عبد الناصر البنا يكتب : بايدن .. أحلام مَوْءُودَةُ !!

عبد الناصر البنا
على رقعة الشطرنج هناك معارك حقيقية تدور رحاها ، وهناك أحلام بعضها مشروع وأغلبها ” أحلام مَوْءُودَةُ ” وأعتقد أن زيارة الرئيس الأمريكى ” جو بايدن ” الأخيرة للملكة العربية السعودية والتى جاءت فى توقيت بالغ الدقة والصعوبة ، هى محاولة لـ حفظ ماء الوجه بعد أن إنخفضت شعبية الرئيس لـ أدنى مستوى تصل إليه شعبية رئيس أمريكى ، وهى الزيارة التى تبعتها ” بروبجندا ” إعلامية غير مسبوقة ، ولاكتها أقلام الصحافة الأمريكية بدءا مع عدم رغبة ” بايدن” لقاء ولى العهد السعودى ” الأمير محمد بن سلمان ” ، ومرورا بملف حقوق الإنسان فى المملكة .. إلخ .
الصفعة كانت قوية على وجه الرئيس الأمريكى ” جو بايدن ” والبداية جاءت مباغتة من صاحب السمو الأمير تركى الفيصل سفير المملكة العربية السعودية السابق فى واشنطن ، ورئيس جهاز الإستخبارات العامة السعودي الأسبق الذى كتب مقالا مطولا فى الـ ” عرب نيوز ” حمل عنوان “من يسكن فى بيت من زجاج عليه ألا يرمي الناس بالحجارة ” جاء تعقيبا على الزيارة التى كانت مرتقبة للرئيس الأمريكى ” جو بايدن ” للمملكة العربية السعودية ولقاءه الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى ، والحديث حول إنتهاكات لـ حقوق الإنسان فى المملكة ، ومقتل الصحفى السعودى جمال خاشوقجى .. إلخ .
وتوالت الصفعات بإعلان الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى رفض مصر رسميا إنشاء تحالف عسكرى ضد إيران شكلا وموضوعا ، وهو الرفض الذى غير قواعد اللعبة تماما ، وخاصة بعد أن أعلن نتنياهو عن موافقة بايدن على توجيه ضربة عسكرية لـ إيران ، وجاء رد طهران الحاسم تعقيبا على ما أسمته “مسرحيات ” البيت الأبيض فى المنطقة قائلة : تجعلنا أكثر إصرارا على تحقيق أهدافنا ، كما علق # الجيش _ الإيرانى على تصريحات بايدن قائلا : بايدن كان ” نائما وغير واع ” عندما أطلق تهديداته ضد بلادنا . جدير بالذكر أن إيران أجرت مناورات بهدف ضرب العمق الإسرائيلى فى حال إستهداف منشآتها الحساسة !!
زيارة الرئيس بايدن لـ إسرائيل فى مستهل جولته للشرق الأوسط أوجدت إرتياح _ إسرائيلى بعد تجاهل بايدن المتعمد للقضية الفلسطينية ومقتل الصحفية شيرين أبو عاقله . لكن صاحبها غضب عربى سبق قمة جدة للأمن والتنمية جراء التصريحات المستفزة للرئيس ” بايدن ” فى تل أبيب ، والتى وعد خلالها بتكامل إقليمى أو ” ناتو ” شرق أوسطى لمواجهة الخطر الـ إيرانى وبتطبيع عربى وإسلامى .. إلخ .
لكن الصفعات على وجه بايدن لم تتوقف وهذه المرة من الصين التى عقبت بأن ” الشرق الأوسط ليس فناءا خلفيا لـ أحد ” وذلك ردا على تصريحات بايدن التى جاء فيها ” لن نترك فراغا فى الشرق الأوسط لـ روسيا والصين . # شينخوا _ الصينية ” يجب محاكمة الأمريكيين المخططين لانقلابات خارجية ولـ 23 حربا بالوكالة ” !!
تكهنات كثيرة حول زيارة بايدن للسعودية وكيفية إستقباله لم تنهى ، حيث نشرت الـ CNN تقريرا بعنوان ” لاتتوقعوا رقصا بالسيوف عندما يزور بايدن السعودية ” فى إشارة واضحة منها لـ الزيارة التى قام بها كلا من الرئيسين ” باراك أوباما ــ ودونالد ترامب” للملكة العربية السعودية ، والتى تميزت برقصات السيوف ، وحرص ترامب على إختيار المملكة فى أول زيارة رئاسية له ، كان الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود ـ أمير منطقة مكة المكرمة فى مقدمة مستقبلى الرئيس بايدن فى مطار الملك عبدالعزيز الدولى بمدينة جدة حيث أجريت له مراسم الإستقبال . وإلى هنا أعتقد أن الرسالة قد ضحت تماما .
كلمة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فى القمة كانت قوية جدا وحاسمه ، أولا : لوصفه إيران بالدولة ” الجارة ” وتوجيه الدعوة لها للتعاون ، وعلى نفس النهج سارت دولة الإمارات التى أرسلت سفيرا لها فى طهران ، وثانيا : حول الهدف الرئيسى من زيارة بايدن ، ومايتعلق بإنتاج النفط ، وكنوع من الـ إستجابة لـ مطالبات الرئيس بايدن ، أعلن ولى العهد السعودى عن رفع سقف الـ إنتاج إلى 13 مليون برميل يوميا ، وفى تجد واضح كان ولى العهد حاسما عندما قال : ولن يمكننا زيادة الإنتاج أكثر من ذلك !!
عودة القضية الفلسطينية للصدارة كانت من أولويات القاده العرب فى القمة ، وخاصة أنها جاءت فى مستهل مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كشف عن مخططات إسقاط الدول القومية وإعلاء الطائفية ، وغيرها مثل قضية سد النهضة ، والتغيرات المناخية ، ورأب الصدع مع إيران وعدم التدخل فى شئون الدول .. إلخ .
نعود إلى زيارة بايدن للمنطقة والتى لم ينتهى الحديث عنها بنهاية القمة وتناولتها وسائل التواصل الإجتماعى بالفكاهه والسخرية وخفه الدم ، حيث صور رسم كاريكاتيرى الرئيس بايدن وهى مسترخى ويتوق للقاء الملك فهد ” رحمه الله ” ، وبعد زيارته للسعودية مشاهدو قناة ” فوكس نيوز ” يقارنون بايدن بالمهرج !!
حاصل القول أن شمس أمريكا على وشك الأفول بعد خيبة الأمل فى زيادة إنتاج البترول ، والـ أمل فى عقد صفقات إستثمار بالمليارات فى الإقتصاد الأمريكى كما حدث فى زياره دونالد ترامب ، أو حتى أملا فى عقد صفقات شراء أسلحه لـ التخفيف من حدة الآثار السلبية لفيروس كورونا ، والعملية العسكرية لـ روسيا فى أوكرانيا ، وتأثيراتها الضارة على الـ إقتصاد والشعب الـ أمريكى ، والتخفيف من حدة التضخم الذى وصل لـ معدلات غير مسبوقة فى الولايات المتحدة الأمريكية ، ويأتى هذا فى الوقت الذى بدأت تشرق فيه شمس ” روسيا ــ والصين ” التى يأمل كثير من الكتاب والمحللين أن تقدم المزيد من الدعم للدول العربية على الأقل للتقليل من الضغوط ” الصهيو ــ أمريكية ” على المنطقة !!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.