الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : قمة الفخر

الكاتب الصحفي
عصام عمران
‬جاءت قمة‮ »‬الأمن والتنمية‮« ‬التى استضافتها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية مؤخراً‮ ‬فى مجملها ناجحة بكل المقاييس سواء من حيث النتائج والتوقيت أو التنظيم،‮ ‬ولم لا ونحن تابعنا ومعنا العالم أجمع باهتمام بالغ‮ ‬حضور رئيس أكبر وأقوى دولة اقتصادياً‮ ‬وعسكرياً‮ ‬ليجلس على مائدة الحوار مع قادة وزعماء الدول العربية،‮ ‬ولعلها من المرات القليلة التى‮ ‬يتفق فيها القادة العرب على‭ ‬أمر واحد وهو حماية وأمن وطنهم وبلادهم دون استقطاب أو تبعية لأحد ولن أبالغ‮ ‬إذا قلت إن القمة أظهرت قوة ومكانة دولنا العربية وتأثيرها البالغ‮ ‬خاصة عندما‮ ‬يكون القرار واحدا والهدف محددا وواضحا‮.‬
‮ ‬ولا أخفيكم سراً‮ ‬أننى شعرت بسعادة بالغة،‮ ‬بل وبالفخر أيضاً‮ ‬وأنا أتابع فعاليات تلك القمة
المهمة التى‭ ‬ضمت زعماء مصر والأردن والعراق إلى جانب قادة دول الخليج العربى إضافة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأدارها بنجاح الأمير محمد بن سلمان ولى عهد المملكة العربية السعودية،‮ ‬وسعادتى وفخرى لم‮ ‬يكن لحسن التنظيم أو دقة
وحساسية التوقيت،‮ ‬وإنما لما تضمنته القمة من كلمات ولعل أهمها الكلمة الشاملة والقوية التى ألقاها قائد مصر ولاقت استحسان وإشادة الجميع سواء الحضور أو المتابعين،‮ ‬والتى حدد خلالها خارطة مستقبل للعمل العربى،‮ ‬بل
والعالمى خلال الفترة المقبلة وذلك من خلال خمسة محاور رئبسية أولها أن الانطلاق نحو المستقبل‮ ‬يتوقف على
التعامل مع أزمات الماضى الممتدة،‮ ‬فلا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكتب لتلك الجهود الماضية النجاح إلا بالتوصل إلى تسوية عادلة
وشاملة ونهائية لقضية العرب الأولى وهى‮ »‬القضية الفلسطينية‮« ‬على أساس حل الدولتين وبما‮ ‬يكفل إنشاء دولة
فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من‮ ‬يونيو ‮٧٦٩١ ‬وعاصمتها القدس الشريف‮.‬
‮ ‬وأكد المحور الثانى الذى حدده الرئيس السيسى أن بناء المجتمعات من الداخل على أسس الديمقراطية
والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ونبذ الطائفية وإعلاء المصلحة الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعوب،‮ ‬
وهو ما‮ ‬يتطلب تعزيز دور‮ »‬الدول الوطنية‮« ‬ودعم مؤسساتها مع دفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص العمل وتمكين
المرأة والشباب،‮ ‬بينما ركز المحور الثالث على ضرورة الحفاظ على الأمن القومى العربى باعتباره جزء لا‮ ‬يتجزأ،‮ ‬مؤكداً‮ ‬
أن احترام سيادة الدول هى التى تحكم العلاقات العربية،‮ ‬مع التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتكون منطقة
الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية‮.‬
‮ ‬وشدد الرئيس السيسى خلال المحور الرابع على أن الإرهاب‮ ‬يعد أكبر تحد للدول العربية منذ عقود طويلة،‮ ‬مؤكداً‮ ‬
أن مصر تجدد التزامها بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بشتى أشكاله وصوره وأنه لا مكان للميليشيات والمرتزقة
فى المنطقة وأنه على من دعموهم أو مولوهم مراجعة حساباتهم فلا تهاون فى حماية أمننا القومى‮ ولن نسمح
بتجاوز الخطوط الحمراء.
وأخيراً‮ ‬كانت الإشارة إلى ضرورة إعلاء مبدأ المسئولية الدولية بهدف تعزيز التعاون والتضامن الدولى لرفع قدرات
المنطقة فى التعامل مع التحديات الصحية والمناخية مع العمل على توطين الصناعات ونقل التكنولوجيا،‮ ‬ولم‮ ‬ينس
الرئيس السيسى الحديث عن ضرورة الحفاظ على الأمن المائى للدول وضرورة الالتزام بالقوانين والاتفاقات الدولية
الخاصة بمياه الأنهار وتحديد حصة كل دولة وعدم جور أى طرف على الآخر سواء من دول المنبع أو المصب،‮ ‬وهذا
أمن قومى لا‮ ‬يمكن التهاون أو التفريط فيه‮.‬
‮ ‬والمتابع لتلك القمة المهمة‮ ‬يلاحظ أن جميع القادة والزعماء العرب الذين تحدثوا اتفقوا جميعاً‮ ‬على أن القضية
الفلسطينية هى قضية العرب الأولى والأهم ولابد من الوصول إلى حل عادل وشامل لتلك القضية بما‮ ‬يحقق
للشعب الفلسطينى حقه فى‭ ‬العيش داخل دولة مستقلة آمنة وهو ما‮ ‬ينعكس على استقرار العالم أجمع‮.‬
‮فى النهاية أتمنى أن تكون‮ »‬قمة جدة‮« ‬هى البداية لوحدة العرب قولاً‮ ‬وفعلاً‮ ‬حتى نكون أكثر تأثيراً‮ ‬وفعالية إقليمياً‮ ‬
ودولياً‮ ‬وأن نستغل الظرف العالمى الحالى الذى‮ ‬يشهد تغيراً‮ ‬كبيراً‮ ‬فى خريطة التوازنات العسكرية والاقتصادية بسبب
تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية ـ الأوكرانية ونسعى كعرب أن‮ ‬يكون لنا المكان المناسب فى الخريطة الجديدة
لهذا العالم،‮ ‬خاصة أننا نمتلك المقومات المادية والبشرية التى‭ ‬تجعلنا قوة فاعلة ذات قرار مؤثر ومستقل بعيداً‮ ‬عن
الاستقطاب أو التبعية لأى طرف أو حلف ولتكن مصلحة دولنا وشعوبنا هى الهدف والغاية‮.‬
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.