مشهد صادم ومرعب عاشته مصر كلها ، وإهتز الرأى العام فى المنطقة العربية كلها لـ مجرم إنعدمت فى قلبه الرحمة ، وأقدم على ” ذبح ” فتاة كان يحبها بعد أن رفضته ورفضه أهلها ، تجرد الشاب من مشاعر الرحمة والإنسانية وبدم بارد تربص لها وإرتكب جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد الـ كفيلة بإحالته إلى خبل المشنقة ، تتبع الجانى خط سير الفتاة وإستقل الحافلة معها وحاول الجلوس بجانبها ودفع الأجرة لها بعد أن بيت النية على قتلها بإشارات واضحة ، وهنا يأتى القصد المصصم عليه أو ” سبق الإصرار ” الذى يؤكده حمله لـ سكين وإخفاءها بين طيات ملابسه ، وحال نزولها ” ترصد لها ” وقام بمباغتتها وطعنها فى رقبتها وكرر الطعنات وذبحها بطريقة وحشية لا إنسانية ولم يشغله أنه يقوم بإرتكاب جريمته على مرأى ومسمع الـ مئات من طلاب الجامعة ، وأن ينهى حياتها بهذه الطريقة البشعة فى وضح النهار لا من أجل شىء إلا كونها قالت ” لا ” .. الله يرحمها قطعت قلوبنا !!
” وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” .. صدق الله العظيم . القضاء المصرى العادل الشامخ فى سابقة هى الأولى من نوعها أحال الجريمة إلى محكمة الجنايات فى أقل من أسبوع ونحن فى إنتظار القصاص وحكم القضاء العادل حتى يشفى صدور قوم مؤمنين . والحقيقة أن هذه الجريمة بكل ملابساتها تضعنا أمام التغيرات التى حدثت فى المجتمع المصرى فى السنوات الأخيرة ، وخاصة بعد إزدياد حالات العنف واللإلحاد والإنتحار بين الشباب وتفتح المجال لسؤال هام جدا : من الجانى .. ومن المجنى عليه ” ؟
من وجه نظر رجال الدين إنبرى الدكتور مبروك عطيه وهو أستاذ للشريعة الإسلامية بجامعه الأزهر بتصريح قال فيه ” إتحجبى علشان تعيشى ” وقد أثار بتصريحه الجدل فى المجتمع المصرى ، ولعلنا نعلم أن الدكتور مبروك عطيه له مدرسة خاصة به تماثل مدرسة توفيق عكاشه فى الاعلام ، ونعلم أن 90% من رواد وسائل التواصل الإجتماعى يقلدوا عطيه فى طريقة ردوده على الأسئلة التى تصل إليه ، لكن ليس فى كل مرة تسلم الجرة يادكتور مبروك . انت سقطت سقطة مدوية بتناولك قضية هى من قضايا الرأى العام ومحدش رحمك وأنت تعلم أن مثل هذه القضايا لها طبيعتها الخاصة لدرجة أنها تضع القضاة فى مأزق كبير ، وأحيانا تكثر فيها التدخلات من أجل تحقيق العدالة الناجزة ، وأشياء أخرى .
مما لاشك فيه أن المجرم سوف يأخذ جزاؤه ، لكن العجيب فى الأمر ” الفتاوى” أو الهرى لكل من هب ودب فتلك محاميه إمتلأ جيبها من المنح الخارجيه ، ومن الله عليها ببرنامج ” حكايات ” على إحدى الفضائيات تتبارى وتدلى بدلوها وتصرح ” بأنه شرعا الست مش ملزمه بخدمة زوجها ، او حتى إرضاع اولادها ” وتقوم الدنيا ولم تقعد لأن الرجل قال : لابد أن تخرج الست محتشمه حتى لايطمع فيها من فى قلبه مرض ، ويترك المجتمع الجريمة الأصلية ويمسك فى مبروك ، وتطل علينا سحر الجعاره على قناة العربية فى مداخلة وبدون موضع تشكر الأمير محمد بن سلمان الذى حرر المرأة السعودية ، بل وتكيل الإتهامات للأزهر الشريف ” سبب العنف فى المجتمع المصرى ” على حد قولها .. إلخ
الحقيقة وبعيد عن موضوع الفتاة أن من يتحدث عن العفة والإحتشام ومراعاه الدين فى زماننا فهو يغرد خارج السرب أو كأنما يروج للأفكار الظلامية ويعود بالمجتمع إلى عصر الحرملك والسلاملك ، منذ فتره شاهدت بالصدفة مسلسلا على إحدى الفضائيات وكانت صدمتى شديده لـ هذا الكم من العرى والخلاعة والأفكار البعيدة عن مجتمعنا وعن عاداتنا وتقاليدنا . فتلك الفتاه ” حامل ” من خطيبها ، وهذه تخون زوجها ، وهذا يخون زوجته مع صديقتها ، ألهذا القدر وصل بنا الحال ؟
نعود للفتاة الضحية طالة كلية الآداب جامعة المنصورة ونسأل عن حال التعليم فى الجامعات ولكن دعونى قبل الإجابه أكتفى بأن أكتب لكم هذا التعليق من أحد الطلاب فى المرحلة الثانوية لتعلموا حال التعليم فى بلدنا كتب الطالب يقول ” الحمدو لله انى نجحت فى الامتحنات ، روحت تلتى ثانوى .. حبيبى يامستر مصتفى ” لاتعليق !!
نيرة ضحية مجتمع يفتقد ” القدوه ” مفيش مثل أو نموذج للشباب يمكن أن يحتذى به وخاصة بعد تفشى الرشوة والواسطة والمحسوبية ، وتفسخ المجتمع ، وبالتبعية تفسخ الأسرة المصرية فالأب والأم يلهثوا وراء لقمة العيش ، وتركوا الأولاد لـ أصدقاء السوء وللشارع ووسائل التواصل الإجتماعى بدون حسيب أو رقيب ، المجتمع نفسه إنقسم لطبقتين طبقة تملك كل شىء ، وطبقة لاتملك شىء . الأثرياء طبقة طفت على سطح المجتمع وأعلنت عن نفسها بوسائل إستفزازية وبأشياء خارجة عن حدود العقل ، وإعلانات تطل على غالبية عظمى من الشباب تعانى من البطالة ، أو إرتضت الوظائف الدونية لتسد رمقها ، فماذا تتوقع من شاب وهو يشاهد إعلانا لـ إحدى الشقق بسعر يبدأ من 7 أو 10 وأحيانا 14 ألف جنيه للمتر الواحد !!
ما قصدته هو أن الفساد تفشى وإستشرى فى المجتمع ، وللأسف بلا عقوبة رادعة ، فعندما تجد رئيس حى على سبيل المثال رئيس حى الهرم الأسبق ضبط متلبسا فى قضية رشوة بالصوت والصورة وقبض عليه وتسأل عنه بعد أقل من عام وتجده فى بيته ينعم بالملايين ، تسأل أين الردع بشقيه ” العام ــ والخاص ” ؟ ولماذا لم تصادر ثروته وثروة أولاده .. لكن هذا هو الواقع الذى نعيشه ، ولابد أن نقبله كما هو !!
بكل تأكيد هو واقع مر ونموذج متكرر فى مختلف المصالح والهيئات والجمارك والموانى والوزارات .. إلخ . الفساد أصبح متجذرا وله أنياب وله قوة تحميه ، ومن هنا فقد الشباب القدوة فى المجتمع بعد تفسخ الأسره ، وهناك مسائل أخرى فى غاية الأهمية وأعتذر للإطالة : أين دور الثقافة والاعلام ورجال الدين ؟
بكل ثقة أقول : نحن أفتقدنا وزارة هامة جدا كانت تسمى وزارة الثقافة وتراجعنا بسرعه الصاروخ وتركنا الساحة لدول فى محيطنا الإقليمى كانت تقف إنبهارا بما نقدمه من إنتاج فكرى وثقافى وفنى .. إلخ ، وأصبحنا نحن تقف موقف المتفرج ، وتراجعت الفنون من “سينما ومسرح ودراما وغناء وفن تشكيلى” والله تراجعنا فى كل شىء !!
إعلامنا أصبح تافه يفتقد للبوصلة والهوية .. وهل مانراه الآن من حناجر تطبل ليل نهار هو إعلام ؟ شىء محزن ، والأكثر حزنا عندما تتابع القنوات العربية ، وتقطر عينك دما وأنت ترى زميله فى أحدى القنوات الإقليمية وهى تهان كرامتها من رئيسها فى العمل لا لشىء إلا لمطالبتها بحقوقها التى حرمت منها ولم يتحرك أحد !!
وماذا عن خطابنا الدينى وأين مشايخنا وعلماءنا الأفاضل أين ” طنطاوى وشلتوت وجاد الحق وعبدالحليم محمود وبيصار والفحام .. أين وأين وأين مع حفظ الألقاب ، أم إكتفينا بمشايخ الفضائيات .. ربنا يرحم فتاة المنصورة برحمته الواسعة ، وأن يلهم ذويها الصبر والسلوان .
ممتاز يا عبد الناصر البنا. جريمة بشعة