طال أمد الحرب الروسية الأوكرانية على غير المتوقع ، ويبدو أن هناك من يريد إطالة أمد هذا النزاع ، وخاصة بعد فشل المفاوضات بين الجانبين ، وإزدياد سقف مطالب الجانب الروسى فى تحد واضح للمجتمع الدولى ودول الناتو وأوربا الغربية ، وقلق كل من ألمانيا وفرنسا على إمدادات الغاز الروسى ، والتوازنات الدولية وإعادة تشكيل خريطة القوة فى العالم .. إلخ
الحقيقة أنه مع إستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، بدأت الإضطرابات تنتشر فى أسواق السلع الغذائية كون أطراف النزاع بمثابة سلة غذاء للعديد من دول العالم ، وخاصة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هى الأكثر تضررا ، هذا وتشير الأرقام إلى كون روسيا وأوكرانيا لاعبان أساسيان في أسواق الأغذية الزراعية فى العالم ، حيث تشكلان معاً 53 % من تجارة الزيت والبذور العالمية ، إضافة إلى 27 % من تجارة القمح العالمية ، وتعد
أوكرانيا وحدها رابع أكبر مصدر للقمح والذرة على مستوى العالم ، وأنها صدرت فى العام 2020 مايعادل الـ 17% من كمية الذرة والشعير التي سوقت للتجارة العالمية 40% منها إلى الدول العربية ، وتعتبر روسيا مصدرًا رئيسيًا للقمح إلى مصر بنسبه 15.1 % تليها أوكرانيا بنسبه 7.5 % .
الأزمة بين روسيا وأوكرانيا كان لها تداعياتها على الأمن الغذائى فى العالم وفى مصر التى تستهلك مايعادل الـ 18 مليون طن من القمح سنويا ، بالقدر الذى جعل الدولة المصرية تتدخل وتتخذ إجراءات هى الأكثر حزما على الإطلاق من أجل تأمين مخزونها الإستراتيجى من السلع وضبط الأسعار فى السوق ، والحقيقة أن ما إتخذته الدولة ووزارة التموين والتجارة والصناعه والوزارات المعنية من قرارات وإجراءات ومنها حظر تصدير بعض البقول مثل ” الفول ، والعدس ، والقمح ، والدقيق بجميع أنواعه ، والمكرونة بأنواعها ” لمدة 3 أشهر، اعتبارا من شهر مارس الجاري . فى إطار مجموعة من الـ “قرارات الـ إستباقية”، التى جاءت في ظل مخاوف من أزمة إقتصادية وموجة تضخم بدأت تتأثر بها الأسواق ، عبر ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والأغذية في السوق المحلية . شكلت قلقا للمواطن المصرى .
الدولة المصرية كانت سباقة وإتخذت عددا من السياسات التى كانت تهدف إلى حماية الأمن الغذائى المصرى ، عندما توسعت فى المساحة المزروعة بالقمح باعتباره محصول إستراتيجي ، وبلغت المساحة المزروعة بالقمح 3.6 مليون فدان تنتج مايقرب من الـ 10 مليون طن وتكفى لمده 6 أشهر ، وفي الفترة الأخيرة زادت نسب الاحتياطي من القمح والأرز والزيت والسكر والبقوليات من 3 إلى 12 شهرا”،
وهناك سياسات متبعة منذ سنوات لحماية الأمن الغذائي المصري وتوفير إحتياطي من السلع الاستراتيجية ومنها التوسع فى إنشاء صوامع الغلال التى قللت نسبة الفاقد وحافظت على جودة القمح وسلامته وجعلت من مصر محطة ترانزيت أو سوق للقمح القادم من روسيا وأوكرانيا ودول شرق آسيا وغيرها من الدول المصدرة للقمح . إضافة إلى عدد من القرارات الإقتصادية التى جاءت للحد من موجه التضخم التى تجتاح العالم عندما رفعت سعر الفائدة على الودائع إلى 18 % وكلها إستراتيجيات قللت من تأثير الحرب الأوكرانية .موجة الغلاء
أعتقد أن موجة الغلاء التى إحتاجت الأسواق المصرية فى الفترة الماضية كان لها تأثير مباشر على ثقافة المصريين وعاداتهم وتقاليدهم بالقدر الذى عدل كثيرا من بعض السلوكيات الخاطئة التى إنتشرت لسنوات والتى جعلت من شهر رمضان شهرا للإسراف والإنفاق الغير مبرر والتكالب للحصول على الأغذية ومنتجات اللحوم والألبان .. وغيرها .
ووفقا لقانون العرض والطلب كلما زاد الطلب على سلعة ما فى ظل ندره المعروض منها إرتفع سعرها وهو مافطن إليه المواطن سربعا وأحجم عن شراء بعض الخضروات والمنتجات الزراعية التى إرتفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه مما أدى غلى إنخفاض أسعارها كثيرا وفى فترة قصيرة ، والحقيقة أن المواطن نفسه أصبح مع موجة الغلاء يشترى مايكفى إحتياجاته فقط وهو ماساهم كثيرا فى ضبط الأسواق سريعا .
بقى على الدولة أن ترتب أولوياتها وخاصة فيما يتعلق بملف ” الصناعة ” وضبط الأسواق فيما يتعلق بمواد البناء ” الحديد والأسمنت ” للتغلب على حالة الكساد التى إنتشرت نتيجة الإرتفاع الجنونى فى أسعارها وتوقف حركة البناء التى أصيبت بالشلل التام وخاصة مع إرتفاع المواد الخام وأسعار الطاقة . وهو مايسبب ضرر بالغ لسوق العقارات فى مصر . حفظ الله مصر قيادة وحكومة وشعبا ” وتفاءلوا بالخير .. تجدوه ” كل عام وأنتم بخير .