نحن بلا شك نعيش فى عالم بائس ، انهار من الدماء سالت على الارض ومازالت . الحروب فى كل مكان على وجه
البسيطة ، والدول التى كانت بالامس مطمئنة اليوم تخوض معارك مصير ،
لا أحد على هذا الكوكب يعيش بعيداً عن القلق خائفاً على مصيره او مصير من يحب . أطنان من القنابل الذرية
مكدسة فى المخازن تكلفت تريليونات من العملات المختلفة ، تستطيع تلك الاسلحة تدمير العالم مئات المرات
وانهاء سلالة الجنس البشرى من على الكوكب ، بل تدمير الحياة كلها ، نبات ، وحيوان ، وحتى الجماد .
سيفنى الجميع فى لحظة واحدة الجانى والبرئ ، المعتدى والمعتدا عليه الجميع سيذهب الى مصير لا يعلم مداه
الا الله . ابدع الانسان حضارة انسانية عظيمة واكتشف علوم متقدمة جداً وابدع فنون غاية فى الرقى ، لكنه ظل
يحمل فى جيناته شريعة الغاب .
لم ينس انه بعد قليل من وجوده على الأرض قتل اخيه لسبب تافه ، واستمر القتل بين البشر من وقتها حتى الان ،
سكن الانسان الكهوف ليحمى نفسه من بطش الوحوش ،
وصنع السكاكين والحراب ليدافع بها عن نفسه ويصطاد بها غذائه لكنه اضاف على ذلك استخدامها كوسيلة للقتل ،
لقتل اخيه فى الانسانية . شهوة البقاء دفعت الانسان لوسائل اقتتال اقوى واكبر حتى يضمن بها قوته وامانه
ويحمى بها نفسه من اقرب الناس اليه .
اختراع الحدود الفاصلة بين الدول كان فى الاصل لحفظ السلام بين الشعوب الرعوية الاولى التى كانت تبحث عن
الماء والكلئ تماماً مثل الحيوانات التى ترسم حدود ممالكها برائحة تفرزها او بواسطة قضاء حاجتها فى مساحة
محددة حتى يعلم الجميع الحدود الخاصه بها.
ظلت السيوف والحراب سيدة الاسلحة بين الشعوب التى كانت تتقاتل وعندما اخترع الانسان العجلة الحربية كان
وقتها اختراعاً حربياً مذهلاً . ثم عرف الانسان المسكين سباق التسلح ، بالتوفير من غذائة حتى يستطع توفير
سلاح متطور لحماية نفسه من غارات اخيه الانسان .
ثم عرف البشر معنى الجيوش والجيوش النظامية واجتاحت الامبراطوريات الكبرى العالم كله لامتلاك الثروات ، وفى سبيل ذلك قُتْلّ ملايين ملايين البشر عبر التاريخ .
حتى تفتق عقل الانسان عن اختراع البارود فاخترعت القنابل التى تبيد العشرات والمئات الى ان تم اكتشاف الذرة
واصبح القتل بمئات الالاف فى لحظة واحدة مثل ماحدث حين القت امريكا قنبلتين على نجازكى وهيروشيما فقتل
فى اول نصف ساعة فقط حوالى ١٠٠ الف يابانى فى هيروشيما غير مئات الالاف من المصابين .
ويقول المؤرخون ان امريكا لم تكن فى احتياج لالقاء القنبلة الذرية الثانية على نجازكى بعد ثلاثة ايام لان اليابان
كانت فى طريقها للاستسلام لكنها السادية الانسانية وشهوة القتل وحب الانتقام .
الذرائع للحروب كثيرة ومتعددة منها ماهو سياسى وماهو دينى وماهو حدودى لكن فى النهاية هى كلها ذرائع
ممكن ايجاد حلول لها سلمية
لكن الانسان بجبروته وعناده وشهوته القابعه فى اعماقه لحب سفك الدماء يرفض ان يعيش فى سلام . لو تم توفير
نفقات الحروب وصناعة الاسلحة واستثمارها فى بناء حضارة انسانية متكاملة لعاش الناس فى جنة على الارض ،
ولاختفت المجاعات والامراض والاوبئة . ( لكنه العقل البشرى )
أذكر حين كان ابونا وامنا حواء يرتعون بين جنبات الجنة ينعمان بثمارها ومطمئنان لاستمرارهما بضمان الخلود ، حتى
اغواهم الشيطان واخرجهم من الجنه الى عذاب الارض بثمن تفاحة .