إستراتيجية الكلب والبرغوث هى واحدة من الإستراتيجيات المعروفة عسكريا ، وهى علم يدرس
إستراتيجيا وتكتيكيا ويستخدم فى ” حرب العصابات “
أو فى النزاعات الغير متكافئة ، التى يرغب فيها أحد الأطراف إستنزاف الطرف الآخر لـ فارق فى القوة
بينهما أو مايطلق عليها الحروب الصغيرة ،
التي يملك فيها طرف كل مصادر القوة ومواردها أكثر مما يتحمله الطرف الأخر في الحروب النظامية .
فالبرغوث لايقوى على مواجهة الكلب بصفة مباشرة , ولكنه يستطيع أن بتخفى وسط شعر الكلب
الكثيف , ويمطره بوابل من اللدغات ,
وينتقل من مكان إلى أخر ، في ذات اللحظة التى ” يخمش ” فيها الكلب جلده بأظافره بحثا عن
البرغوث الذي يكون قد انتقل إلي مكان آخر ،
وهكذا فى جولات من الكر والفر تؤدى فى النهاية إلي إنهاك الكلب تماما .
ولذلك عندما نكون أمام إستراتيجيتبن أحداهما ضعيفة والأخرى قوية ، فإن الطرف الضعيف يلجأ دوما إلى ” حرب العصابات “
مثل ماحدث فى حرب روسيا وأفغانستان عندما لجأ المجاهدين الأفغان إلى هذا النوع من الحرب التى أجهدت روسيا وأدت فى النهاية إلى إنسحابها من أفغانستان دون أن تحرز أى تقدم يذكر ،
وحدث ذلك أيضا فى فيتنام وكوبا ، وكاد أن يحدث فى حرب الخليج أثناء عملية عاصفة الصحراء عندما عبرت كتيبة عراقية وإحتلت مدينة ” الخفجى ” السعودية وتمركزت فى الأبنية السكنية وكادت أن تتحول إلى حرب عصابات .
الحقيقة أن مايحدث بين المملكة العربية السعودية وتحالف دعم الشرعية وميليشيا الحوثى المسلحة هو خير مثال لـ مايسمى إستراتيجية الكلب والبرغوث ،
ففى الوقت الذى لم يمضى فيه أسبوع على حفل موسم الرياض التنكرى الذى شارك فيه رئيس الهيئة العامة للترفيه فى المملكة العربية السعودية تركي آل الشيخ وهو متنكر في شخصية المسلسل الأمريكي الشهير “سيمبسون”.
والذى نشر مقطع فيديو منه عبر حسابه الشخصي على تطبيق التغريدات تويتر ، وأعرب متابعوه عن إعجابهم الشديد بما قدمه .
إلا وميليشيا الحوثى المدعومة من إيران تمطر السعودية بسلسلة هجمات أسفرت عن اندلاع حريق هائل في منشأة نفطية لشركة أرامكو في مدينة جدة ،
وفقا لما أعلن عنه التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية عن العملية العدائية التي استهدفت محطة توزيع المنتجات البترولية التابعة لشركة أرامكو في جدة
والتى أدت إلى نشوب حريق فى خزانين إثنين تابعين للمنشأة النفطية دون أية إصابات أو خسائر بشرية
من الواضح أن التصعيد العدائى يستهدف المنشآت النفطية وأن أهداف الجوثى هذه المرة كانت محددة ودقيقة وأنها وإن كانت لم تسفر عن أية إصابات أو خسائر بشرية ،
إلا أنها كانت “موحعة” وكانت محل نقد شديد من مختلف دول العالم التى أدانت الهجوم بشده ، وخاصة أنها جاءت فى الوقت الذى يحاول فيه العالم تدبير حلول لـ أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية الاوكرانية ،
وتأتى هجمات الحوثى على أرامكو السعودية لتصب الزيت على النار ، وتزيد الأمر تعقيدا ،
خاصة وأنها تمثل تهديدا مباشرا لـ إمدادات النفط العالمية . فى الوقت الذى تحاول فيه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب تجنب إمدادات النفط الروسية جراء العقوبات الإقتصادية التى فرضتها تلك الدول ضد موسكو .
الهجوم الذى وقع على مصافى النفط فى منطقة بقيق بالمملكة العربية السعودية تم بواسطة طائرات مسيرة
“درون”
وفى تغريدة لـ وزير الخارجية الأمريكى على وسائل التواصل الإجتماعى ” تويتر” تقف طهران وراء ما يقرب من 100 هجوم على المملكة العربية السعودية .
وأكدت مصادر أمريكية “ إن الهجمات الحوثية غير المبررة على منشآت تخزين النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية في جدة ، وكذلك الهجمات على المنشآت المدنية في جيزان ونجران والظهران ،
أنها أعمال إرهابية تهدف إلى إطالة معاناة الشعب اليمنى ، وأن إيران هى التى تسهل تلك الأعمال الإرهابية لجماعة الحوثى وتمدهم بالسلاح .
تنسب جماعه الحوثى إلى مؤسسها بدر الدين الحوثى ، وهى تعتبر أكبر مليشيا مسلحة في اليمن والجزيرة العربية كلها ويقدر عدد أفراد مليشيا جماعة الحوثي بـ300 ألف فرد ،
ومعفلهم الرئيسي في مدينه صعدة شمال اليمن وقد تأسست هذه الجماعة عام 1992 نتيجة شعور أتباعها بأن الحكومة اليمنية تقوم بتهميشهم وقائد الحركه حاليا هو عبدالملك الحوثى إبن مؤسسها .
لو عدنا إلى نظرية الكلب والبرغوث نجد أن جماعة الحوثى ليس لديها ماتبكى عليه فى تلك الحرب وأن الهجمات التى تقوم بها قوات دعم الشرعية فى اليمن ضد أهداف للحوثى لاتأتى لـ ثمارها
وإلا لما طال أمد النزاع حتى اليوم ، فضلا عن كونها الحرب بالوكالة التى تهدف من وراءها إيران إنهاك المملكة العربية السعودية ودول الخليج وتهديد ممرات الملاحة العالمية فى خليج عدن وعلى إمتداد البحر الأحمر .
ويبقى السؤال :
ماهى الإنتصارات التى حققتها القوات السعودية منذ إندلاع فتيل النزاع بينها وبين مليشيا الحوثى ؟
ج : المحصلة النهائية لاشىء ، وعليه يجب على المملكة السعودية أن تحكم العقل ، وأن تعيد النظر فى حرب لاطائل منها إلا الخراب والتدمير ،
بل أنها هى وحدها الخاسر الأكبر فيها ، لالشىء إلا من أجل الخروج من هذا المستنقع الذى سبق لـ مصر بكل أسف الوقوع فيه عندما أرسلت قواتها إلى اليمن عام 1962 فى مهمة ظنها الرئيس جمال عبدالناصر سهلة لـ انها ببساطة لم تكن حربا بالمفهوم التقليدى
وإنما كانت حرب عصابات ” كر .. وفر ” لم تعرف فيها القوات المصرية العدو من الصديق إلى جانب عوامل أخرى كثيره لايسع المقام لذكرها