محمد نبيل محمد يكتب : الاستثمار الثقافى فى مدن القناة وسيناء

محمد نبيل محمد

أصبح الاستثمار الثقافى آلية منهجية ومخططة بدقيق العلم وموافقة الواقع للوصول لهدف أسمى نسعى لتحقيقه وهو أن تكون “الثقافة نمط حياة” وتقول أدبيات التخطيط العلمى أنه : كلما كان التخطيط واقعيا كلما كان قابلا للتنفيذ, ومن هنا تحتم الإعتماد على الإمكانات المتاحة والقدرات الممكنة والمحتملة, حتى لا يكون التخطيط رومانسيا حالما معلقا بفضاء الخيال بعيدا عن حيز التنفيذ, ومن هنا كان لزاما تحديد الإمكانات المتاحة والممكنة التى بمثابة الوقود الدافع لاندفاع قاطرة الاستثمار الثقافى, ومن تلك الإمكانالت وربما أولها هو إبداع العقل البشرى, ذلك لأن الإنسان هو أول عناصر الإنتاج ويليه رأس المال فالموارد أو ما يطلق عليها الأرض ثم التخطيط الجامع لهم تحقيقا للهدف, ولأن هذا العنصر الركين فى عملية الاستثمار الثقافى وهو الإبداع الإنسانى وهو المتوفر كما وكيفا بغزارة وكثرة تعاند الندرة وتغالب الشح فى جغرافية القناة وسيناء, ووجب حسن استثماره أولا وقبل بقية عناصر الإنتاج, وهذا العنصر لا يتميز بالإبداع الفكرى وفقط بل أيضا بالخبرات الحياتية والتجارب المتراكمة كتراكم طبقات الأرض فى تماسكها وتنوعها وثرائها, فالمثقف المصرى على وجه العموم وأبناء القناة وسيناء على وجه التحديد (السينائى أوالسيناوى لسهولة النطق ولشيوع اللفظ والقناتى نسبة لأهالى القناة وهو النسب الأحق عند اللغويين لكنه مهجور) هذا المثقف إضافة لإرثه الذى تجاوز سبعة الاف عاما من الحضارة الإنسانية إلا أنه أيضا يملك من خصوصية ثقافة الإنتماء والولاء للأرض الأولى للإنسان, وخصوصية ممارسة التضحية والفداء للأرض المكنية بأنها “خزائن الله فى أرضه”, وخصوصية التشييد والبناء للأرض التى نبتت بها المسلات وجاورت جبالها المعابد وصاغ أبنائها العلوم والمعارف, ونُظمت لبطولاتها المعلقات, وسردت النصوص حكاياتها, ونُقشت على جدرانها الرسوم زاهية الألوان مسموعة الألحان, هذا الإنسان وإبداعه هو الأحق بالبدء فى الاستثمار الثقافى , ونعود لجملة سابقة عن تحويلات ناشئة وتحويرات حادثة لأسلحة الحرب الكلاسيكية لتكون الثقافة فى عصرنا أهم أسلحة الضغط والتأثير, وربما هى صاحبة السبق فى الإحتلال وليس للأرض إنما للعقول والصدور فتتغير أنماط التفكير وتتبدل حالات الوجدان تبعا للمضامين الثقافية التى تتخذ قوالب وآليات عدة ومتنوعة منها المكتوب والمسموع والمرئى المسموع والاليكترونى ومنصاته الافتراضية ولا غبار عن اعتماد ألوان موسيقية مبتذلة والترويج لها بحملات اعلانية ضخمة لتفرض وجودا حقيقيا وفاعلا فى المحيط الثقافى وبالتالى الإجتماعى,إلى غير ذلك من التنويعات الثقافية التى يستثمر فيها شركات عابرة للقارات بهدف تحقيق الغاية الاستراتيجية من الاستثمار الثقافى المعادى وهو حلحلة النسق الإخلاقى وهدم النموذج القيمى وبذلك يفقد المصرى هويتها التى تميزه عمن سواه عبر التاريخ ويكون للحاضر تشويه لهذه الشخصية وصولا لمستقبل يسهل انقياده لصالح المستثمر الثقافى المعادى, وتتحول الشخصية المصرية لمربع السكون وتصبح مفعول بها .
من هنا كان مقتضى الحال يستوجب التخطيط لاستثمار ثقافى وطنى يحفظ الهوية المصرية أولا بما تتصف به من جماليات الأخلاق وسمو المبادىء ورقى القيم, التى فى النهاية السبيل لاستمرار تحضر الانسان المصرى, وربما كانت أخص البيئات الصالحة للاستثمار الثقافى هى أرض سيناء والقناة ووسط أهليهما ذلك لإعتبارات سبق الإشارة إليها ولأنهم خط الدفاع الأول – دائما- عن الوطن , وثانيا لسهولة تحقيق عوائد سريعة للاستثمار الثقافى فبنظرة راصدة للواقع الثقافى بمحافظات سيناء والقناة تجداستيعاب القائم بالاتصال الثقافى من المثقفين والمتلقى من الجمهور والداعم المؤمن بالرسالة للبيئة الثقافية من الكيانات الحكومية والمجتمعية المدنية, فعلىسبيل المثال لا الحصر تجد ممثل الثقافة وهى قصور الثقافة فى الاسماعيلية متواجدة بجامعة القناة صباح اليوم فى ندوة لشباب الجامعة وفى عصر اليوم فى استعراض لكتاب بالمكتبة العامة ومساء ذات اليوم فى استضافة وكيل مجلس الشيوخ النائبة الموقرة فيبى فوزى, وتليها ندوة لنيافة الانبا إرميا تحت عنوانم “معا نبنى مصر” وفى بهو القصر معرضا للكتاب, وتنفيذ على مدار شهر بقرى الاسماعيلية شرق القناة بالقنطرة شرق مشروع حياة كريمة فى جوانبه الثقافية ، وفى يوم آخر ببورسعيد عاصمة الثقافة المصرية تجد معرض للفن التشكيلى أو قل معارض متتالية للخط العربى والتصوير الفوتوغرافى والرسم بأنواعه ومجسمات ومنحوتات ومشغولات بالتوازى مع انشغال المسرح بعرض لفرقة الموسيقى العربية وتليها ندوة يحاضر فيها وزير الاعلام الاسبق اللواء طارق مهدى وفى ذات الوقت ندوة أدبية بقاعة نادى الأدب المركزى وفى شمال سيناء تلحظ عبورا متجددا لأدباء القناة لشرق القناة وبالتحديد الى العريش فى رسالة وحيدة وواضحة ان المثقفين من القناة لديهم رغبة وعزيمة فى مشاركة جيشهم وشرطتهم مواجهةالارهاب واعادة بناء العقل الجمعى واقتسام حالة المقاومة مع اخوانهم من أهالى سيناء فى سلسلة صالونات تحت عنوان “الأدب وآفاق الجمهورية الجديدة”, وفى جنوب سيناء مشروعات ثقافية متتالية ومتوازية كأهل مصر للأطفال الحدودية ومعارض كتاب الوديان وورش الحرف البيئية والتراثية , وفى السويس افتتح المحافظ معرض للكتاب ويليه حفل ثقافى فنى وأدبى بجامعة السويس بحضور العلامة وسيم السيسى والمؤرخ عبده مباشر ومعرضا للفن التشكيلى وكذلك تعقد ندوة عن نجيب محفوظ للكاتب طارق الطاهر يليها اجتماع نادى ادب الاسماعيلية فالاحتفال بالاسراء والمعراج بقصر ثقافة الاسماعيلية بحضور قامات دينية من شيوخ ومنشدين وعلماء ومنهم الاستاذ الدكتور حسن يوسف فى ذات الليلة تتشابه الفعاليات فى السويس وبورسعيد وشمال سيناء التى تحتفل مع محافظها واساتذة جامعتها بمؤتمر التمكين لاصحاب الهمم بقصر ثقافة العريش ومثل الحدث بقصر ثقافة الاسماعيلية ولجنوب سيناء بقصرى ثقافة شرم الشيخ والطور تقيم الفرق الفنية احتفالات بليلة الاسراء والمعراج وكل تلك المشروعات الثقافية تتم بالتوازى وبالمصادفة فى يوما واحد أو على يومين مما يعكس قدرة المواطن السيناوى والقناتى على تلقى واستيعاب كافة أشكال الاستثمار الثقافى وهكذا كفاءة المثقف القناتى والسينائى لبذل طاقات إبداع للحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية وكذلك إيمان المسئولين الحكوميين والمهتمين من المجتمع المدنى بأهمية إنجاح الاستثمار الثقافى فى ذ ذمدن القناة وسيناء.
ولنا قادم ان شاء الله مع الاستثمار الثقافى فى محافظات القناة وسيناء,

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.