منذ أسبوع تقريبا إفتتح السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى مشروع مستقبل مصر الزراعى ، وأنا أعتبر أن هذا المشروع هو خطوة على الطريق الصحيح تستحق الإشاده بها والتصفيق لها لـ أسباب كثيرة قد تكون قد لاكتها الأقلام من قبلى لكنى سوف أذهب بعيد قليلا .
إلى عهد سيدنا يوسف لما قال لـ عزيز مصر ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ وهنا نجد دقة اللفظ فى القرآن الكريم فى قوله ” خزائن” وهى جمع لـ كلمة ” خزينة ” والمقصود بها المكان الذي يخزن فيه المال والطعام ، ” الأرض ” المقصود بها أرض مصر الكنانة ، لأن يوسف كان رجلا حافظا ومدبرا وأمينا ولديه الكفاءة ، وقيل أنه إلى جانب كونه حفيظ للحساب ، هو عليم بالألسن أة يعلم لغة كل من يأتيه لطلب الرزق والمساعدة .
وهذا يدل على أن مصر كانت سلة الغلال لما جاورها من الدول ، وعلى مر التاريخ كان لـ مصر مميزات حباها الله بها عن غيرها من الدول ، ولذلك كانت ولاتزال محط أنظار العالم منذ أيام الفراعنة حتى يومنا هذا ، وكم تعرضت مصر للمحن والغزوات والحروب على مر الأزمنة ، وكم من حضارات وثقافات تعاقبت عليها ، وكانت ” بوتقة ” إنصهرت فيها كل هذه الثقافات والحضارات ، ومن هنا تكونت الشخصية المصرية التى تحدث عنها “جمال حمدان ” وكتب عنها الفلاسفة والكتاب والمؤرخين والمستشرقين .. وغيرهم .
منذ أيام محمد على بانى نهضة مصر الحديثة كانت الزراعة محل إهتمامه ، فأنشأ نظاما حديثا للرى ، وشق
الترع والمصارف والجسور ، وإهتم ببناء السدود والقناطر والخزانات ، وإشتهرت مصر بالزراعة وكونها سلة الغذاء لـ أوربا والعالم ، وكلنا نعلم أن مصر فى عهد الملك كانت “تقرض “بريطانيا العظمى ، وكانت مصر بلد ” زراعى ” بإمتياز ، وتميزت بجودة محاصيلها الزراعية ، وبالفطن طويل التيلة ، وتمر الأيام وتتعاقب السنين .
ولسنوات شهدت مصر تراجعا كبيرا فى مجالات عده منها الزراعة لـ أسباب لاداعى لذكرها وزحف العمران لـ يلتهم ماتبقى من الـ أراضى الزراعية ، وتحولنا من بلد زراعى منتج إلى بلد مستهلك يستورد أغلب إحتياجاته من الخارج ، ومن هنا بدأت المشكلة التى تفاقمت مع الزيادة السكانية الغير مبررة حتى تجاوزنا الـ 100 مليون وأصبحت عقبة فى طريق التنمية لـ أسباب كثيرة لايسع المقام لذكرها .
لكن الحمد لله ” أن تأتى متأخرا .. خيرا من أن لاتأتى ” قد تكون هناك محاولات قد بذلت فى الماضى لسد الفجوة بين الـ إنتاج والـ إستهلاك بالعديد من الـ أفكار ومن بينها مشروعات التكامل بين مصر والسودان ، ومشروع قناة “جونجلى” الذى المشروع فشل نتيجة القلاقل التى شهدها جنوب السودان ، والذى إنتهى تماما بعد موت ” جون جارانج ” وإنتهى الحلم بعد إستقلال جنوب السودان عن شماله .
والحقيقة أن الـ 7سنوات الأخيرة لاشغل للقيادة السياسية إلا توفير الأمن الغذائى للمصريين ، ومن هنا جاءت فكرة المشروعات القومية الكبرى فى مجال الزراعة وإستصلاح الأراضى والإستزراع السمكى ومشروع توشكا ومشروع الواحد ونصف مليون فدان .. وغيرها من المشروعات إنتهاءا بمشروع ” مستقبل مصر الزراعى ” الذى أعتقد أنه لن يكون آخر المشروعات فى هذا المجال . وأعتقد أنه كما يرى البعض هو المشروع الأولى بالرعاية إلى جانب ملف الصناعة عن غيره من المشروعات لـ اسباب عديدة .
كوننا من أكثر شعوب الأرض إستهلاكا للخبز الذى نسميه ” العيش ” فنحن نستهلك مايقرب من الـ 18 مليون طن من القمح تقريبا فى العام الواحد ، نتتج منها مايعادل الـ نصف ، ونستورد الباقى ، ونطمح بهذا المشروع العملاق الذى يهدف إلى زراعة مليون وخمسين الف فدان أن نصل إلى إنتاج 65% من إستهلاكنا من القمح ، ونطمح أن نصل إلى الإكتفاء الذاتى فى المستقبل ، وكلنا يعلم المثل القائل ” من لايملك قوته .. لايملك قراره وحريته ” وأن القمح يعتبر محصول استراتيجي مهم لايقل عن تسليح الجيش المصرى .
قد يرى البعض أن هذه المشروعات لم تنعكس حتى الآن على المواطن ، ولم يشعر بها ، ويدللوا على ذلك بإرتفاع أسعار الأسماك بعد ” البروبجندا ” التى صاحبت بركة غليون .. إلح . وإرتفاع أسعار السلع عموما رغم المشروعات الكثيرة التى تقيمها الدولة ، لكن الحقيقة أننا نعانى من الزيادة السكانية التى تلتهم كل مظاهر التنمية ، وأن المنطقة نمر بأزمات عالمية كان لها تأثيرها فى إرتفاع الأسعار فى كل أنحاء العالم ، وتأثرت بها دولا كثيرة كبرى ، بدأت بفيروس ” كورونا ” وإنتهت بالحرب بين ” روسيا ــ وأوكرانيا ” مًصدر الغلال رقم واحد لمصر ولبقية دول العالم .
والحق أقول أننا رغم كل هذه المحن لم تنقص ” بصلة ” واحدة فى السوق المصرى ، وتلك نعمة نحمد الله عليها بعد الطوابير الطويلة التى شاهدناها وتناقلتها وسائل الاعلام العالمية لدول عديدة عانت من قلة السلع الغذائية أثناء أزمه كورونا ، ونحن نقف موقف المتفرج عليها .
بقى لى إقتراح : لماذا لاتخصص الدولة مساحة من اتلك الأراضى المستصلحة لشباب الخريجين ، ولتكن مساحة ألف فدان يتم توزيعها على عدد من خريجى الجانعات وكليات الزراعة لعمل مشروعات زراعية صغيرة إلى جانب المستثمرين من شركات القطاع الخاص على أن تكون بدعم ورعاية الدولة .. مجرد إقتراح !!