صدفة غريبة قادتنى إلى مشاهدة برنامج ” اللعيب ” الذى يذاع على قناة mbc مصر ويقدمه مهيب عبدالهادى الذى إستضاف كابتن ” ضياء السيد ” المدرب العام السابق لمنتخب مصر الأول في عهد البرتغالي كارلوس كيروش ، للوهلة الأولى وجدت إصرار غير عادى من مقدم البرنامج على وضع كابتن ضياء فى موقف حرج ، وكأنما يريد أن يصنع حلقة ” ساخنة ” ولا أدرى أى مدرسة من مدارس الإعلام تلك ، لكن اللى يعيش فى مصر يشوف العجب ، أما يكفى شوبير الذى نتوقع أن يطل علينا من حنفية المياة قريبا ، حاصل القول أن ضياء تحدث وحلل بإسلوب علمى مباراة ” مصر ــ وأثيوبيا ” فى تصفيات كأس أمم أفريقيا والتى أقيمت على أرض مالاوى وهى المباراة التى منى فيها منتخب مصر بهزيمة قوية من نظيره الأثيوبى !!
كابتن ضياء السيد كان دمث الخلق طوال الحلقة ولم ينساق كما أراد مقدم البرنامج ، ولم يكيل إتهامات لـ أحد بما فيهم مدرب منتخب مصر كابتن إيهاب جلال وطلب إعطاءه الفرصة ” وجهة نظر ” ، كابتن ضياء أراد أن يوصل رسالة مفادها أن ماحدث هو حصاد ما زرعته أيدينا . وقد يتعجب البعض عندما يعلم أنى لسنوات طوال وتحديدا بعد حقبة الـ ” ثمانينيات ” التى صنعت العديد من نجوم كرة القدم فى مصر والعالم ، إنصرفت عن متابعة كرة القدم ، على عكس الملايين من محبى اللعبة الأكثر شهرة فى العالم ، وقد تكون لدى أسبابى وقناعاتى !!
الـ ” هوس ” بكرة القدم رأيته بعينى رأسى خلال إقامتى فى المملكة العربية السعودية لـ أندية ” النصر ـ الهلال ـ الإتحاد ـ الأهلى ـ الشباب .. إلخ ” ورأيت بعينى الجنون والإقتتال حول أندية حائل “الطائى ـ الجبلين .. وغيرها ” فى الدورى الرياضى الذى أقيم فى التسعينات ، كما رأيت فرحة الأمير عبدالرحمن بن سعود ” رحمه الله ” رئيس نادى النصر بفوز فريقه وهو يجرى فى الملعب ، وأيقنت حينها ” فتره التسعينات ” أن مايحدث مقصود لتفريغ الكبت من حالة الإنغلاق التى يعيش فيها المجتمع ، وأن تلك اللعبة تهدف إلى صرف أذهان المجتمع عن السياسة والتجاوزات التى تحدث فى المجتمع السعودى . وكان السؤال الأكثر إلحاحا لماذا حرقة الدم ؟
هزيمة منتخب مصر أمام أثيوبيا تضعنا أمام معضلة الرياضة فى مصر ، والهرم المقلوب ، ولا أدرى لماذا تستحوذ كرة القدم على نصيب الأسد أو على هذا القدر من الإهتمام ، إذا كانت الإنجازات التى تحققها لاتتناسب مع كل هذه التضحيات ، ألا يخجل القائمين على أمر الرياضة فى مصر عندما يحصد أبطالنا من ذوى الإحتياجات الخاصة الميداليات الذهبية فى الأولمبياد ، ولانسمع عنهم شيئا ، أما يخجلوا من إعتلاء أبطالنا من الألعاب الأخرى المراكز الأولى فى منصات التتويج العالمية ولانسمع عنهم شيئا ؟
والعجيب أن تذبح المواهب المصرية الشابة على قارعة الطريق لانهم لايملكون ” الواسطه ” فى الوقت الذى تفتح فيه أبواب الأندية الكبرى لـ أصحاب الحظوة والجاة والمحسوبيات ، وهذا حال كل الأندية فى مصر .. والله عيب . عيب أن تكون دولة فى حجم ” مصر ” ويترك الحبل على الغارب لـ رئيس أحد الأنديه الكبرى لـ يكيل الشتائم والبذاءات والسباب لكل من يمر بجواره حتى لو كان وزير الرياضة أو حتى رئيس الوزراء أى سفه هذا ، أم أنه ” الفزاعة ” أفيدونا يرحمكم الله ويريح قلبكم وبالكم ، ثم نأتى اليوم لـ ” نلوم ” على آداء منتخبنا القومى أى إنفصام هذا الذى نعيشة ، وأى منتخب هذا الذى تتحدثون عنه !!
شخص يدعى تركى آل الشيخ يعمل مستشار في الديوان الملكي ، ورئيس لـ مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه ، هذا الرجل أصبح بين عشيه وضحاها ملىء السمع والبصر فى مصر المحروسة وبقدرة قادر ، تدخل فى الفن فأفسده ، أفسد الفن فى مصر بتوقيعه عقود إحتكار مع نجوم الغناء فى مصر بعد أن أغراهم بالمال وفرض عليهم شروطا جزائية مبالغ فيها ، وتزوج من تزوج وطلق من طلق وهذا شأنه ، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد ، بل إتجه إلى الرياضه فوجد نفوسا مريضة أغراها بالمال والساعات والهدايا فأفسد الكرة فى مصر بالرشاوى وشراء الأندية والاعبين .. ودخل وخرج وكأنما مصر تركة ورثها عن أبيه .. أنه شىء محزن ألهذا الحد هنا على أنفسنا فهنا على الناس ؟
فى المقابل هل يجرؤ أو يسمح لـ أحد أيا ماكان أن يتدخل فى الرياضة السعودية كما تدخل المؤلف الكبير لمسلسل ” الثمانية ” آل الشيخ ” فى الكرة المصرية .. لا انتظر أيه إجابه بالطبع ، فقط أتذكر موقف لسمو الأمير فيصل بن فهد ” رحمه الله ” الذى كان يشغل منصب الرئيس العام لرعاية الشباب فى المملكة عندما خسر المنتخب السعودى إحدى البطولات وهو يؤنب لاعبى المنتخب الواحد تلو الآخر لا من أجل شىء سوى إسم المملكة ، فهل لدينا هذا الحرص على إسم بلدنا ؟
سعيد العويران لاعب نادى الشباب والمنتخب السعودى الذى يعد أبرز لاعبى الشرق الأوسط على الاطلاق وبفضل أهدافه تأهلت السعودية للمحافل العالمية ، هذا اللاعب ترك معسكر منتخب بلاده سرا ليقضى سهره رأس السنه ، وعاد مع شروق الشمس ، غاب سواد الليل فقط ” بدون إذن ” وكانت النتيجة منعه من السفر خارج المملكة !!
إتقوا الله فى مصر ، مصر مليئة بالمواهب فقط إبحثوا عنهم فى القرى والنجوع والكفور ، فى شمال مصر وجنوبها إعطوا لهم الفرصة ، فلن يكلفوكم شيئآ والله ، مصر ليست دولة عنية بالقدر الذى تنفق فيه المليارات على ” هواه ” تضمهم الأندية والمنتخب القومى ، فما أن يبزغ نجم اللاعب من هؤلاء إلا وتحيطه الشهرة والأضواء ، ووسائل الاعلام ، ويلتف حوله الناس فى الشوارع والميادين والكافيهات والمولات .. إلخ ، وهو يختال بسيارته الفيرارى الفارهة ونظارته وساعته ، وترتمى الحسناوت تحت أقدامه ، فيغتر وينسى أنه لاعب أصلا ، وتكون النتيجة كما رأيناها فى الملاعب !!
إتقوا لله فى مصر ، وأتركوا أماكنكم إن كان الفشل حليفكم ، لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادى فى الباطل وهذه والله ليست طاقة سلبية قصدت أن أصدرها ، وإنما لايمكن لنا أن نتقدم إلا إذا درسنا أخطاءنا جيدا ، وإستفدنا منها ، لان الرياضه هى حصاد مازرعته أيدينا ، وليس ” همبكه ” وقلنا ح نبنى وآدى إحنا بنينا السد العالى ، وحضاره 7 آلاف سنه بطيخ .. أبدا ، أفيقوا يرحمكم الله ، مصر تنتظر منكم الكثير وأختتم بالآية الكريمة { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ْ}