة وأسماء تأتيان بالطعام ، وكان راعي أغنام أبي بكرٍ يأتي باللبن وكذلك كان يمرّ بالغنم ليلاً على آثار أقدام عبد الله ليمحو الأثر ، واستأجر رسول الله عبد الله بن أريقط ليدلّه على الطريق ، وكان كافراً ولكن خبيراً عالماً بالطرق . انتشر الكفار بحثاً عن الرسول حتى وصل بعضهم إلى مكان وجوده ، فنظر أحدهم إلى داخل الغار ولكنّ الله أعمى بصره فلم يرَ شيئاً ، فخاف أبو بكرٍ أن يراهما أحد ، فقال له الرسول الكريم : يا أبا بكرٍ ما ظنّك باثنين الله ثالثهما ، وبعد ثلاثة أيامٍ ؛ حيث خفّ الطلب واللحاق بهما خرج رسول الله وصاحبه وعبد الله بن أريقط ، في الطريق يراهم سراقة بن مالك فيلحق بهما ليلقي القبض عليهما ويفوز بالجائزة ، ولكن الله تعالى جعل أقدام فرسه تغوص في الرمال مرّة تلو الأخرى حتى طلب من رسول الله النجاة ويكفُّ عن اللحاق بهما ، فكان له ذلك ، فرجع أدراجه وأصبح كلما مرّ به أحد من المشركين يقول له لم أر أحداً في هذا الطريق . مرّ رسول الله بامرأةٍ يقال لها أم معبدٍ ، فطلب منها الطعام ، فقالت له : إنّ شياهها هزيلةٌ ولا يوجد فيها اللّبن ، فطلب رسول الله منها إحدى الشياه الهزيلة فمسح بيده الشريفة على ضرعها فتفجّرت العروق باللبن ، فشرب رسول الله وسقى المرأة وصاحبه ثم ارتحل ، وعندما أصبح على مشارف المدينة سمع الأنصار بخبر قدومه، فخرجوا لاستقباله بالأناشيد والتكبير فرحين بقدومه وكانت هجرته الشريفة من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة . وفي النهاية …. علينا أن يكون لنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة ونتمني من الله عز وجل أن يكون عاما سعيدا علينا جميعا مليئا بالنجاح والفلاح ، ولكي يكون عاما أفضل من ذي قبل علينا جميعا أن نحاول جاهدين ونخلص النية لله علي بدء صفحة جديدة مع الحياة ، دعونا نخوض تجربة فريدة ، نبدا العام الهجري الجديد بالصلاة والذكر والتقرب إلي الله ، نبدأه بترك المعاصي والموبقات ، من كان فاعلا لاثم أو ذنب فليتركه خوف وخشية من الله ، صلوا لله وتقربوا منه ففي ذلك الراحة والطمأنينة ، هدية جديدة من رب العالمين لنكون أفضل ، ضع خطة تبدأ مع بدايات الساعات الأولي من العام الجديد ، صمم علي النجاح ، قل سأصل إلي ما أريده بالتصميم والإرادة وثق في أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا . أجعل من العام الهجري الجديد صفحة بيضاء خالية من كل ذلك ، إذا كنت تفعل الحرام فيما مضي جاهد نفسك أن تكون نظيفا خاليا من الشوائب في العام الهجري الجديد ، ألتمسوا من الحياة طيبها وخيرها ، الخير كل الخير في التقرب الي الله والعمل في سبيله .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.