عصام عمران يكتب : المصريون .. وفقه الأولويات (٢)

 

‬تناولنا فى هذا المكان الأسبوع الماضى العديد من التحديات والمخاطر التى‭ ‬كانت تهدد الدولة المصرية فى‭ ‬أعقاب أحداث ‮٥٢ ‬يناير ‮١١٠٢ ‬وزادت وتيرتها بعد تولى الجماعة الإرهابية مقاليد حكم البلاد فى ‮٢١٠٢ ‬لدرجة أنها كادت تعصف بالدولة وتسقطها لولا عناية الله ثم وعى شعبنا العظيم الذى خرج بالملايين فى ثورتنا العظيم فى الثلاثين من‮ ‬يونيو ‮٣١٠٢ ‬بمساندة جيشنا الوطنى وشرطتنا الأبية فكان النصر حليفهم وتم إزاحة الجماعة الإرهابية وعزل رئيسها الفاشل لتبدأ مصر مرحلة ما بعد الخلاص ومواجهة الواقع الصعب،‮ ‬خاصة بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم رسمياً‮ ‬يوم‮ »٨ ‬يونيو ‮٤١٠٢« ‬أى قبل ‮٨ ‬سنوات تقريباً‮ ‬حيث قرر منذ اليوم الأول لتوليه المسئولية اتخاذ المواجهة كأسلوب عمل لإنقاذ الدولة المصرية وعدم اللجوء إلى العلاج بالمسكنات كما كان سائداً‮ ‬من قبل‮.‬

‮ ‬وكما تحدثنا الأسبوع الماضى،‮ ‬كان القضاء على‭ ‬الإرهاب وأهل الشر وعودة الأمن والأمان للبلاد أول التحديات بل المعركة الأهم التى‭ ‬قررت الدولة المصرية قيادة وحكومة خوضها،‮ ‬وبالفعل كان أبطالنا فى الجيش والشرطة عند حسن الظن وتحملوا المسئولية وواجهوا الخطر نيابة عن أبناء الشعب المصرى بل نيابة عن العالم أجمع،‮ ‬وخلال سنوات قليلة تمت السيطرة بشكل كبير على الجماعات الإرهابية وتقلصت أعمالها الإجرامية الدنيئة وباتت قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء والاندثار‮.‬

‮ ‬فى نفس الوقت خاضت الدولة المصرية معركة لا تقل شراسة ولا أهمية عن معركة البقاء ودحر الإرهاب والتى تمثلت فى معركة البناء والعمران وتثبيت أركان الدولة المصرية وكان الشعار دائماً‮ ‬وأبداً‮ »‬يد تحمل السلاح وأخرى تبنى وتعمر‮«‬،‮ ‬وبالفعل كانت البداية العمل على‭ ‬مواجهة أزمة الطاقة التى أعادت مصر إلى عصور الظلام فى عهد جماعة الظلام وكانت الكهرباء ضيفاً‮ ‬عزيزاً‮ ‬على‭ ‬معظم أنحاء الجمهورية ونفس الحال بالنسبة للمواد البترولية خاصة البنزين والسولار والبوتاجاز وجميعنا‮ ‬يذكر الطوابير التى كانت بالكيلو مترات أمام محطات تموين السيارات ومستودعات الأنابيب‮.‬

‮ ‬كل ذلك وغيره الكثير كان بمثابة إنذار بضرورة التحرك السريع من قبل القيادة السياسية من أجل إنقاذ الدولة المصرية وإعادتها إلى مكانها ومكانتها اللائقة بها،‮ ‬ومن هذا المنطلق كان القرار بضرورة إنهاء أزمة الطاقة وعلاج العجز فى الكهرباء الذى بلغ‮ ٤ ‬آلاف ميجاوات مع نهاية ‮٣١٠٢ ‬من خلال إحلال وتجديد محطات التوليد القائمة وإنشاء عدد من المحطات الجديدة،‮ ‬والتوسع فى‭ ‬مشروعات الطاقة النظيفة من خلال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح وهو ما ساهم فى تعويض العجز وتحقيق فائض فى الطاقة الكهربائية ‬يقترب من ‮٠٢ ‬ألف ميجاوات وهو ما ساهم بشكل كبير فى توفير الطاقة اللازمة لإنارة محافظات الجمهورية والقضاء على انقطاعات التيار خاصة فى فصل الصيف،‮ ‬علاوة على إمداد المشروعات التنموية والاستثمارية العملاقة سواء التى تنفذها الدولة أو المستثمرون المصريون والأجانب ثم تصدير الفائض إلى الخارج من خلال مشروعات الربط الكهربائى مع عدد من الدول العربية الشقيقة وكذلك إفريقيا وأوروبا‮.‬

‮ ‬على نفس المنوال كان تعامل الدولة المصرية مع أزمة الطاقة واختفاء‭ ‬المواد البترولية الرئيسية التى‭ ‬كانت تنذر بكارثة تهدد الأمن القومى والاجتماعى،‮ ‬خاصة فيما‮ ‬يتعلق بالبنزين والسولار والبوتاجاز حيث كانت الطوابير تمتد بالكيلو مترات أمام محطات التموين والمستودعات،‮ ‬وظهرت فى مصر لأول مرة‮ »‬السوق السوداء‮« ‬لبيع المواد البترولية وكادت الحياة تتوقف تماماً‮ ‬فى شتى المحافظات وكذلك المصانع والشركات الكبرى التى تعتمد على البوتاجاز والغاز الطبيعى وكذلك البنزين والسولار،‮ ‬وعلى قدر الأزمة والمحنة كانت الهبة والمنحة الإلهية حيث تم اكتشاف حقل ظهر للغاز الطبيعى فى مياه المتوسط وهو واحد من أكبر حقول الغاز الطبيعى فى العالم مما وضع مصر فى مصاف الدول الكبرى المنتجة للغاز بل والمصدرة له أيضاً،‮ ‬ويأتى ذلك بفضل من الله ثم فطنة وشفافية القيادة السياسية التى‭ ‬اتخذت قرار إنهاء أزمة الشركاء الأجانب وسداد مديونيات الشركات الكبرى‭ ‬التى‭ ‬كانت تنقب عن الغاز والبترول فى‭ ‬مصر خاصة فى البحرين الأبيض والأحمر والصحراء الغربية،‮ ‬والأهم من ذلك ترسيم الحدود فى منطقة شرق البحر المتوسط والتى‭ ‬كان من نتائجها المهمة حقل‮ »‬ظهر‮« ‬وما تبع ذلك من إقامة أكبر مركز لإسالة الغاز الطبيعى فى المنطقة وهو ما‮ ‬يسهم فى تجهيز الغاز وإعادة تصديره وظهرت أهمية ذلك فى‭ ‬أعقاب الأزمة الروسية ـ الأوكرانية مما‮ ‬يمهد الطريق لتصبح مصر واحدة من أكبر مصدرى الغاز الطبيعى لأوروبا خاصة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى للمواطنين قبل عامين تقريباً‮.‬

‮ ‬هذا قليل من كثير أنجزته الدولة المصرية خلال السنوات الثمان الماضية من أجل تثبيت أركان الدولة وإعادتها إلى مكانتها اللائقة بها،‮ ‬وأعتقد أننا ما كنا نستطيع الاستمرار فى‭ ‬حالة الاختفاء‭ ‬ولا أقول الندرة فى مصادر الطاقة سواء الكهربائية أو البترولية القاسم ‬المشترك فى نجاح مسيرة الدول المتقدم منها قبل النامى‮.. ‬وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية‮.‬

عصام عمران
Omran666@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.