محمد يوسف العزيزي يكتب : وكيف نطمئن .. ؟!

الكاتب الصحفي محمد يوسف العزيزي

منذ اندلعت الحرب الروسية – الأوكرانية والعالم كله يقف علي أطراف

أصابعه .. لأن الحرب وإن كانت محدودة بين دولتين ، إلا أن آثارها علي

معظم دول العالم تجعلها حربا عالمية إقتصاديا وسياسيا !

ما يبرز علي سطع الأزمة هو الاقتصاد .. وكيف تؤثر هذه الحرب علي

شعوب العالم اقتصاديا وعلينا ، ولعل المتابع لمجريات الحرب يلاحظ أن

الحديث عن الاقتصاد يأخذ الجانب الأكبر من الأزمة ،

وما يشغل بال الحكومات هو البحث عن حلول لأزمات الشعوب الأقل دخلا – ونحن منها – خصوصا ما يتعلق بالغذاء

الذي تنتج منه كل من روسيا وأوكرانيا النسبة الأكبر عالميا كالقمح والبقوليات والزيوت ..

ما يعنينا هنا في مصر تداعيات الحرب علينا بشكل مباشر فيما يتعلق بأسعار السلع التي يحتاجها المواطن المصري

من أصحاب الدخول المتوسطة وأصحاب الدخول المتواضعة ، وهذا لا ينفي أن الجميع يعاني بنسب ودرجات متفاوتة

من موجة سعرية عنيفة بلا مبرر حتي الآن !

فبينما تقول الحكومة في أكثر من تصريح ومنذ نشبت الحرب أن أوضاع المخزون السلعي يكفي لمدة 6 شهور ،

وفي تصريحات أخري تكفي حتي آخر العام ، وجدنا أن الأسعار ترتفع بلا ضابط أو رابط  رغم أنه ليس هناك واردات

سلعية وصلت إلي مصر في ضوء ارتفاع الأسعار عالميا خلال تلك الفترة ، وحتي لوصلت ستكون طبقا لتعاقدات

قديمة وسابقة علي الأزمة .. هذا الأرتفاع العشوائي وغير المبرر يثير التساؤلات حول كيفية مراقبة السوق وأسعار السلع !

نعلم جيدا أنه ليس هناك ما يسمي بالتسعيرة الجبرية ، ولا تستطيع الحكومة فرض سعر معين لأي سلعة إلا إذا

كانت الدولة هي المنتجة للسلعة أو قامت باستيرادها

ونعلم أيضا أن السوق المصري يخضع لقانون العرض والطلب .. كلما زاد العرض عن الطلب  قل السعر ، وكلما زاد

الطلب عن العرض إرتفع السعر .. هذا قانون السوق !

ونعلم أيضا أن بالسوق المصري مجموعة من كبار المستوردين والتجار من المحتكرين لسلع بعينها تشكل طلبا كبيرا للمستهلكين !

ونعلم أيضا أن هناك قانون ينظم المنافسة ويمنع الممارسات الاحتكارية  ، ولا أعلم إن كان القانون مفعلا أم لا ..

شأنه شأن قوانين كثيرة سنها المشرع لصالح المواطن لكنها وجدت طريقا للرف في أرشيف الدولة العميقة !

ما أعرفه جيدا أنه في حالة الحرب تكون الحاجة إلي الضبط والربط في كل ما يحتاجه المواطن من الأسواق ضرورية

وحتمية ، وأعلم أن وزارات مثل التموين والإعلام هي وزارات حرب .. بمعني أن الحاجة إليهما تكون إلزامية في أوقات

الحروب .. الأولي تضبط الأسعار وتمنع الاحتكار وتتيح السلع وتفسح المجال للمنافسة لصالح المواطن ، والثانية

تمارس دور توعوي وإرشادي لكيفية التعاطي مع مثل هذه الأزمات ، ودور تحذيري لمن يتلاعب بأقوات الناس ليحقق

مكاسب ويصبح غني حرب

طبعا نحن في حالة حرب – لمن يسأل – وإن كنا لسنا طرفا فيها بشكل مباشر .. لكننا طرفا في تحمل تأثير نتائجها

وتداعياتها التي تطال العالم كله

أعود لتصريحات الحكومة التي آخرها أول أمس حيث قال رئيس الوزراء ” اطمئتوا .. مخزون السلع الاستراتيجية آمن

” وهذا بالقطع جهد مقدر ومشكور للحكومة ، ولكن إذا كان مخزون السلع آمن ووفير وكان بأسعار ما قبل الأزمة

بشهور .. لماذا ارتفعت أسعار كل شيء من اللحوم والدواجن والأسماك ورغيف الخبز غير التمويني حتي قرص

الطعمية وحزمة الجرجير وكوب العصير قبل أن يصل إليها تأثير تلك الحرب اللعينة

الحديث عن معارض السلع ومبادرات وزارة الداخلية وجهاز الخدمات ومنافذ وزارتي التموين والزراعة لا يكفي ولا

تستطيع كل الفئات الفقيرة الوصول إليها لأن نسبة كبيرة منهم تتجه للأسواق التي اعتادوا الشراء منها ،  كما أن

الحديث عن تخفيض في الأسعار بنسبة تصل إلي 25 % يحتاج إلي توضيح .. هل هذا التخفيض علي السلع قبل

رفع أسعارها أم بعد رفع أسعارها ؟

في تقديري أن أخطر ما يواجه الدولة بشكل عام والحكومة بشكل خاص في هذه الأزمات هم أغنيار الحروب الذين

تنتفخ جيوبهم من استغلال المستهلك برفع غير مبرر للاسعار واحتكار السلع ..

في وقت الحرب احتكار السلع ورفع أسعارها واستغلال حاجة الناس جريمة ترقي لمستوي خيانة الوطن لأنها تهدد

الأمن القومي له وتزعزع السلم الأهلي فيه ، والخيانة في وقت الحرب تستوجب العقاب الذي يصل إلي الإعدام

وليس الحبس أو الغرامة ومصادرة السلع .. هذا إذا أراد رئيس الوزراء وأرادت الحكومة أن نطمئن !

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.