عبد الناصر البنا يكتب : العائد إلي الحياة

في أغسطس عام 2016 وبعد 3 سنوات من فض إعتصام رابعة العدوية الشهير ، كانت شعارات الثورة المباركة عيش .. حرية .. عدالة إجتماعية .. كرامة إنسانية لاتزال تسيطر على أفكارنا ، بعد أكبر عملية خدعة يتعرص لها شعب فى التاريخ ، تلقيت مكالمة هاتفية من أحد جيراننا فى الصعيد ، بعد أن علم أنى أعمل فى مجال الإعلام وعرض على مشكلتة التى تبدو أغرب من الخيال !!
أعتقد أننا جميعا نتذكر جيدا يوم 13 أغسطس عام 2013 ذلك اليوم الذى إستيقظ فيه المصريون فيه على خبر فض إعتصامى رابعة والنهضة ” وهى الأماكن التى إتفق أنصار المعزول محمد مرسى لـ يعتصموا فيها لـ حين تنفيذ مطالبهم وهى عودة مرسى إلى الحكم ” ، وبعد صبر طويل ومفاوضات مضنية تم الإفصاح عنها فيما بعد بين جهات سيادية وقيادات لـ الإخوان وهو مافضح نواياهم فى المتاجرة بالقضية التى وصفوها ” بالمذبحة ” فيما بعد ، ولعلنا نتذكر ماقاله محمد البلتاجى والربط بين مايحدث فى سيناء وتخلى السيسى عن السلطة .. إلخ
ولعلنا نتذكر أيضا المدرعة التابعة لقوات الشرطة المصرية البواسل التى سقطت من أعلى كوبرى 6 أكتوبر فوق طريق الأوتوستراد أثناء محاولة الاخوان إجتياز قوات الشرطة والإنضمام إلى معتصمى رابعة العدوية أثناء عملية فض الإعتصام فى يوم 14 أغسطس عام 2013 .
عن تلك الواقعة تحديدا دارت المكالمه المطولة التى حكى لى فيها إبن قريتى هيثم عوض الله عباس أحمد سليمان المقيم فى محافظة قنا ـ مركز نجع حمادى ـ قرية هو شارع القنطرة ، أنه كان مجندا فى قطاع الأمن المركزى بمعسكر الفتح فى مدينة نصر ضمن أفراد كتيبة ” دعم عمليات قتالية وعمليات خاصة ” تجنيد 4/2012
يقول : كنت أحد أفراد طاقم المدرعة التى سقطت من أعلى كوبرى أكتوبر . ونتج عن الحادث وفاة السائق وإصابة أفراد طاقمها وعددهم 6 مجندين بكسور وإصابات متعددة ، فضلا عن إصابه النقيب عمر على أحمد الرفاعى ، وكانت حالتى خطيره جدا حيث أصبت بنزيف داخلى فى الرأس والبطن ونظرا لخطورة حالتى نقلت إلى العناية المركزة فى مستشفى الشرطة بمدينة نصر يوم 14 /8/ 2013 ومعى النقيب أحمد الرفاعى أيضا لخطورة إصابتة ، وعرفت بعدها أنهم سفروه يتعالج فى ألمانيا ويعملوا له عملية هناك وإتمنيت له الشفاء .
إصاباتى كانت كتيرة ” نزيف داخلى فى الرأس والبطن ــ كسر فى الفخذ الأيمن إستدعى تركيب مسمار نخاعى بطول 36 سم نتج عنه خشونة فى الركبة ــ كسر فى مفصل الرجل الشمال نتج عنه خشونة فى المفصل ــ كسر فى الذراع الأيمن ــ رجوع 2مم فى الفك الأسفل ” والحمد لله أنه كتب لى الحياه .
إتعالجت لمدة 54 يوما وبعدها خرجت من المستشفى فى يوم 8 أكتوبر 2013 وبدأت رحلة العلاج الطبيعى
وقتها حولونى إلى ” القومسيون الطبى ” فى مستشفى أحمد جلال ، وفوجئت بقرار غريب من اللجنة يوصى بتكملة مده خدمتى . يصمت لـ فتره وهو يضخك ، ثم يواصل حديثه فيقول : أشهد الله أننى وهبت حياتى وروحى فداءا لبلدى ، وهان كل حاجة فى الدنيا بعد ماشفت الموت بعينى ، وبصوت مخنوق يقول اللجنة شايفه بعينها حالتى المتدهورة والعاهات المستديمة وعجزى عن الحركة ( وتوصى بتكملة خدمتى ) !!
ح تصدق بالله لو قلت لك أنى كملت مدة خدمتى قاعد على كرسى متحرك ، الظباط ولاد الحلال كانوا متعاطفين معى ، لغايه ماأنهيت فتره تجنيدى فى 1 يونيو 2015 . وأنت تستمع إلى كلام الشاب تشعر بطعم الألم والمرارة فى كلامه ، دفعنى الفضول لمعرفة سر هذا الحزن الدفين ، فقال لى : أنا لو مت كان أكرم لى !!
أنت محبط ياهيثم ، قال : أنا مش محبط ولا ندمان ، لكن حزين ، أقدر أعرف إنت حزين ليه ؟ قال : أنا حزين
علشان إحنا ولاد الغلابة ، إحنا إللى مالناش ضهر يحمينا ، لما تلاقى إتنين من زمايلك إللى إتصابوا معاك أخدوا تعويض ، وإتعمل لهم معاش ، على الرغم من إن إصاباتهم أقل من إصابتى، تحزن ولا لأ . لما تحصل لى مضاعفات وأصاب بغرغرينا فى قدمى وترفض مستشفى الشرطة دخولى أتعالج ، وأهل الخير يتبرعوا لى علشان ينقذوا رجلى من البتر أحزن ولا ما أحزنش .
عندك حق طبعا تحزن ، وقبل أن أنهى مكالمتى التى طالت سألته هيثم : أنت مشكلتك فى العلاج ولا حاجه تانيه ؟ قال : أنا حاصل على الشهاده الإبتدائيه ، وماقدرتش أكمل تعليمى علشان أساعد أبويا وأمى وإخواتى الـ 3 وأخت متزوجه ، وربنا وحده أعلم بحالنا . وأنا مش بنشحت أو أتسول من حد ، أنا دلوقتى مش قادر أشتغل وأنا عامل باليومية ، محتاج الدولة تساعدنى ، وكل ما أطمع فيه هو معاش شهرى يعيننى أنا وأسرتى على مصاعب الحياة . الإصابات إللى عندى عملت لى عاهات مستديمة ، وخلتنى غير قادر على العمل ، وإنت عارف الغير متعلم مالوش عير العمل واليدوى .
هيثم .. أوعدك أنا مش ح أترك باب مسئول فى مصر إلا وطرقته لعل وعسى يكون هناك حلا لـ مشكلتك وطلبت منه إرسال كل المستندات الرسمية التى تدعم كلامه ، وبالفعل أرسلها ، وتقدمت فى عام 2016 بإلتماس إلى معالى اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية وقتها ، وشرحت له الحالة وقد سلمت الإدارة فى التجمع فايل مدعم بكل المستندات ، وإستضفت اللواء مدير قطاع حقوق الإنسان فى الوزارة وقتها وسلمته فايل بالحالة ، وعرضت المشكله على سياده النائب اللواء ” ت . الـ ” عن دائرة مدينة نصر الذى كان يعمل بأحد الأجهزة السيادية وسلمت مدير مكتبه فايلا .. وغيرهم كثير من الجمعيات والمؤسسات الأهلية التى صدعتنا بمصر هى أمى .. إلخ .
والطريف فى الأمر كل واحد عرف مشكلة هيثم والظلم الواقع عليه ، إلا وحلف بشرف أمه أن الموضوع منتهى ، لكن يبدو أننا فى وقت عز فيه الشرف ، هيثم حى يرزق حتى الآن ، وظروفه تصعب على الكافر ، وكل المستندات موجوده لدى ، وأدعو كل من كان فى قلبه ذره رحمة وقرأ وتعاطف مع ” هيثم ” أن يوصل صوته إلى فخامة رئيس الجمهورية شخصيا ، وماينساش يسلم لى على كل المسئولين إللى ذكرتهم .. وتحيا مصر