رحل عنا واحداً من رجال، وأعمدة، الثقافة المصرية، الدكتور فوزي فهمي، الذي شغل منصب رئيس أكاديمية الفنون المصرية، أحد المنارات الثقافية في العالم العربي، ومن قبلها عميد المعهد العالي للنقد الفني، والمعهد العالي للفنون المسرحية، فأثرى الحركة المسرحية بالكتابة والنقد والترجمة، واستحق تقدير واحترام كل من عرفوه. لقد عرفت الدكتور فوزي فهمي، رحمه الله، وهو عضو مجلس إدارة دار الأوبرا المصرية، حيث تزاملنا لمدة أربع سنوات، كان خلالهم نعم الأخ والصديق والزميل والمرشد، بالرأي السديد، والنصيحة المخلصة، خاصة مع بداية عملي في هذا المجال، كرئيس لدار الأوبرا المصرية.
وخلال تلك الفترة، عرفته أكثر عندما توليت تنظيم أسبوع الثقافة المصري، بالعاصمة الصينية، بكين، ورئاسة وفد مصر إليها، المكون من أكثر من 130 فنان ومثقف، وزاملني الأخ العزيز المرحوم فوزي فهمي، خلال هذه الزيارة، فقسمنا أنفسنا إلى مجموعتين، ليكون كل منا على رأس مجموعة من الأدباء والمثقفين والفنانين، أثناء زياراتهم لمختلف المدن الصينية، ونجح الأسبوع الثقافي المصري، في الصين، وكان محل إشادة مختلف وسائل الإعلام، التي كانت تنقل صور لمعرض الآثار الفرعونية، والطوابير الممتدة أمامه لأكثر من 3 كيلومترات. خلال ذلك الأسبوع، قدم فنانو الأوبرا المصرية، عروضاً رائعة، جذبت جموع الجماهير إليها، ومنهم تابلوه شادي عبد السلام، الذي قدمه وليد عوني، كما شارك الفنان نور الشريف، رحمه الله، وزوجته الفنانة بوسي كسفراء عن السينما المصرية. والحقيقة أنني لمست، خلال تلك الفترة، معنى التمثيل المشرف لمصر، بأن تكون مستقراً لخيرة المثقفين، المسلحين بالعلم، خاصة مع دولة مثل الصين، مما تمتلك إرثاً ثقافياً عظيماً.
وامتدت علاقتي بالدكتور فوزي فهمي، وكنت من متابعي مقالاته الأسبوعية، بجريدة الأهرام، لأستمتع بجرعة ثقافية متميزة، نتعرف منها، في كل أسبوع، على وجه مختلف للثقافة المصرية، سواء من المسرح، الذي كان أحد رواده في الكتابة، أو النقد، أو في مجال ثقافة الطفل، أو الثقافة الجماهيرية، الذي تولى مسئوليتها، من قبل، في وزارة الثقافة المصرية. كذلك جهوده في تطوير أكاديمية الفنون، التي شهدت معه حل العديد من المشاكل، المتوارثة، كانت محل إشادة، وتقدير، من الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق.
رحمة الله على الدكتور فوزي فهمي، الذي ستظل أعماله، وإسهاماته، نقوشاً على جدران الثقافة المصرية.