تستحق فتاة محطة مترو كلية البنات أن تكون فتاة العام ، فتاة صغيرة السن ذات ملامح أرستقراطية صعدت بسرعة الصاروخ لتحتل مكانة إجتماعية كبيرة ، صاحبة وجه بارز فى مؤتمرات الشباب العالمية
عرفت ومعاها بعض الشباب أنهم مستقبل الوطن المشرق ، إسم عائلتها كفيل بفتح الأبواب المغلقة ، جيل جديد من هذة العائلة يمثل امتداداً كامتداد غصون شجرة وجذورها ، وجدت ضالتها للشهرة والربح السريع
لم تحصل على شهادات عليا أو أرهقت نفسها بدراسة الفنون بالخارج ، أو حتى مارست العمل الإبداعى وتألمت ألم المخاض حتى يخرج الى النور عملاً ابداعياً جديداً يضاف الى ابداعات ، محمود سعيد ، صلاح طاهر ، محمد عبلة وغيرهم من الفناننين التشكليين الكبار !
هى بصراحة اختصرت كل ذلك ، هى أذكى من أن يضيع عمرها فى إبداع لن يؤكل عيشاً ، رأت بعينيها الثاقبتين أن الإبداع على أرض الوطن أصبح له قوانين أخرى
منها أن تكون تحت مظلة أحد الكبار ، او تقبل أن تكون أحد أفراد جماعة نافذة تحمى بعضها وتكون الثروات ، وليس ان تكون اميناً او خلاقاً أو مبدعاً
النقود فى البلد على (قفا مين يشيل ) المهم ان تعرف من اين تؤكل الكتف .
فى عام ٨٨ كان عملى كإعلامى بالتلفزيون المصرى اخذت على نفسى عهداً أن اقدم للناس مشروعى الإعلامى الخاص
كان أحد أهم عناصر هذا المشروع الجانب التنويرى وتقديم مجموعة من الافلام التسجلية للتعريف بأهم مبدعى مصر فى كل المجالات ، جمال حمدان ، محفوظ ، العقاد ، محمود مختار ، يوسف شاهين .. الخ
وقتها كان الفنان التشكيلى الكبير صلاح طاهر قد شارف الثمانين من عمره فقررت أن التقيه سريعاً لتحضير فيلم تسجيلى عن حياته
فى الدور السادس بمبنى الاهرام العتيق كان يجلس و معه فى نفس المكتب الشاعر الكبير احمد عبد المعطى حجازى ودار حوار ومن ضمن ماقاله لى اثناء التحضير للفيلم ان هناك أجيال تتكون فى رحم المستقبل ستفسد الحياة الثقافية فى مصر وستفسد على المصريين اهم مايملكون .. قوتهم الناعمة ،
نبوءة صلاح طاهر تحققت ودار الزمن دورته وها نحن أمام اكبر عملية احتيال فنية فى تاريخ مصر ، أزمة كبرى تعبر أزمتنا الانسانية والاهمال المتعمد لبناء الانسان بعد ان انتشر النصب والكذب والنفاق فى جميع الأوساط تقريباً وتولى الجهلة والمرتشين واعضاء العصابات مقاليد الحياة
١٣٠ مليون جنية خبطتهم ( البنت الجنية ) ثمناً لبوستر بلاستيك ثمنه لايزيد عن ألف جنية ، العجيب والمدهش ان عملية النصب تمت تحت اعين المسئولين والقاصى والدانى يعلم أن الفنان الروسى صاحب اللوحة الأصلية حياً يرزق وأنه لن يسكت عن تلك السرقة فقررت الدولة مشكورة بعد التأكد من السرقة رفع البوستر من على جدار محطة كلية البنات والمضحك أكثر أنها لم تكن جدارية بل مجرد ملصق ،
سيتحدث التاريخ المعاصر عن اغلى بوستر مطبوع ، كيف امتلكت هذة الفتاة هذة القدرة على هذا النصب والسرقة والكذب فى مشروع سيفتتحه رئيس الجمهورية بنفسه !
لكن اسئلتى الساذجة كلها تبددت عندما علمت ان الجهات الرسمية لم تتقدم ببلاغ للنائب العام حتى الآن عن اهدار المال العام واستغلال النفوذ والسرقة والنصب
ولا أحد حتى من الاعلاميين الاشاوس تناول الموضوع كما يتناولوا قضايا أخرى اكثر تفاهة ليلاً ونهاراً ، عندما وجدنى عم سيد البقال مهموماً بالموضوع ضحك ضحكة محشرجة وظهرت اسنانه المتساقطة بفعل الزمن وقال وهو يسخر منى (يا كتر المىذن فيكى يامالطة .. واخرتها يا سكر يا جلطة )