” طيارة ورق ” .. قصة قصيرة للكاتب محمود عبد السلام

الكاتب محمود عبد السلام
ركض نحو الغرفة وأغلق الباب وجلس خلفه.أنفجر باكياً وادخل رأسه بين ذراعيه النحيلتين المشتبكتين مع ركبتيه ،وكلما تذكر أصحابه وهم يداعبون طائراتهم الورقية فى الهواء ، ارتفع نشيجه .
أمتدت يد رقيقة داعبت شعره ومرت برفق على وجهه المبتل بالدموع .رفع عينيه ليجد خاله أمامه بابتسامته الحانية .أخذه من يديه ونزل إلى الشارع .مر على أصدقائه وهو فى طريقه إلى عم عبده الخردواتى صانع الطائرات.
رمقوه بنظرات خجله تقدم إعتذار عن لعبهم دونه.وصل إلى الدكان المعلق على ضلفته القديمة طائرات كثيرة ألوانها جميلة نظر إلى خاله. ..فقال له اختر ماشئت .أختار واحدة ذات ألوان ثلاثة متداخلة الأحمر مع الأبيض والاسود.وأنتقى خيطا قويا لونه بنفسجى .
وفى طريق العودة كان يحمل بفخر فى يده الطائرة الكبيرة محاولا لفت الأنظار إليها ومتابعاً ردود فعل أصدقائه ، ويده الأخرى قابضة على كف خاله المنبسط.
مسرعاً إرتقى سلالم الأدوار الأربعه مغادراً كف خاله.وصل إلى سطح المنزل وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة . لكنه صدم عندما وجد باب السطح مغلقاً بقفل كبير .
نظر إلى الباب الموصد طويلاً كأنه يرجوه أن يفتح ، ثم طأطأ رأسه وأخذ يهبط الدرج فى يأس لكنه فى لحظة تذكر أمه. ترك الطائرة على باب السطح ونزل مسرعاً .
وجد أمه تصلى .وقف منتظراً وهو يملؤه الغيظ وراح يدور حولها ليستعجلها لإنهاء الصلاة .ارتمى فى حضنها وهو ينهج بعد أن فرغ صبره وأنهت صلاتها ،
أخذ يرجوها أن تتوسط عند الحاج جاد صاحب البيت ليفتح له باب السطح .عدة طرقات على الباب فتحت على أثرها زوجة صاحب البيت .كانت كلمات الترحاب المتبادله بينهما كأنها دهر.ترجت أمه زوجة صاحب البيت .
تعللت قليلاً بأن الحاج جاد نايم ومتقدرش تصحيه لسبب مثل ذلك .لكنها أمام دموعه التى أنفجرت قالت لها : طيب استنى هخش اتسحب جنبه واشوف.
مرت اللحظات عليه كأيام ثم رآها تأتى وفى يداها المفتاح لم ينتظر .خطف من يدها المفتاح وركض نحو الدور الأول وأخذ يرتقى السلالم الواحدة تلو الأخرى
ومع كل سلمة تتراءى أمامه الطائرة وهى تحلق فى السماء .كان مواء القطط ينبئ عن معركة بينهم قرب سطح المنزل وتبدو من الأصوات المتناهية إليه أنها معركة شرسة .
عند البسطة الأخيرة قبل السطح أبطأ من الصعود حتى لا تصيبه القطط المنهمكة فى الصراع .وبحذر مد بصره من خلف طرابزين السلم .
لكن الصدمة صعقته عندما وجد الطائرة قد تمزقت تماما بمخالب القطط المتصارعة..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.