الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : خبزنا كفافنا

الكاتب محمود عبد السلام

الأغنية الشهيرة ( القمح الليلة ليلة عيده ) غناء وتلحين الموسيقار الكبير محمد عبد

الوهاب وكلمات حسين السيد . تعتبر احتفالية فنية مبهجة وسعيدة لحصاد محصول

القمح ،

عام من التعب والجهد والعرق من شق الارض وحرثها والقاء البذور والرى بالمياه لارضنا

الخصبة وفيرة الانتاج بعدها تتحول الارض السمراء الى اللون الذهبى الذى يضوى تحت

شعاع الشمس مثل سبيكة من ذهب .

القمح يتحول الى خبز والخبز عيش وعيش معناها حياة ، اطلق المصريون على الخبز

اسم ( العيش كناية عن اهميته وان الحياة بدونه هلاك )

وفى الجغرافيا الاقتصادية يطلقون على دول حوض البحر المتوسط ومن بينها مصر ( الشعوب اكلة الخبز )

وتاريخياً غزت روما مصر واحتلتها عام 30 قبل الميلاد طمعاً فى ثروتها من الغلال خاصة القمح فكانت بمثابة سلة

غلال العالم .
ومنذ اصبح زراعة القمح فى مصر يمثل ازمة متشابكة ومعقدة ولا احد يفهم اسبابها ولا احد يريد ان يتبرع ويشرح لنا

فلسفة الزراعة فى مصر ، ولا احد من الخبراء الاستراتيجين المرموقين خرج علينا باجابة السؤال الازلى كيف يكون

القمح سلعة استراتيجة ولا نملك زراعتها ؟

ولم يخرج احد من جهابذة الاعلام الروبتات بمناقشة القضية واعتبارها امن قومى مثل اشياء اخرى كثيرة فى حياتنا

امن قومى وماهى بامن قومى !! ، فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى ،

اذكر ان السيدة الفاضلة سكينة فؤاد الكاتبة الصحفية ، قامت بحملة صحفية على صفحات جريدة الاهرام تشرح

بالادلة العلمية اننا نملك خبراء زراعيين توصلوا بابحاث علمية موثقة لانتاج سلالة من القمح لا تحتاج الى ماء غزير

وممكن ايضاً ريها بماء مالح وفى ارض رملية وعلى مااذكر ان الدكتور العالم الزراعى الكبير محمد مستجير كان رائد هذه الابحاث .

وقتها كان يتولى وزارعة الزراعة يوسف والى ، الذى رد على الحملة الصحفية للاستاذة سكينة بزراعة الكانتلوب بدلاً من القمح ، وايضاً زراعة الفراولة ومنتجات اخرى للتصدير ، تحت شعار نصدر بالعملة الصعبة ونستورد بها قمحنا .

كما اذكر ان صحف المعارضة وقتها ( قبل موتها سريرياً )هاجمت والى واتهمته بالعمالة لاسرائيل والتعاون معها فى

الابحاث الزراعية للقضاء على ثروة مصر من الاراضى الخصبة ، استمر بعدها يوسف والى اكثر من عشرين عام وزيراً للزراعة ؟

واغلق الملف فى حينه واستمرت مصر على مدار اربعين سنة تستورد اهم سلعة استراتيجية فى حياتها ، اربعون

عاماً والرقعة الزراعية تتناقص واهم انتاجنا القومى من طعامنا تنتجة دول غيرنا .

لم يأت علينا لحظة استفاقة سياسية او ثقافية او اعلامية لتتوقف عند السؤال الاهم والاعظم فى تاريخنا المعاصر

ماذا لو حدثت كارثة عالمية ادت الى توقف توريد القمح لنا ؟

او امتنعت الدول الصديقة عن توريده لانها اصبحت غير صديقة ؟ وماذا اذا قلت مواردنا من العملة الصعبة التى نستورد بها القمح ؟ او اردنا الدخول فى حرب دفاعاً عن مياهنا ( مثلاً) ؟

كلها اسئلة مطروحة وحيوية ومهمة مثل الماء والهواء.

بعض المحللين وانا لست منهم تحدثوا عن خيانة فى مرحلة ما من تاريخ مصر وبعض المتفائلين وانا منهم يؤكد ان هناك سوء تخطيط وعدم القدرة على تحديد اولويتنا ولا هناك منهجاً علمياً يحكم حياتنا .

سترفع الحرب فى اوكرنيا الاسعار على مستوى العالم كله لا محالة وستتاثر كل دول العالم ، لكن الدول ذات الاقتصاد الهش التى تستورد اغلب طعامها ، واستهلاكها من السلع الاساسية ستكون الاكثر تاثرا بلا شك وفى مقدمتهم مصر اكبر مستورد للقمح فى العالم ، وستهتز الارض تحت اقدام الانظمة المستقرة فى العالم الثالث بفعل هذا الغلاء وليس مستبعد حدوث بعض التوترات اوالثورات فى بعض بلدان العالم .

الدروس فى التاريخ كثيرة والعبرة باتخاذ مايلزم لتدارك الاخطاء الفادحة على مر التاريخ التى ارتكبت بحق الوطن .
الدعاء الى الله مستحب فى تلك الاوقات ، فلنتضرع الى العلى القدير الى يهدينا الى طريق الصواب واتخاذ القرارات الصحيحة
، وان يعطينا خبزنا كفافنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.