وانت سايق على كوبرى 6 أكتوبر باتجاه مدينة نصر أو العكس ، ولو أنت على الطريق الدائرى ، أو
على أى من محاور القاهرة الكوبرى ،
سوف تجد إعلانات رمضان وقد ملأت الطرق والكبارى من الجهتين وتنوعت مابين مسلسلات
وبرامج ، فى سباق محموم إيذانا ببدء مارثون رمضان هذا العام ، كل عام وانتم بخير .
الحقيقة أنه حتى الآن رغم انتهاء نصف شهر شعبان تقريبا ، لم تهل علينا نسمات رمضان على
غير العادة ، والناس فى حاله من التوهان والوجوم لما يحدث من حروب وصراعات يشهدها العالم
بين روسيا وأوكرانيا ، وكان لها تداعياتها وآثارها السلبية التى إمتدت لـ مختلف البلدان العربية
والأفريقية ، وإنعكست بالسلب على المواطن من المحيط إلى الخليج ،
وبالطبع على المواطن المصرى الذى يعيش فى دوامة مفرغة من الغلاء الغير مبرر وزيادة فى
أسعار السلع والخدمات .. إلخ .
هذا العام هناك أكثر من 25 عمل درامى تدخل سوق المنافسة غبر شاشات الفضائيات أو المنصات الإلكترونية مثل منصة “
Watch it التابعة للمجموعة المتحدة ــ Shahid التابعة لمجموعة mbc ــ View للإعلان ــ Exclusive Movies .. وغيرها ” ،
وقد تنوعت دراما هذا العام مابين أعمال درامية تقدم البطولات والتضحيات فى مواجهة الإرهاب مثل ” الإحتيار ج3 بطولة ” أحمد
السقا وأحمد عز وكريم عبد العزيز ” وبمشاركة كبار نجوم الفن العربي ــ
وأعمال درامية أخرى منها “فاتن أمل حربي لـ ” نيللى كريم ” ــ الكبير أوى ” لـ أحمد مكى ” ــ المشوار ” لـ محمد رمضان ” ــ “جزيرة
غمام” لـ مى عز الدين ــ “ملف سرى” لـ هانى سلامة ــ “مكتوب عليا” لـ أكرم حسنى ــ “أحلام سعيدة” لـ يسرا ــ “في بيتنا
روبوت” ــ “يوتيرن” ــ “سوتس”
وغيرها من الأعمال التى تنوعت ما بين الوطنى ، والكوميدى ، والاجتماعى ، والشعبى ، والصعيدى .. وغيرها من ألوان الدراما
المختلفة .
الشىء المخجل أننا تفاجىء كل عام بأن مايقدم من دراما لاتمثل الواقع ولاتحمل أية رسالة أو فنا لأنها لاتحض على فضيلة ولاتنهى
عن رزيلة ،
وإنما تهدف إلى الإثارة ، وتخدش الحياء العام بالألفاظ السوقية والعبارات الخادشة المبتذلة هذا بخلاف العرى والجنس والمخدرات ..
إلخ .
بل أن من الأعمال الدرامية ما تعرض للهجوم قبل عرضه مثل مسلسل ” بطلوع الروح ” ولا أدرى إن كان هذا الهجوم مبررا أو نوع من
الدعايه أو البروبجندا التى تسبق العمل ،
وقد إشتعلت وسائل التواصل الإجتماعى بعاصفة من النقد والهجوم الذى وصل إلى حد السب فى حق الفنانه إلهام شاهين ، واتُهمت بالإساءة إلى الدين الإسلامي بسبب وضعها شعار تنظيم “داعش ” الإرهابى ” على عصبة رأسها ،
فضلا عن الهجوم على المسلسل كونه يسىء إلى الإسلام ، ولقناه mbc التى قيل أنها تتعمد عرض مسلسلات تصور الإسلام على أنه دين الإرهاب والتطرف .
يأتى هذا فى الوقت الذى إختفت فيه تماما الدراما التاريخية والدينية إلى جانب الدراما الإجتماعية الهادفة التى كانت تقدم عبر شاشات التليفزيون المصرى عندما كان لدينا جيل من الكتاب والمبدعين ممن جملوا أمانة الكلمة ومسئوليتها أمثال ” محفوظ عبدالرحمن ـ أسامه انور عكاشة ـ محمد صفاء عامر ـ وحيد حامد .. وغيرهم ” من المبدعين فى ” زمن الفن الجميل ” .
أيام كانت الدولة تدعم الفن والسينما والمسرح والثقافة والأعمال الدراميه وغيرها ولم تترك المجال لـ شركات بعينها تحتكر سوق الإنتاج فى مصر . أيام كان قطاع الإنتاج فى إتحاد الإذاعة والتليفزيون هو المعنى بالدراما المصرية التى تقدم للمشاهد المصرى والعربى .
ولعلنا جميعا نتذكر فتره الثمانينات والتسعينات وماتلاها عندما كان العالم العربى كله من المحيط إلى الخليج ينتظر الدراما المصريه الهادفة فى رمضان ،
وبنتظر المسلسلات على مختلف مستويانها ” التاريخيه ، والدينية ، والسياسية ، والاجتماعية ، والثقافية ” كان المشاهد ينتظر “محمد رسول الله فى أجزاءه الخمسة ، وموسى بن نصير ، وإبن تيمية ” وينتظر ” رأفت الهجان و ودموع فى عيون وقحة .. إلخ “
وفوازير نيللى وشريهان ، وينتظر الأعمال الكوميدية والدراما الإجتماعية مثل ” ليالى الحلميه ــ وهوانم جاردن سيتى ــ وأوراق مصريه .. وغيرها من الأعمال التى هى صميم القوة الناعمة المصرية .
لكن ماذا تقدم الدراما الآن ؟ ولماذا تنفق عليها كل هذه المليارات ؟
تخيلوا لو جاء رمضان بدون أعمال درامية ، هل يتغير فى الأمر شىء ، هل يعود رمضان ولايأتى إلينا مرة ثانية ، تخيلوا لو أن شركات المحمول التى ساءت خدمتها لم تقوم بعمل الدعاية التى تنفق عليها الملايين كل عام ، هل يحجم الناس عن إستعمال المحمول !!
أى سفه هذا ، وأى بذخ فى بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر !!
والله إن مانراه الآن من أعمال درامية أنفق عليها المليارات ، تبعد الشهر الفضيل عن روحانياته ، وتبعد الناس عن التوجه إلى الله مخلصة له بالدعاء عله يبعد عنا الهم والحزن والغلاء .
ويبقى السؤال ماذا لو أوقفت دراما وإعلانات رمضان ولو لمده عام واحد ، ووجهت تلك المليارات إلى أعمال الخير مثل بناء ” المستفيات أو بناء مدارس أو تحسين مستوى المعيشه لبعض الأسر أو تبنى الموهوبين من أبناء الفقراء .. وغيرها ” ، أليس فى ذلك نفع للمواطن ، أم أننا نؤذن فى مالطا ؟