اللواء دكتور سمير فرج يكتب : سيناريو الحرب الروسية الأوكرانية … قبل 24 فبراير 2022

اللواء دكتور سمير فرج
المكان … مبنى لجنة الدفاع والأمن القومي الروسية، في موسكو، حيث اجتمع الرئيس بوتين لبحث قرار الهجوم على أوكرانيا، والاستماع لتقارير أعضاء اللجنة، طبقاً للإجراءات المتبعة قبل اتخاذ قرارته الاستراتيجية.
في البداية سأل الرئيس بوتين، وزير خارجيته، عن رد فعل المجتمع الدولي، بشأن الهجوم على أوكرانيا، باعتباره من الأعمال الواجبة لتحقيق الأمن القومي لروسيا، فرد وزير الخارجية، بأن الولايات المتحدة قامت بنفس العمل، عام 1962، عندما قرر الرفيق خورشوف إرسال صواريخ نووية إلى كوبا، على حدود الولايات المتحدة، مما آثار الرئيس الأمريكي، آنذاك، جون كينيدي، ودفعه للتهديد بحرب نووية، دفاعاً عن الأمن القومي الأمريكي، إذا لم تسحب موسكو صواريخها من الدولة المجاورة له، وبالفعل سحب خورشوف الصواريخ السوفيتية من كوبا.
واليوم تتكرر الأحداث، مع اختلاف الوقائع، حينما طلبت أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما يعني وجود قوات أجنبية على أرض أوكرانيا، من شأنها تهديد الأمن القومي الروسي. وهنا وجه الرئيس الروسي، سؤاله لوزير الدفاع، عن احتمالات نجاح الجيش الروسي في الهجوم على أوكرانيا، فأكد وزير الدفاع على التفوق الساحق لقوات بلاده، على الجيش الأوكراني، إلا أنه استطرد بأن القتال في المدن، هو أسوأ أنواع القتال، فاقترح اقتحام الحدود الأوكرانية، وتدمير البنية الاساسية للجيش الأوكراني، بالتوازي مع تحقيق سيطرة جوية كاملة، فوق سماء أوكرانيا. كما أكد أن سقوط المدن الأوكرانية، في يد القوات الروسية، سيتأخر بعض الوقت، حرصاً من القوات الروسية على عدم إحداث خسائر بين المدنيين، وهو ما شدد عليه الرئيس بوتين بقوله أن الشعب الأوكراني، جزء من نسيج الشعب الروسي، وأنه لا يريد الانتصار في العمليات العسكرية، وخسارة صداقة الشعب الأوكراني.
ورداً على سؤال الرئيس بوتين بتحديد المطالب الروسية، بعد الهجوم، أجمع أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي، بأن المطالب محددة في، أولاً أن تصبح أوكرانيا دولة محايدة، منزوعة السلاح، مع التعهد بعدم الانضمام إلى حلف الناتو، مستقبلاً. وثانياً أن تعترف أوكرانيا بحق روسيا في جزيرة القرم، وأن تعترف أوكرانيا بحق الجمهوريتين دونيتسك ولوهانسك في الانفصال. ثم سأل الرئيس بوتين وزير خارجيته عن الدول المنتظر تأييدها لروسيا، بعد بدء الغزو، فرد وزير الخارجية، بحسم، بأنهم الصين الهند وكوريا الشمالية. أما تركيا، فأكد وزير الخارجية عن ميول رئيسها، إردوغان، إلى إمساك العصاة من المنتصف، كعادته، بينما إيران، المنخرطة في خضم المفاوضات النووية، فستسعى لاستغلال الموقف للحصول على أكبر مكاسب.
وهنا استدار الرئيس بوتين إلى وزير الخزانة، وأعضاء المجموعة الاقتصادية، للاستماع إلى تقريرهم عن الموقف الاقتصادي، حال دخول الحرب، فرد وزير الخزانة والاقتصاد، بأنه يتوقع العقوبات الاقتصادية التي ستفرضها الولايات المتحدة على روسيا، والتي نُشرت، في ذلك اليوم، في صورة تسريبات، بصحيفة الواشنطن بوست، الأمريكية، وهم 14 عقوبة اقتصادية. تشمل منع تعامل روسيا بالدولار، ومنعها من التعامل بنظام سويفت البنكي، بمعنى منع روسيا من الحصول على مطالبها بالدولار من دول العالم، مع منع تصدير المنتجات الأمريكية ودول السوق الأوروبية إلى روسيا، والعكس صحيح. وبالطبع تجميد الأرصدة الروسية الموجودة في الخارج، ووضع كبار رجال الدولة في روسيا، ورجال الأعمال، على قوائم الممنوعين من دخول الولايات المتحدة، وبريطانيا، ودول الاتحاد الأوروبي، وغير ذلك من العقوبات الاقتصادية المثل حظر الطيران والسفن الروسية من دخول المطارات والأجواء الأمريكية ودول الناتو. وأكد أعضاء المجموعة الاقتصادية على قدرة روسيا على تحمل هذه العقوبات الاقتصادية، خاصة وأنهم استعدوا لها بسحب معظم أرصدتهم من الخارج.
كما أكد المشاركون في الاجتماع بأنهم على يقين بأن دول أوروبية، مثل ألمانيا وإيطاليا، ستعجز عن تنفيذ معظم هذه العقوبات، في ظل احتياجهم للغاز الروسي، الذي لن تستطيع أمريكا ودول أوروبا إحلاله قبل عام ونصف، على أقل تقدير، من خلال الطلب من دول الخليج، وخاصة قطر، بزيادة إنتاجهم من النفط لصالح أوروبا، كما ستتناسى الولايات المتحدة عداوتها مع فنزويلا، ومع إيران، مقابل ضخ نفطهم إلى أوروبا. وهو ما سيتطلب بناء محطات إسالة في أوروبا، لاستقبال الغاز الجديد من تلك الدول، للاستغناء عن الغاز الروسي الذي يصل أوروبا، مباشرة، عبر خطوط الأنابيب الممتدة بينهم.
ورداً على سؤال الرئيس بوتين، عن بدائل الأسواق الأوروبية، بعد فقدها، أكد أعضاء المجموعة الاقتصادية، بأن الصين ستعوض ذلك الفقد، فضلاً عن إيران، التي تلقت الكثير من الدعم الروسي، أثناء العقوبات الأمريكية. كما أكدوا على جاهزيتهم بخطة لتأميم الممتلكات الأمريكية، حال قررت الشركات سحب استثماراتها من روسيا، مشددين على أن الأزمة المالية ستطول العالم كله، وأولهم الولايات المتحدة، وهو ما سيستوجب الكثير من الحكمة قبل اتخاذ أي قرارات اقتصادية، ستنعكس آثارها على الرئيس الأمريكي، وإدارته. ولما سأل الرئيس بوتين، رئيس الاستخبارات الروسية KJB، عن الموقف الداخلي في روسيا، أجابه بكامل سيطرته عليه، وبأنه لن يسمح بأصوات للمعارضة أن تعلو فوق مصلحة الوطن وأمنه القومي.
وهنا قرر الرئيس بوتين بدء الهجوم على أوكرانيا، معبراً عن ذلك بأنه يريد للجميع أن يشهد عودة الإمبراطورية الروسية، من جديد، لتصبح قوة عظمي.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.