الشيخ إكرامي منير ريحان يكتب : سبل الوقاية من أخطار الحرب بين روسيا وأوكرانيا من منظور اسلامي

الشيخ إكرامي ريحان
بات كثير من المسلمين في شتي بقاع الارض يتساءلون عن مدي امكانية توقي اخطار واثار مثل هذه الحرب , وهل ستصمد الامة الاسلامية امام كل هذه الصراعات والمتغيرات سواء الطبيعة او غير الطبيعة والتي تحدث حول العالم .
وهذا ما اجاب عنه حديث النبي صلي الله عليه وسلم عن عن ثوبان رضي الله عنه – إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها فإنَّ أُمَّتي سيبلُغُ مُلْكُها ما زوَى لي منها وأُعطِيتُ الكَنزَيْنِ : الأحمرَ والأبيضَ فإنِّي سأَلْتُ ربِّي لِأُمَّتي ألَّا يُهلِكَها بسَنةٍ عامَّةٍ وألَّا يُسلِّطَ عليهم عدوًّا مِن سوى أنفسِهم فيَستبيحَ بَيْضَتَهم فإنَّ ربِّي قال : يا مُحمَّدُ إنِّي إذا قضَيْتُ قضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ وإنِّي أُعطيكَ لِأُمَّتِكَ ألَّا أُهلِكَهم بسَنةٍ عامَّةٍ وألَّا أُسلِّطَ عليهم عدوًّا مِن سوى أنفسِهم فيستبيحَ بَيْضَتَهم ولوِ اجتَمَع عليهم مِن أقطارِها أو قال : مَنْ بَيْنَ أقطارِها حتَّى يكونَ بعضُهم يُهلِكُ بعضًا ويَسبي بعضُهم بعضًا )
ففي هذا الحديث الشريف يخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن بعض ما انعم الله به عليه وعلي أمته من نعمة الأمان علي جميع الأصعدة وأنه حفظهم من عدوهم وكذلك من السنة العامة (القحط) والأوبئة العامة وما شابه .
يقول النبي صلي الله عليه وسلم مبلغا عن رب العزة (اني أعطيتك ) أي عهدي وميثاقي وقضائي الذي لا يرد وفي الحديث الشريف تأملات وحقائق دقيقة علي جميع الأصعدة .
فعلي البعد الاستراتيجي : يخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن (ملك أمتي) ويبدو أن المقصود بالأمة هنا أمة الاجابة سيبلغ المشرق والمغرب أو يمتد في الجزء الاغلب منهما وهذا ما حدث بالفعل وهو أمان استراتيجي لأمته وفيه دلالة واضحة علي صدق نبوته صلي الله عليه وسلم .
البعد العقائدي : قوله (اذا قضيت قضاء) أي حكمت حكماً مبرماً , فانه لا يرد , قال أهل العلم : أن القضاء قضائين , قضاء مبرماً , وقضاء معلقاً بفعل كما لو قال ان فعل الشئ الفلاني سيكون كذا وكذا وان لم يفعل فلا يكون كذا وكذا ,. اذ الاول : وهو القضاء المبرم (المقضي) من قبيل ما لا يتطرق اليه المحو والاثبات  , قال تعالي (والله يحكم لا معقب لحكمه) وأما الثاني (القضاء المعلق) فهو من قبيل ما يتطرق اليه المحو والاثبات , قال تعالي (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) , ولكن السؤال الآن هو : هل هذه النعم المذكورة في الحديث الشريف من العصمة من الاعداء وامتداد ملك الامة الاسلامية شرقا وغرباً وعدم اخذهم بسنة عامة (قحط عام) وهل من قبيل القضاء المبرم أم القضاء المعلق ؟ أم أن بعضها من قبيل الأول والبعض الاخر من القبيل الثاني ؟
ويبدو لنا أن بعضها من قبيل الأول بالفعل والبعض الاخر من قبيل الثاني بدليل أن الله عز وجل أجاب النبي صلي الله عليه وسلم لبعضها ولم يجيبه للبعض الاخر وهو (كونه المسلمين ربما يقتل بعضهم بعضاً او يسبي بعضهم بعضاً) .,وما كان من قبيل الأول فهو فضل من الله ونعمة ويحتاج الي شكر المنعم تبارك وتعالي وما كان من قبيل الثاني فيحتاج الي صبر ومثابرة واستقامة علي منهج الله عز وجل حتى تنجو الامة ولا يتحقق فيها هذا القضاء بفضل الله وعونه .
البعد الاقتصادي : في قوله صلي الله عليه وسلم (الا ياخذهم بسنة عامة) أي لا يهلكهم بقحط عام , بل ان وقع القحط فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة لباقي بلاد الاسلام . بحيث يمكن الغوث والتكافل في سبيل جبر هذا الضرر والنقص الواقع في هذه الناحية . وفيه ارشاد المسلمين الي ضرورة التعاون والتكافل فيما بينهم وسعة التبادل التجاري والاقتصادي فيما بينهم في وقت السلم والحرب  لبناء قوة اقتصادية تستطيع مجابهة مثل هذه الظروف وغيرها ليكون المسلمين علي أتم الاستعداد لتوقي مثل هذه الظروف سواء كانت ظروف طبيعية أو غير طبيعة , وهذا واجب يسير طالما أن الله تعالي كف عنهم الخطر الكبير وهو القحط أو السنة  .
البعد الأمني : في قوله (وأن لا يسلط عليهم عدوا من الكافرين من سوي انفسهم فيستبيح بيضتهم) أي جماعتهم وأصلهم والمعني ان يهلكهم عن اخرهم كما حدث مثلا في مدينتي هيروشيما وناجازاكي ابان الحرب العالمية الثانية , وهذا لن يحدث لامة رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا امان خاص لامة الاسلام , ويبدو ان هذا الامان من قبيل القضاء المبرم او الامر المقضي وربما كان من قبل القضاء المعلق علي شرط الاستقامة علي منهج الله عز وجل وطاعته,  وإلا سلط عليهم عدوهم ونزع الرهبة من قلوب عدوهم كما في حديث ثوبان رضي الله عنه (يوشك أن تتداعي عليكم الامم كما تتداعي الاكلة الي قصعتها ) ويرشدنا الحديث هنا الي ان الامة لابد ان تستعد بسلامة العقيدة وحسن العمل والاستقامة علي منهج الله عز وجل ونبذ الفتن والخلافات والعمل في سبيل الله صفا واحدا .
نسأل الله العلي العظيم ان يحفظ أمة الاسلام وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.