وزير الأوقاف: إذا لم نتراحم في وقت الأزمات.. فمتى يكون التراحم ؟

التاجر لا ترفعه صلاته بقدر ما ترفعه أمانته ومراعاته ظروف الناس

قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف: إذا لم نتراحم في وقت الأزمات، فمتى يكون التراحم؟، مؤكدا أن التاجر

لا ترفعه صلاته بقدر ما ترفعه أمانته ومراعاته ظروف الناس، وأن قضية بناء الدول والحفاظ على الأوطان وفهم التحديات

التي تواجه الأوطان أمر يحتاج إلى وعي كبير وحكمة بالغة وخبرة واسعة في إدارة الدول في عالم كثير التشابك والتعقيد،

ولا أدل على هذا من نموذج مدينة (طابا) الباسلة ورفع العلم المصري عاليًا خفاقًا، وهذه العملية مرت بثلاث مراحل:

مرحلة الحرب والفداء والتضحية ومن هنا لابد أن نوجه تحية واجبة لأبطال قواتنا المسلحة الباسلة ولأرواح الشهداء

الذين ضحوا عبر تاريخها الطويل في سبيل الحفاظ على كل حبة رمل من وطننا العزيز، ثم جاءت مرحلة السلام،

وشجاعة السلام لا تقل عن شجاعة

الحرب، فالسلام الحقيقي يصنعه الرجال الشجعان وهو الذي له قوة ردع تحميه، ثم جاءت مرحلة التحكيم واستخدام القانون.

الاحتفال بذكرى رفع العلم المصري على أرض طابا الطيبة

جاء ذلك فى خطبة الجمعة اليوم، بمسجد “السلام” بطابا بمحافظة جنوب سيناء، وذلك بحضور اللواء خالد فودة محافظ

جنوب سيناء، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، واللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية، والدكتور شوقي

علام مفتي الجمهورية، والشيخ إسماعيل الراوي مدير مديرية أوقاف جنوب سيناء، وذلك على هامش الاحتفال بذكرى

رفع العلم المصري على أرض طابا الطيبة.

أدوات كل مرحلة تختلف عن الأخرى

وتابع وزير الأوقاف: “فللحرب أدواتها ومتطلباتها، وللسلام طبيعته وموجباته، وللتفاوض خبراته المتخصصة، وأدوات كل مرحلة

تختلف عن الأخرى، فمرحلة السلام تقتضي حكمة وعقلًا، ومرحلة التفاوض تقتضي حنكة ووعيًا وفهمًا، والوطني الحكيم

هو من يفهم طبيعة التحديات فيعطي الوطن ما يحتاج إليه في الوقت الذي يحتاج إليه، فإذا كان يحتاج إلى التضحية بالنفس

كان جاهزًا للتضحية بنفسه، وإذا تطلب التضحية بالمال كان جاهزًا لذلك، فالوطنية الصادقة ليست أقوالًا أو مجرد شعارات ترفع

إنما هي عطاء حقيقي وفق ما تحتاجه المرحلة لا ما تريده أنت،

العالم أمام تحدٍ جديدٍ وهو تحدٍ اقتصادي بحت

أضاف: وفي الظروف الحالية الآنية العالم أمام تحدٍ جديدٍ وهو تحدٍ اقتصادي بحت، فمعظم دول العالم تعاني من موجات

التضخم وغلاء في الأسعار ونقص في الإمدادات الأساسية، وهذا يتطلب من كل وطني أمرين: أن تسود بيننا روح التراحم

والتكافل، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: “مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى

منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “ما آمن بي من بات شبعانَ و جارُه

جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلم به”، وإذا لم نتراحم في وقت الأزمات فمتى يكون التراحم، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “مَن كان

معه فضلُ ظَهرٍ فلْيعُدْ به على مَن لا ظهرَ له ومَن كان معه فضلُ زادٍ فلْيعُدْ به على مَن لا زادَ له”، يقول الراوي: “فذكَر

مِن أصنافِ المالِ ما ذكَر حتَّى رأَيْنا أنْ لا حقَّ لأحدٍ منَّا في فضلٍ”،

مؤكدًا أن هذه هي الروح التي يجب أن تسود بين الناس سواء من منطلق ديني أم من منطلق وطني أم من منطلق إنساني”.

إن أنت لم تنفع فعلى الأقل لا تضر

كما أشار الوزير، إلى الأمر الآخر الواجب توافره في هذه المرحلة حتى نعبر جميعًا وهو إن أنت لم تنفع فعلى الأقل لا تضر،

وهنا يأتي التحذير النبوي في كل وقت وحين من الجشع والغش والاحتكار والاستغلال، وإذا كانت هذه الأدواء الاحتكار والغش

والاستغلال مرفوضة مذمومة خبيثة في كل وقت فإنها في وقت الأزمات أشد جرمًا وإثمًا، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :

“مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “المُحتَكِرُ مَلعونٌ” ويقول (صلى الله عليه وسلم): “من احتكر شيئًا

من أقوات الناس ليغليه عليهم فقد برأت ذمة الله منه”، وقال (صلى الله عليه وسلم): “مَن دخلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ

ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ منَ النَّارِ يومَ القيامةِ”.

التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء

ويقول (صلى الله عليه وسلم) فيما يرويه عن رب العزة في الحديث القدسي: “ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهم اللهُ ولا ينظرُ إليهم

ولهم عذابٌ أليمٌ : رجلٌ حلف يمينًا على مالِ مسلمٍ فاقتَطَعه، ورجلٌ حلف على يمينٍ بعدَ صلاةِ العصرِ لقد أُعطَى بسلعَتِه

أكثرَ مما أَعْطى، ورجلٌ منع فضلَ الماءِ”، ولو أن التاجر الصدوق الأمين في وقت الأزمات خفَّض هامش ربحه إلى أدنى درجة

ممكنة فإن ما يخفضه فهو له صدقة بنيته، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): “التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء”، ولهذا فإن من يقدم الآخرة على العاجلة ولا يحتكر ولا يغش ويراعي أحوال الناس يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فالتاجر الصدوق لا ترفعه صلاته ولا صدقته بقدر ما ترفعه أمانته وحرصه على

المجتمع ومراعاته لظروف الناس.

واختتم الدكتور مختار جمعة خطبته قائلاً: “اليوم هو يوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل، فالعاقل هو من يأخذ من دنياه

لآخرته فيربحهما جميعًا، لا من يقتطع من آخرته لدنياه فيخسرهما جميعًا، ونقول لكل تاجر ولكل صانع ولكل أحد: خذ من دنياك

لآخرتك، وقدِّم شيئًا لآخرتك تجده خيرا في دنياك وأمامك غدا في أخراك”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.