عبد الناصر البنا يكتب : اللواء محمد لبنه .. رجل بقدر المسئولية

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية

فى شهر يوليو من عام 2021 صدرت حركة تنقلات وزارة الداخلية التى كشفت عن تعيين اللواء محمد لبنة مديرا للإدارة العامة لمرور الجيزة خلفا للواء محمد عامر . واللواء محمد لبنة هو أحد القيادات الأمنية و المرورية بالجيزة منذ بدايته فى العمل الشرطي ، حيث تدرج في العديد من الأماكن . وشغل منصب مدير إدارة التراخيص بمرور الجيزة لعدة سنوات ، ثم مساعدا لمدير الإدارة العامة للمرور ، وبعدها تم تعيينه مديراً للإدارة العامة لمرور المنوفية . ثم أصبح نائباً لمدير الاداره العامة لمرور الجيزة ، إلى أن تم تعيينه مديراً لها .

الحقيقة أننى لا أعرف الرجل ، ولم يسبق لى أن إلتقيه ، أو تعاملت معه ، ولاتربطنى به أى صلة قرابه لامن بعيد أو قريب ، وإنما الصدف هى التى تبين معادن الرجال ، والمعدن النفيس يظهر وقت الشده كما يقال ، أكيد كلنا نعلم المهام الجسام الملقاه على عاتق رجال الشرطة ، وخاصة إن كانوا من رجال المرور المكلفين بتحقيق الإنضباط والسيولة المرورية فى شوارعنا المزدحمة بطبيعتها طوال شهر رمضان وخاصه فترة الإفطار ومابعدها .

والحقيقه أن تحقيق السيوله المروريه أمر ليس هينا ، فى الوقت الذى يتسابق فيه الجميع على العوده إلى منازلهم قبل آذان المغرب ليتناولوا طعام الإفطار مع أفراد أسرهم ، ولك أن تتخيل مايفرضه رمضان من عادات وتقاليد وفيه اللمه والعزومات .. وما إلى ذلك ، ومن أجل أن تتحقق السيولة المرورية التى تمكنك من العودة سريعا إلى بيتك وأولادك لتفطر معهم ، يضحى هؤلاء الرجال بتلك العادات والتقاليد ومنهم من يقضى الشهر الكريم كاملا فى تنظيم حركة المرور فى الشارع .

اللواء محمد لبنه رغم كونه مديرا للإداره العامة للمرور ، إلا أنه يحرص دوما على أن يكون متواجدا فى الشارع بين رجاله وقت الإفطار يراقب حركة المرور فى الشارع ويذلل العقبات إن وجدت ، ويتناول معهم طعام الإفطار . ومن واقع تجربتى التى إقتضت التواجد فى شارع الملك فيصل المزدحم بالسيارات فترة صلاة العشاء والتراويح ، ونظرا لشدة الزحام توقفت بسيارتى صف ثانى لدقائق وعدت سريعا لأجد بها ” كلابش ” وونش المرور يقف بجانبها ويبدو أن الكلابش وضع بها للتو . تحدثت مع أمين الشرطه المتواجد وقلت له أننى أمر بظرف طارىء والأمر لم يستغرق خمس دقائق ، ووعدنى بفك الكلابش بعد أخذ إذن الضابط المختص وتركنى وبعد ساعة عاد ليؤكد انه لم يحصل على الإذن بعد !!

والحقيقه أننى كنت قلق جدا لـ إرتباطى بمواعيد مسبقة وكنت وفى حيرة من أمرى خاصة وأننى أمر بظرف طارىء يقتضى عدم التأخير إلا أننى إنتظرت مدة ساعتين وربع تقريبا ولم يعبرنى أحد ، فما كان منى إلا أن قمت بالإتصال بسيادة اللواء لكى أشكو له من تجاهل رجال المرور ، وأنا فاقد الأمل فى الرد ، إلا أنه خيب ظنى وقام بالرد علىً فورا ، وكان رجلا فى منتهى الذوق والشياكة فى التعامل ، والحقيقة أنى كنت مشفق عليه من شدة إنفعاله وهو يملى تعليماته على الخدمات المتواجدة فى شارع فيصل ، ويامرهم بسرعة التوجه فورا لفك الكلابش ، وعندما إعتذرت له بادرنى بالإعتذار وقال ” خمس ” دقائق لو العربيه ما إتفكتش كلمنى شكرت الرجل لـ أنه كان جديرا بالمسئولية . ولم تمض دقائق وحضر أمين الشرطه وقدم إعتذاره وفك الكلابش !!

لسنوات طوال خلت كان هناك ” جاب ” كبير أو ” هوة ” فى تعامل جهاز الشرطة مع المواطنين بإعتباهم درجة ثانية

، ولعلنا نتذكر أن الإلتحاق بالكليات العسكرية وكلية الشرطة تحديدا كان حكرا على فئه بعينها فى المجتمع

بإعتبارها من الوظائف التى ” تورث ” مثلها مثل أبناء الأطباء وأساتذة الجامعة والعاملين فى البنوك والإعلام ..

وغيرها .

ولاأخفى أنه من الأسباب الرئيسية التى أدت إلى إندلاع ثوره 25 يناير فى مصر والياسمين فى تونس وغيرها من

ثورات الربيع العربى كانت لـ إنحراف جهاز الشرطة وتجاوزاته فى بعض هذه البلدان .

وكلنا يعلم حجم هذه التجاوزات وخاصة فى أقسام الشرطة والظلم الذى كان يقع على البسطاء من الناس ويوجد

حالة من الكره لهذا الجهاز وأفراده ، وأختص تجاوزات الضباط من الرتب الصغيرة ومن ” أمناء ” الشرطة تحديدا ولعلنا

نتذكر فيلم ” هى فوضى ” للمخرج الكبير يوسف شاهين الذى رصد من خلاله القمع والفساد فى مصر وتجاوزات

رجال الأمن التى جسدتها شخصية “حاتم” (خالد صالح) امين الشرطة اللى بيستغل منصبه لـ قهر الناس فى

منطقته ، وهو يمثل السلطة والبوليس فيها ، وكانوا يخافوا منه ويكرهوه ، وكان يحقق مصالحه الشخصية عن طريق

الرشاوى والأتاوات التى يفرضها على الناس والتزوير والسرقة وإتشهرت جملته التى ظل يرددها طوال الفيلم ” اللى

ملوش خير فى حاتم ، ملوش خير فى مصر” .

الحقيقة أن هناك العشرات من القصص التى كانت تحكى عن تجاوزات رجال الشرطة فيما مضى ، لكن الشىء

الجدير بالذكر أن القاصى والدانى لاينكر التغيير الجذرى الذى حدث فى تعامل رجال الشرطة مع المواطنين فى

السنوات الأخيرة ، وبعد أن كان شعار ” الشرطة فى خدمة الشعب” شعارا براقا من الناحية الشكلية فقط ، لـ

يتحول إلى ” الشرطة والشعب فى خدمة الوطن ” .

وتحت هذا الشعار كانت هناك تضحيات كبيرة من رجال الشرطة الذين قدموا خلالها أرواحهم من أجل أمن الوطن

وإستقراره وسلامة أراضيه ، وهناك العشرات بل المئات من القصص لضباط وجنود قدموا أرواحهم فداءا لوطنهم من

أجل القضاء على الإرهاب وخفافيش الظلام فى سيناء وغيرها ، ومن أجل وأد الفتن التى تطل برأسها من وقت لـ

آخر ، ومن أجل حماية حدودنا وشبابنا من خطر المخدرات ، ومن أجل ملاحقة القتله والخارجين على القانون فى

جرائم السرقه وغيرها .

كلية الشرطة فى مصر تسير وفق فكر جديد أقرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحت عنوان ” حقوق

الإنسان وإنفاذ القانون ” هذا الفكر هو الذى يحفظ الخيط الرفيع الفاصل بين إنفاذ القانون والحفاظ على حقوق

الإنسان ، وهو المنهج الذى يتم تدريب طلبه كلية الشرطة عليه ، والتدريب على أنواع انتهاكات حقوق الإنسان

التي ينبغي على فرد الشرطة أن يهتم بها ، وأن لايعرقل إحترام حقوق الإنسان آداء الشرطة لعملها بفاعلية .

حفظ الله مصر .. ووحفظ أبناء شرطتها البواسل .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.