بداية .. المجد لـ شهداء الواجب الذين إستشهدوا أثناء آداء خدمتهم فى محطة رفع المياه غرب سيناء خلال تصديهم لهجوم غادر من قبل بعض العناصر الإرهابية التكفيرية ، نحتسبهم عند الله شهداء لانهم لقوا ربهم وهم يدافعوا عن أمن مصر وسلامتها وإستقرارها ، فى بيان نشر بصفحته عبر فيس بوك قال الرئيس عبدالفتاح السيسى ” مازال أبناء الوطن المخلصين يلبون نداء وطنهم بكل الـ شجاعة والـ تضحية مستمرين فى إنكار فريد للذات وإيمان لن يتزعزع .. إلخ .
والحقيقة أنك عندما تكتب عن عملية إرهابية فقد سبقك الـ عشرات بل المئات فى الكتابة عنها ، لكن الكتابة هنا تذكرنى بالحرب الطويلة التى خاضتها مصر ضد الإرهاب الأسود الذى يطل برأسه كلما سنحت له الظروف كما تذكرنى بكلمات غناها عبدالحليم حافظ يقول مطلعها “خلى السلاح صاحي صاحي صاحي لو نامت الدنيا صاحي مع سلاحي ، سلاحي فى ايدية نهار وليل صاحي ينادي يا ثوار “عدونا غدار ” خلي السلاح صاحي صاحي ” .
يخطىء من يظن أن الحرب على الإرهاب مسألة سهلة أو يمكن أن تنتهى بين عشية وضحاها ، فالحقيقة هى
حرب “وجود” مصر تخوض حرب ضروس بمفردها ضد جماعات إرهابية وتكفيرية تمولها وتديرها مخابرات دولية وقوى
عظمى لاتريد لـ مصر أن تنعم بالأمن والإستقرار ، مصر عندما تصدت للإهاب الأسود هى تعلم أنها ليست حربا بمفهومها التقليدى ، وإنما هى حرب أقرب ماتكون إلى حرب العصابات التى تحارب فيها عدوا خفيا ، عدو يتخفى بين
العامة من الناس ، وهو يضمر فى نفسه الشر وينتظر أن تأتيه الفرصة المناسبة لينقض عليك .
مصر تحارب خفافيش الظلام من الجماعات التى ضلت طريقها وإتخذت من التفكير إسلوب حياة ، فهم لم يوجهوا
أسلحتهم للمسجد الأقصى لتحريره من دنس اليهود ، وإنما يوجهوا نيران أسلحتهم المسمومة لجنود بواسل وقفوا
يدافعوا عن محطة رفع مياه من أجل أن يقطعوا المياه التى هى عصب الحياة ، إنهم أعداءا لله قبل أن يكونوا أعداءا
للبشر ، وإلا بماذا تفسر القتل وسفك الدماء وازهاق النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق تحت شعار ” الله أكبر “
كيف يقتل هذا المجرم نفسا وهو يردد ” الله أكبر ” فأى جهاد هذا وأى دين يبيح ذلك ؟
من أنتم ؟ ومن أين جاءت تحذيرات السفارة الأمريكية بالقاهرة لـ رعاياها بتوخوا الحذر فى الذهاب إلى سيناء لـ عمل
إرهابى متوقع فى بداية الـ 3 من مايو وبعد أيام قليلة يقع هذا الحادث الإرهابى الغادر !!
من الذى يحرك هؤلاء الإرهابيين ويمولهم ويمدهم بالمال والسلاح ؟
ولماذا مصر فى هذا التوقيت تحديدا ؟
فى الواقع يخطىء من يظن بداية أن الحرب ضد الإرهاب قد توقفت ، هى حرب مستمرة ولن تنتهى ، ولكن يخطىء
من يظن أننا تراخينا أو تكاسلنا فى الدفاع عن أرضنا وعرضنا وإن مات لنا شهيد فهناك مليون شهيد مستعد
للتضحية ، لكن أعود وأذكر بالمثل القائل ” إللى قاصدك غالبك ” فأيا ماكانت يقظتك فالعدو متربص لك تربص الذئب لـ
فريسته لينقض عليها وقتما تحين له الفرصة ، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على الغدر والخسة والنذالة فى
مواجهة الخصم .
ولعلنا نتذكر أن مصر واحدة من أكثر الدول فى العالم التى عانت من الإرهاب الأسود وأعتقد أن لها باع طويل وخبرة
فى محاربة التطرف والعمليات الإرهابية . بدأت موجة الإرهاب الأولى فى مصر فى فترة ” الثمانينات والتسعينات “
من قبل الجماعة الإسلامية والجماعات الجهادية مثل جماعة التكفير والهجرة ومن على شاكلتهم من تنظيمات من
أصحاب الفكر المتطرف . وكان ضحية تلك العمليات الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، كما إستهدف الإرهاب عددا
كبيرا من الشخصيات مثل ” وزير الاعلام الأسبق صفوت الشريف ووزيرى الداخلية محمد عبدالحليم موسى، وزكى
بدر .. وغيرهم من الشخصيات العامة وتم إغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ” .
إلى جانب محاولة زعزعة الثقة فى المجتمع بالعمليات الإرهابية التى إستهدفت الأماكن العامة والميادين والمدارس
والأماكن السياحية مثل العملية التى تمت فى معبد الملكة ” حتشبثوت ” بالأقصر .. وغيرها وإستطاعت مصر
والحمد لله التغلب على تلك الموجة .
الموجه الثانية من الإرهاب الأسود بدأت بعد ثوره 30 يونيو وإزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن سدة الحكم ،
وشهدنا بعد فض إعتصامى ” رابعة ــ والنهضة ” عددا كبيرا من الأعمال الإجرامية ضد قوات الجيش والشرطة ورجال
القضاء ومؤسسات الدولة وتم إغتيال عدد من رجال القضاء وضباط الجيش والشرطة فى عمليات إتسمت كلها
بالخسة والنذالة .
وتركزت العمليات الإرهابية فى سيناء ، وخاض ” الجيش والشرطة ” معا عمليات واسعة هناك من أجل إستئصال
جذور هذا الإرهاب الأسود وتنظيماته الإرهابية وعلى رأسها ” أنصار بيت المقدس ـ جبهة النصرة ـ وتنظيم داعش
الإرهابى “وغيرها من التنظيمات الإرهابية والحمد لله تم مواجتها والتصدى لها ، وتطهير جبل الحلال .
والحقيقة أن العالم كله ومنطقة الشرق الأوسط يمر بحالة من الصراع والدمار وعدم الإستقرار مما أدى إلى تردى
الاوضاع الإقتصادية فى عدد كبير من الدول وخاصة دول أفريقيا والشرق الأوسط ، كما أدى إلى تزايد لـ أعداد
اللاجئين والمفقودين والقتلي ، ويبدو أن الارهاب اصبح سلعة عالمية تهدد العديد من دول العالم فهو لم يعد يفرق
بين دولة وأخرى رايناه في” أمريكا وفى فرنسا وألمانيا وبريطانيا وتركيا ودولا عربية مثل مصر والعراق وليبيا وسوريه
والسعوديه وتونس .. وغيرها .
وفى النهايه لابد أن أشير إلى جهود رجال القوات المسلحة وجهاز الشرطة فى إستئصال جذور الإرهاب الأسود فى
محافظة شمال سيناء وتحديدا فى مناطق “العريش ورفح والشبخ زويد وجبل الحلال ” والحرب الحقيقية التى
خاضتها وتخوضها قوات إنفاذ القانون من أجل تنفيذ مهامها فى مداهمة وتمشيط البؤر الإرهابية فى سيناء بكل
عزيمة وإصرار حتى يتم إقتلاع جذور الإرهاب والقضاء عليه وإستئصال شقفته من مصر .. حفظ الله مصر .