الصفقة المشبوهة لم تستثني أحد ولم تستثني شيئ .. حديث الساعة أكبر عملية نصب حدثت في أقصر مدة زمنية (مستريح الصعيد مصطفي البنك بقرية البصيلية) التابعة لمدينة أدفو .. خبر تداولته الصحف والمواقع والإعلام المصري بقوة.
تفاجأت باتصال هاتفي من صديق يرأس موقع اليكتروني لصحيفة كبري بالسعودية يستفسر عن ما حدث بإعتباري من سكان محافظة أسوان.. وبعدها انتشر الخبر علي معظم المواقع بالدول العربية.
كانت كارثة بكل المقاييس غررت بكل الطبقات بقري المحافطة ولم تسلم حتي دور العبادة (الكنيسة) بإيداع ملايين الجنيهات عند المستربح، ولكن الطبقة الكادحة كانت الأبرز فى ضحايا مصطفي البنك.
ولم تسلم حتي بطة الحاجة سعدية – الفلاحة البسيطة – من دخولها في سباق الصفقة المشبوهة عندما ذهبت لبيت المستريح لتبيعها له .. فأعطاها مبلغ 5000 آلاف جنيه وقال لها “ أنا مش بشتري طيور ياحاجة ”.. ألم تخبر وسائل الإعلام دخول بطة الفلاحة البسيطة سباق الصفقة بتفصيلة غابت فيها الشفافية عن تغطية “الشو الإعلامي”؟!.. وهل فعلا الصعيد مليان بالمليارات؟!.
أوجعنا حديث الإعلامي عمرو أديب بتلميحاته فى برنامجه: (اللي عايز فلوس يروح أسوان ياعم).. عندنا فلوس وبطة الحاجة سعدية والستر أستاذ عمرو .
ألم يعلم الأستاذ عمرو أن سبع قري من قري أسوان ضمن المائة قرية الأكثر احتياجا في مبادرة الرئيس الذي أطلقها للقري الأكثر فقرا (مبادرة حياة كربمة) بنسبة فقر وصلت فى 4 قرى إلى 81,70% و91,70% و81,22% احتلتها قرى الدبكة بنصر النوبة ، والمنشبة الجديدة والمنصورية والرغامة.
ألم يفرق الإعلام بين ضحابا التهميش وضحايا الطمع ؟!
هل وصل إلى حد علم الأستاذ عمرو أن الصعيد دفع ضريبة غالية لانتعاش الصناعة في مصر بزرع مصنع الفوسفات بالسباعية وهو من الصناعات (الملوثة للبيئة) يليه مصنع الفيريسليكون، وعاني الصعيد الأمرين من الآثار البيئية شديدة الخطورة علي صحة الأهالي منذ سنوات.
..ألم يعلم أيضا كمية العمالة التي تم تسريحها (تكهين العمالة) للضرر الناتج وتفشي مرض الربو في العمالة ، وهل يعلم أن مصنع الفوسفات بالسباعية منذ أن نشأ 2008 كان يحتكر المناصب فيه أهالي محافظة الشرقية حتي الآن لولا مناشدات الأهالي الذين وصل صراخهم لباب رئاسة الجمهورية لتلافي الآثار البيئية المدمرة للمصنع أيام حكم مبارك والمهندس عبد السلام الجبلي رئيس مجلس إدارة المصنع وقتها ثم تم تعيين مقنن جدا لأهالي القري المحاورة ذرا للرماد في العيون .!
يبقي السؤال: لماذا أسوان بالذات تم اختيارها لتكون عاصمة الشباب الأفريقي؟ لايغيب عن أعين الدولة إطلاقا أن محافظة أسوان بجميع القري التابعة لها لم تكن من المحافظات الفاعلة نهائيا في انتخابات 2012 بعد الإطاحة بنظام مبارك ولاحتي في أنتخابات 2014 ، واجزم أن المحافظة كانت نائمة في ثورة 25 يناير، ولايغيب عن أعين الدولة أن باب التهميش والبطالة فتح علي مصراعيه باب التجارة غير المشروعة .. ابتداء من تجارة السلاح الثقيل والآثار والمخدرات والتنقيب عن الدهب وأعداد الشباب التي تزهق أرواحهم تحت الجبال يوميا جراء الجري وراء الوهم والذهب، إلى تجارة الأعضاء عن طريق منظمات دولية كانت تأتي عن طريق وادي قبقبة وعدة مسارات حدودية أخري ثم تتوغل لقري الصعيد جنوبا.
ولايخفي عن أعينهم أيضا أن المنظمات الإرهابية باتت وثيقة الصلة بمحافظات الصعيد في وقت ما، وتورط أسماء في اعتصام رابعة وتصفية قيادات كبيرة.
لذلك ندق ناقوس الخطر .. وحان وقت احتضان الصعيد المبتور من جسد مصر.. نعم هي هدية قدمها لنا الرئيس السيسى، بعد تهميش مضني ، ولاينكر الصعيد جهود وفضل الرئيس للنهوض بالصعيد وبالوضع الإقتصادي به، وبدء التعافي البطيئ.
ليس لي ميول إخوانية إطلاقا، ولكن مازال الفساد موجود ومازالت البطالة ترفرف علي قري الصعيد ومازال لاصوت يعلو علي صوت المحسوبية ومازلنا نسمع عن حجم استثمارات ومشاربع بالملايين بالمحافظة محروم منها أبناء الصعيد وقراها.
لا ألقى باللوم علي هذه التراكمات لتمرير قضية المستريح وغيرها ولكنها جزء من القضية الأكبر مستريح قرية البصيلية بإفو بالذات
وقد أخذت قضيته منحني خطير اعقد وأخطر من الآخرين، وهو نفسه كان ضحية لمخطط لايعلمه .. بل كان مجرد أداة فقط ، وهل كانت الدولة مغمضة عين ومفتحة أخرى في تداعيات تحركاته منذ ثلاث أشهر؟
وكيف تم البناء علي أراضي زراعية وصلت إلى 10 أفدنة رغم تقرار وقف البناء الآن؟ ..وكيف تم الزج برجال الدين في المشهد (المنشد الكبير أمين الدشناوي) ؟!
ومن أين كانت تأتي يوميا عربيات شفر محملة بالملاببن بدون أرقام ؟ ..ولماذا استهدف المخطط تجارة المواشي أهم مورد اقتصادي للقري؟ ولماذا توريط البنوك في هذا التوقيت بالذات؟
وختاما فقد أدلت قيادات أمنية رفيعة المستوي أن القضية معقدة وصعبة.. نعم هي كذلك لأنها متشعبة التداعيات وستفتح التحقيقات في الأيام القادمة وترد علي كل هذه الأسئلة.