كان بمقدور الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يختار الحل الأسهل حينما تولي مقاليد حكم البلاد قبل 8 سنوات ويقوم بتلبية طلبات المواطنين والاستجابة لرغباتهم في زيادة المرتبات وخفض أسعار الخدمات والسلع دون توفير خطاء اقتصادي وائتماني لها أو حتي غطاء إنتاج وهو ما لم يفعله الرئيس وفضل المضي في الطريق الأصعب، طريق الإصلاح الاقتصادي والاعتماد علي الذات، حتي ولو كان ذلك علي حساب شعبيته الجارفة التي اكتسبها في أعقاب ثورتنا العظيمة في الثلاثين من يونيو 2013 ولم يلجأ الرئيس إلي العلاج بالمسكنات والحلول الوسط كما كان الحال في العهود السابقة.
نعم، فضل الرئيس السير في طريق الإصلاح حتي لو كان شاقاً وطويلاً ولكنه في النهاية سيقود البلاد والعباد إلي بر الأمان متبعاً سياسة امنحني »سنارة« لكي اصطاد بدلاً من توفير سمكة وبعدها أجلس خالي الوفاض، وبالفعل استطاع الاقتصاد المصري تجاوز الصعاب والتحديات الكثيرة التي كانت تواجهه في أعقاب أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من سنة حكم الإخوان السوداء التي أعادتنا 50 عاماً للوراء في شتي مناحي الحياة وكادت تؤدي إلي سقوط الدولة المصرية وانهيار مؤسساتها لولا العناية الإلهية وقوة وصلابة الشعب المصري وجيشه العظيم وشرطته الوطنية الذين شكلوا لوحة وطنية فريدة في الثلاثين من يونيو 2013 واستجاب الزعيم الذي جاءت به الأقدار لنداء أبناء الوطن وتم إنهاء حكم الجماعة الإرهابية وإفشال مخطط إسقاط الدولة المصرية وطمس هويتها، بل وافشال ما أطلق عليه الشرق الأوسط الجديد الذي كان يستهدف إسقاط دول المنطقة وتقسيمها إلي دويلات صغيرة من خلال نشر ما أطلقوا عليها »الفوضي الخلاقة«!!
وبعد تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم في الثامن من يونيو 2014 كانت التحديات كثيرة وعظيمة، والإمكانيات محدودة والخدمات تكاد تكون معدومة، ولنكه قبل التحدي وسار في طريق الإصلاح وكان خياره الأول والأخير انقاذ الوطن وإعادته إلي مكانه ومكانته اللائقة بين الأمم، وفضل توفير متطلبات المصريين وليس طلباتهم والفارق بين المعنيين كبير، حيث كان الكثير من المواطنين في ذلك الوقت يرغبون في الاستجابة للعديد من الطلبات المشروعة مثل زيادة الرواتب وخفض أسعار السلع والخدمات والاعتماد علي الدولة في شتي مناحي الحياة حتي لو كان ذلك سيؤدي إلي انهيار الاقتصاد واتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وزيادة البطالة المقنعة في الجهاز الإداري للدولة الذي يعاني أصلاً من التضخم فالـ 7 ملايين موظف، يكفي منهم مليون فقط لتسيير العمل بالدولة ومع ذلك لم تلجأ الدولة إلي الفصل التعسفي لأي عامل أو موظف، علي تنظيم العمل في الجهاز الإداري ووقف التعيينات الجديدة قدر الإمكان وفقاً لمتطلبات سوق العمل والخبرات المطلوبة.
وكما ذكرت في البداية فضل الرئيس السيسي توفير متطلبات المصريين من خلال الاهتمام بإقامة بنية تحتية وأساسية قوية من طرق وكبار وتوفير مصادر الطاقة الكهربائية والبترولية اللازمة لاستهلاك المواطنين والمشروعات العمرانية والتنموية التي بدأت في شتي محافظات الجمهورية مع التوسع في إقامة المدن الجديدة واستصلاح الأراضي الصحراوية للخروج من الوادي الضيق حول النيل ودلتاه التي لا تتعدي 7٪ من مساحة مصر، وبالفعل تمت مضاعفة تلك المساحة أو أقل بقليل خلال السنوات السبع الماضية من خلال انشاء 14 مدينة جديدة في مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة ودمياط الجديدة وأسوان الجديدة وقنا الجديدة وطيبة وأسوان والجلالة وغيرها من المدن الذكية، علاوة علي استصلاح وزراعة مليون فدان والمستهدف إضافة حوالي 3 ملايين فدان أخري خلال العامين القادمين في توشكي وشرق العوينات والدلتا الجديدة والوادي الجديد وسيناء.
نعم فضل الرئيس توفير المتطلبات ولم يلجأ إلي تنفيذ الطلبات، والفارق بينهما كبير كما ذكرت فكانت الخطة الشاملة للقضاء علي العشوائيات الخطرة ومبادرة مليون صحة للقضاء علي غول أو بعبع »فيروس C« الذي كان يهدد حياة 17 مليون مصري وتم خلال سنوات معدودة الاحتفال بمصر خالية من هذا الفيروس اللعين وباتت تجربة ومثالاً يحتذي في شتي بلدان العالم.
علي نفس المنوال كان العمل في إقامة المصانع والمنشآت الخدمية التي توفر السلع والخدمات للمواطن للحد من الاستيراد قدر الإمكان، خاصة فيما يتعلق بالسلع والخدمات الأساسية مثل المنتجات الزراعية والدوائية، وظهرت نتائج ذلك بقوة خلال الأزمتين الطاحنتين اللتين عصفتا بالعالم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، جائحة كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية، وبفضل من الله ثم حكمة وشفافية القيادة السياسية كانت مصر من الدول القليلة الناجية من تداعيات جائحة كورونا وكذلك الأقل تضرراً من أزمة الحرب الروسية- الأوكرانية بل باتت مقصداً وملجأ للعديد من دول العالم المتقدم منها قبل النامي من أجل المساهمة في سد حاجات تلك الدول من المنتجات الزراعية والبترولية لا سيما الغاز الطبيعي وهو ما لم يكن ليتحقق لولا وجود رؤية ثاقبة للقيادة السياسية التي فضلت الصالح العالم للوطن والمواطن علي أْي مصالح أو مكاسب شخصية ولم تهتم إلا بانقاذ الوطن ووضعه علي الطريق الصحيح، لذلك كان التوفيق من الله سبحانه وتعالي وأصبحت التجربة المصرية مثار اعجاب وإشادة من كبريات الهيئات والمنظمات الاقتصادية العالمية.