لا صوت يعلو هذه الأيام على الدعوة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى ” للحوار الوطنى ” بالتنسيق مع كل التيارات السياسية الحزبية والشبابية لـ إدارة حوار حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة .. إلخ
والحقيقة أن المجتمع المصرى يعانى منذ ثورة الـ 30 من يونيو تقريبا من حالة إستقطاب شديدة ويمكننا القول أن هناك حالة ” تربص ” غير عادية لكل إنجاز تحققه الدولة وحالة ” تصيد ” للأخطاء ،
وقد يكون للدولة دور فى تلك الحالة بسبب عدد من الهفوات التى وقعت فيها الدولة ربما تكون عن غير قصد سوف أخص بالذكر عددا منها فى ضوء قراءتى
ذكرت فى مقال سابق أنه لايحق لدولة بحجم مصر أن تقبض على مجموعة من العمال البسطاء أطلق عليهم ” مضحكاتية الغلابة ” لمجرد نشر مقطع فيديو لـ ” أغنية ” سبق إذاعتها عبرت عن معاناة المصريين من إرتفاع الأسعار تحمل عنوان ” الأسعار نار “
وقلت أن مصر ليست دولة ” هشة” بهذا القدر الذى يشكل فيه مجموعة من البسطاء مايعكر صفو السلم والأمن العام فيها ، والطريف أو المحزن أن القبض جاء متزامنا مع دعوة القيادة السياسية قوى المعارضة للحوار الوطنى ، وهذا خطأ كبير !!
خطأ أن يكون هذا هو حال الأحزاب فى دولة بحجم مصر لها تاريخها العريق فى الحياة الحزبية والنيابية يشهد له القاصى والدانى ،
اليوم أين الأحزاب من الحياة السياسية فى مصر ؟ وما هى الأحزاب الموجودة على الساحة الآن ؟ وهل حزب مستقبل وطن الذى ترك لـ فترة طويلة يتغول ويصول ويجول بالقدر الذى تصل فيه ” فيزيتا ” العضو لدخول البرلمان لـ ” ملايين ” الجنيهات فى الدلتا والصعيد ؟
الحمد لله أن الدولة تنبهت لذلك مبكرا حتى لاتعيد تحربة الحزب الوطنى من جديد لأن مستقبل وطن بكل أسف أخذ أسوأ ما فى الحزب الوطنى الذى كان يتميز بالأسطوات أو ” الفريجيه ” حسب مصطلح ولاد البلد ،
اليوم صور نواب مستقبل وطن وغيره من الأحزاب على سيارات الأغذية وخطوط المينى باص فى الشوارع والميادين كإنجاز لهم !! وهل هذا هو دور الأحزاب المنتظر ؟
نحن نبحث عن الأحزاب التى تتكون منها المعارضة الحقيقية ” اليمين ـ الوسط ـ اليسار ” التى تشكل البرلمان والحكومة وتراقب آداء السلطات فى الدولة ، وتقوم بدورها الرقابى على الوجه الأكمل !!
أبن البرلمان ولماذا لم يعد أحد يسمع له صوتا ؟ سؤال يتردد فى ذهنى دوما .. مش ح اتكلم عن الحياة الحزبية والنيابية وآداء البرلمان أيام الملك فاروق أو حتى الزعيم جمال عبدالناصر ،
سوف أبدا من عهد الرئيس السادات وأخص برلمان ” م.سيد مرعى ـ د.صوفى أبوطالب ـ د.رففت المحجوب إنتهاءا بالدكتور أحمد فتحى سرور ” أبن نواب المعارضة أمثال المستشار ممتاز نصار ، أين الوفد بكل صولاته وجولاته ؟
اليوم تشتكى قوى المعارضة المصرية التي تضم قوى ” ليبرالية ــ وإسلامية ــ ويسارية ” من التشتت وقمع السلطات المصرية ، إن جاز لنا تسميه التيار الديمقراطي بزعامة حمدين صباحي ، وحزب المصريين الأحرار بزعامة نجيب ساويرس ، وحزب مصر القوية بزعامة عبد المنعم أبو الفتوح . وشخصيات معارضة مثل أحمد ماهر زعيم حركة 6 أبريل ، والمحامي زياد العليمي الذي ينتمي إلى “تحالف الأمل” الذي يضم نشطاء من تيارات سياسية متعددة المشارب .. إلخ ، إن جاز لنا تسميتها بالمعارضة !!
أحزاب المعارضه أو ما يعرف ” بتجمع أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية” حددت عددا من الشروط والضوابط للتوافق مع دعوة الحوار الوطنى أبرزها ” أن يكون حوار جاد وحقيقى ـ وأن ينتهى إلى نتائج عملية توضع موضع التنفيذ ـ وأن
يكون تحت مظلة الرئاسة ـ
وأن يكون الحوار بين شركاء متكافئين بلا مصادرة أو مكايدة أو تخوين ـ وأن يتم نشر ماتم إنجازه على الرأى العام ـ
وأن يكون هناك لجان للإصلاح السياسى والتحول الدبمقراطى والإصلاح الإقتصادى والعدالة الإجتماعية والإصلاح
التشريعى والمؤسسى وحقوق الإنسان والحريات العامة والأمن القومى ـ وتعميق المواطنة ومكافحة التميز .. إلخ
بعض الأحزاب وضعت شروطا وصفت ” بالتعجيزية” لقبول الدخول فى حوار مع النظام مثل ” التراجع عن التعديلات
الدستورية التى تمت فى أبريل 2019 ـ حل البرلمان
وإجراء إنتخابات حديدة دون تدخل أو وصاية من أجهزة الدولة ـ وتشكيل حكومة تعبر عن الأوزان النسبية للقوى
السياسية فى البرلمان الجديد بدلا من حكومة م.مصطفى مدبولى .
فى ضوء دراستى السابقة للقانون فى كلية الحقوق أن الشرط الوحيد التعجيزى هو مسألة التراجع عن التعديلات
الدستورية التى تمت عام 2019 ، وبإعتقادى أنه تزامنا مع الإعلان عن الجمهورية الجديدة يتطلب إجراء تعديلات
دستورية وفقا لما تقتضيه طبيعة المرحلة ،
وأن يتم النظر فى الإفراج عن بعض المسجونين من أصحاب قضايا الرأى ، وأن يتم حل البرلمان بغرفتيه ، والنظر
بجدية فى ملفات هامة أبرزها : ملف الإعلام ، وماتشهده مصر من فوضى إعلامية فى ظل غياب تام ومتعمد
وتحجيم لـ دور ماسبيرو ” إعلام الدوله ” وذاكرتها وأمنها القومى ،
وإفساح المجال لوسائل إعلامية أخرى تابعة للدولة وينفق عليها بسخاء ، وأعتقد أنها لم تقوم بدورها على الوجه
الأكمل ،
إلى جانب ملف تجديد الخطاب الدينى ، وتغيير الحكومة بدلا من حكومة تسيير الأعمال الحاليه ، على أن تضم
الحكومة الجديدة ” كوادر ــ وكفاءات ” جديدة بعيدة عن ” أهل الثقة ” وتكون قادرة على أبتكار حلول غير تقليدية أو
“خارج الصندوق ” تقتضيها أيضا طبيعة المرحلة ،
وأهم من هذا وذاك تغيير بعض الوجوه الإعلامية التى سأمها الناس ، والتنوع فى إختيار الشباب المقررين على كل
مؤتمرات وأنشطه الرئاسة ،
لأننى أعتقد أن هناك من هم أفضل منهم ، وان من الوجوه من أخذ دورا أكبر من حجمه الطبيعى ، ومصر مليئه
بالكفاءات الشابة
ودائما وأبدا دامت مصر دولة قوية عزيزة أبية ، ودام عزها وحفظ الله قيادتها وشعبها ” تحيا .. مصر ” .